أثار الدكتور أحمد عكاشة، رئيس الجمعية المصرية للطب النفسى، مسألة قديمة لكنها لا تموت أبدا وذلك عندما ذكر فى أحد البرامج الحوارية أن هناك نوعين من الموت، أولهما "موت يعقبه يقظه وهو النوم"، والثانى "موت لا يعقبه يقظه، وهو الوفاة"، مضيفًا :" الوفاة عبارة عن إنسان نايم.. عارف لما 8 ساعات هو ده.. والناس اللى بتقول عذاب القبر، مفيش حاجة بالشكل ده".
وقضية عذاب القبر قضية أزلية لا نكاد نصل فيها لرأى قاطع فالمنكرون يملكون أدلة والمؤيدون يملكون أدلة أيضا:
أدلة المنكرين لـعذاب القبر؟
نعتمد فى ذكرها على كتاب "لا عذاب فى القبر" لـ جواد موسى والذى يقول فيه:
اختلف فقهاء ومشايخ المسلمين فى مسألة عذاب القبر خاصة عند انتقالهم لمناقشة التفاصيل غير الموجودة أصلا، قال أحدهم: عذاب القبر يقع على جسد الميت، وقال آخر يقع على جزء من جسده، وقال ثالث ترد روحه إليه (أى يحيى فى القبر) ولم يجزم البخارى رحمه الله بأنه يقع على الروح من مر الله بالنص، وأن لا أحد من البشر يعرف ماهيتها، إلا أننا وجدنا السابقين ومن المعاصرين من يزعم أن الروح هى التى تعذب".
ويقول الكتاب "فإذا علمنا أن عذاب القبر لم يرد ذكره فى القرآن وهو شىء بل شىء هام جدا يندرج تحت بند العقيدة فمجيئه فى أحاديث متناقضة أخبار آحاد) ظنية الثبوت لا يثبت بها عقيدة، إذ من المعلوم من الدين بالضرورة حرمة أخذ العقيدة بدليل ظنى الثبوت، لأن الظن لا يغنى من الحق شيئا".
ويتابع الكتاب و"إذا علمنا فى القرآن مئات الآيات لا تتفق مع عذاب القبر، ومنها ما تنفى وجوده تماما، فهل يصح طرح القرآن جانبا، والأخذ بأخبار آحاد ظنية الثبوت والدلالة؟ فالقرآن وجه قطعى الثبوت لا تناقض فيه ولا اختلاف، أما الأحاديث ففيها ما يفهم منها وجود عذاب فى القبر (ومنها ما ينفيه تماما) وقد فهم بعض المشايخ والفقهاء منها وقوع العذاب على الميت فى قبره، أى قبل بعثه وقبل محاكمته وإدانته، وهو فهم خطأ، وفيه اتهام الله تعال بالظلم.
أدلة المؤيدين لـ عذاب القبر
أما المؤيدون لعذاب القبر فلهم أدلتهم أيضا:
ما ورد فى الصحيحين ومسند أحمد وأبى داود والنسائى من حديث أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا وضع فى قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه يسمع قرع نعالهم أتاه ملكان، فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول فى هذا الرجل؟ - لمحم د- فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة، فيراهما، ويفسح له فى قبره سبعون ذراعاً، ويملأ عليه خضراً إلى يوم يبعثون.
وأما الكافر أو المنافق فيقال له: ما كنت تقول فى هذا الرجل؟ فيقول: لا أدرى كنت أقول ما يقول الناس، فيقال له: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطارق من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه".
وروى الترمذى من حديث أبى هريرة بسند حسن أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما: المنكر، وللآخر: النكير، فيقولان: ما كنت تقول فى هذا الرجل، فيقول: ما كان يقول: هو عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول، ثم يفسح له فى قبره سبعون ذراعاً فى سبعين، ثم ينور له فيه، ثم يقال: نم. فيقول: أرجع إلى أهلى فأخبرهم. فيقولان: نم كنومة العروس الذى لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك، وإن كان منافقاً قال: سمعت الناس يقولون قولاً فقلت مثله، لا أدري، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض: التئمى عليه، فتلتئم عليه، فتختلف أضلاعه، فلا يزال فيها معذباً، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك".
وعند أحمد من حديث عائشة بسند حسن :" فإذا كان الرجل الصالح أجلس فى قبره غير فزع، وإذا كان الرجل السوء أجلس فى قبره فزعاً"
وفى حديث البراء بن عازب الطويل الذى رواه أحمد وأبو داود وابن خزيمة والحاكم وغيرهم بسند صحيح وأوله: "إن العبد المؤمن إذا كان فى انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه " وفيه: " يحملونها (الروح) فى ذلك الكفن وفى ذلك الحنوط… ويصعدون بها... فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدى فى علين، وأعيدوا عبدى إلى الأرض، فإنى منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتعاد روحه، فيأتيه ملكان فيجلسانه…… وفيه: " فيفسح له فى قبره مد بصره ".
وفيه عند الحديث عن العبد الكافر وأن الملائكة تصعد بروحه فلا تفتح له أبواب السماء " فيقول الله: اكتبوا كتابه فى سجين فى الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحاً، فتعاد روحه فى جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه ……" وفيه: " ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه"، وهذا صريح فى أن الروح مع الجسد يلحقها النعيم أو العذاب. ويمكنك الوقوف على نص هذا الحديث العظيم كاملاً بالبحث عنه فى موسوعة الحديث الشريف بهذا الموقع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة