لم تتوقف نداءات الأسر المصرية خلال الأيام الماضية عن المطالبة بضرورة تعطيل الدراسة، خوفا من انتشار فيروس كورونا بين طلاب المدارس، بل وصل الأمر إلى أننى فى كل صباح أتلقى اتصالات عبر هاتف الجريدة لأولياء أمور يصرخون من أجل تعطيل الدارسة خوفا من الفيروس المستجد، بعدما خلق حالة من الرعب والفزع حول العالم لا مثيل لها، والحقيقة أن قضية استمرار الدراسة من عدمه يجب أن تخضع للعديد من المعايير الواقعية والفنية أود أن أطرحها فى السطور الآتية.
توقف الدراسة لفترة بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع مؤشر خطير على تفشى المرض داخل مصر وصعوبة السيطرة عليه، بما يعنى أن الوضع غير آمن وسينتج معه بالتبعية حالة رعب وفزع أكثر من الموجودة حاليا، وتنشط معه حالة الخوف وتظهر الاحتكارات وعمليات الاستغلال المنظمة على مستوى كل شيئ بداية من الكمامة والمطهرات، حتى ساندوتشات الفول والطعمية، التى قد تحقق أرقاما فلكية لو تم استغلال الأزمة بالصورة التى يرغبها البعض.
أولياء الأمور يطرحون فكرة تأجيل أو تعليق الدراسة دون أن يعرضوا البدائل المتاحة لديهم، فلو افترضنا أن الأب والأم يعملان، ولديهم طفل أو طفلين في المرحلة الابتدائية، ولا يمكن الاعتماد على تركهم في المنزل بمفردهم، فماذا نفعل فى هذه الحالة؟ هل يتغيب الأب أو الأم عن العمل، ليتولى أحدهم متابعة الأبناء، أو يكون القرار بتوجيه الطفل إلى "حضانة" وهنا نعود إلى نفس الفكرة مرة أخرى، فالحضانة لن تختلف كثيرا عن المدرسة، بل قد تكون المدرسة أفضل وأكثر اتساعا.
تعطيل الدارسة سيكون دافع كبير جدا لتعطيل العمل، بل لتوقف العمل وعجلة الإنتاج، فالكل سيتيح ويقدم مبررات للتغيب أو الإجازة أو عدم الحضور أو حتى الانقطاع، وهذا أمر لا يمكن أن نقبله فى دولة رأس مالها الشباب، الذين هم الوقود الحقيقى للعمل والإنتاج، فلا يمكن أن نقدم بأيدينا فرصة حقيقية لأعداء هذا البلد أن نعود خطوات إلى الوراء بترك أعمالنا وأشغالنا ومصالحنا من أجل الفزع من فيروس انتشاره محدود للغاية وحالات الإصابة به لا تشكل نسبة يمكن فهمها من جملة السكان.
التزام المنازل وتعليق الدراسة ليس حلا لمواجهة كورونا في الفترة الراهنة، إلا أننا يمكن أن نطرح حلولا عملية وواقعية بصورة أفضل من فكرة تعليق الدراسة كأن يتم تبكير مواعيد الامتحانات لأسبوعين أو ثلاثة، وتكثيف المناهج بصورة تجعلنا خلال شهر واحد من الآن أن ننهى الفصل الدراسى الثانى، وهذا إجراء يمكن تطبيقه فى المدارس والجامعات، إلا أن تعليق الدراسة فى الوقت الراهن ولأجل غير مسمى لن يكون فى صالح الأمن القومى المصرى، خاصة أن بؤر الفيروس فى العالم كله بدأت فى التراجع، والصين صاحبة أكبر نصيب منه بدأت فى الإعلان عن علاجات جديدة، بل وظهر الرئيس الصينى في مدينة ووهان بدون كمامة كدليل على تعافى بلاده من هذه الجائحة العارضة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة