مع انتشار فيروس كورونا على نطاق واسع وخطير فى عشرات من دول العالم، بدأت الجهات المختلفة الحكومية والخاصة تبحث فى الإجراءات التى تساهم فى احتوائه، وفى مقدمتها وقف التجمعات الكبيرة داخل المؤسسات المختلفة، وأصبح العمل من المنزل أول هذه الإجراءات التى يتم تطبيقها بقدر الإمكان.
قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن إدارة ترامب تستعد لوضع خطط طوارئ تسمح لمئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين بالعمل لدوام كامل، وهو سيناريو متشدد للحد من انتشار فيروس كورونا، والذى سيختبر ما إذا كان بإمكان الحكومة تنفيذ مهمتها من مكاتب بالمنازل وعلى طاولات المطبخ.
وأشارت الصحيفة إلى أن مكتب الإدارة الشخصية الذى يشرف على سياسة قوة عمل والتى تشمل 2.1 مليون شخص، قد حثت قادة الوكالة فى الأيام الأخيرة على إجراء مراجعة فورين لسياسات العمل عن بعد، وتوقيه أوراق عمل مع موظفين تحدد واجباتهم وإصدار أجهزة "لاب توب" والدخول إلى شبكات الكمبيوتر.
ولم تصدر الإدارة تفويضا واسعا بعد، لكن بعض المكاتب قد تحركت بالفعل. فأصبحت هيئة الأوراق المالية والبورصة يوم الاثنين أول وكالة فيدرالية فى واشنطن تخلى 2400 موظف من مقراتها بعد اكتشاف أن موظفا ربما يكون مصابا.
ويأتى قرار الطوارئ هذا بعد خطوات مشابهة اتخذتها عشرات المكاتب الفيدرالية فى سياتل، ووزارة الداخلية فى دنفر ومركز أبحاث ناسا فى وادى السليكون التى قامت إما بالإغلاق أو التحول للعمل عن بعد بعد ثبوت إصابة بعض الموظفين بكورونا.
وبدأت إدارة التجارة الدولية في الولايات المتحدة من الثلاثاء إرسال موظفيها إلى منازلهم للعزل الذاتى لو كانوا قد سافروا خارج البلاد. بينما أخبرت وزارة الخارجية موظفيها بتجهيز تجارب المؤتمرات عن بعد الطارئة، وبديل من يأتى إلى مكتب لاستخدام أنظمة سرية لضمان أن تكون تجمعات الزملاء فى مجموعات صغيرة، وفقا لمذكرة داخلية.
ودفع الانتشار السريع للفيروس العديد من الشركات الخاصة على مدار الأسابيع الماضية لإرسال موظفيهم للعمل من المنزل. إلا أن بعض أركان الحكومة الفيدرالية، أكبر جهة توظيف فى الولايات المتحدة تواجه الآن ما يمكن أن يكون تحول غير مسبوق فى الطريقة التى تخدم بها الجمهور لأسابيع أو أشهر قادمة
وتلفت واشنطن بوست إلى أن ما يقرب من نصف طاقة العمل الفيدرالية فكانت قادرة على العمل عن بعد عندما تولى الرئيس ترامب منصبه، بمعدل يوم أو اثنين فى الأسبوع، وذلك فى أيام الجليد او أيام متفرقة. لكن قليلين من فعلوا ذلك طوال الوقت. ثم قللت إدارة ترامب من العمل من المنزل كإجراء معتاد فى عدد من الوكالات الكبرى.
والآن يسارع المديرون لتوسيع السياسة، فالموظفين الذين لديهم عمل من بعد ليوم او يومين أسبوعين يمكن أن يمدوها لوقت كامل، بينما أصبح آخرون قادرين على العمل من المنزل لأول مرة.
وتقول واشنطن بوست، إن العمل من بعد يقع فى قلب تخطيط البيت الأبيض للطوارئ التم يمكن تطبيقها مع تفاقم الأزمة. فمع ظهور حالات جديدة فى عشرات الولايات ومقاطعة كولومبيا، فإن انتشار المرض يجبر الوكالات على إعادة تقييم من يمكنها العمل من الخارج من موظفيها، ومن يجب أن يظل بالمكتب لخدمة الجمهور وكيفية ضمان سلامتهم مع استمرار الخدمات.
ولا يقتصر الأمر على الحكومة الأمريكية فقط، فقد حثّت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، العاملين بها على العمل من المنزل إذا كان ذلك ممكنا، مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا فى الولايات المتحدة وتجاوزها 1000 حالة ووفاة 30 على الأقل. وقال فريد ريان ناشر الصحيفة ومديرها التنفيذى فى مذكرة حصلت عليها صحيفة "ذا هيل" الأمريكية : "قررنا بدء تشجيع (ولكن ليس تكليفا) الموظفين للعمل من المنزل إذا كان عملك واحتياجاتك من المعدات تجعل القيام بذلك أمرا ممكنا، بدءا من الغد وحتى نهاية الشهر".
وأضاف: "ننوى مواصلة عملياتنا بكامل طاقتنا حتى مع ذلك التغيير فى مواقع الموظفين، بينما نحصل على مزيد من المعلومات من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها والمسئولين المحليين، فإننا سنواصل تقييم ذلك الموقف وسنُعلمكم إذا اقتضت الحاجة المزيد من التغييرات".
واتجهت شركات التكنولوجيا إلى تطبيق إجراءات مماثلة، حيث أرسلت جوجل مذكرة يوم الثلاثاء إلى عشرات الآلاف من موظفيها فى أمريكا الشمالية، توصيهم بالعمل عن بعد، والبقاء فى المنزل حتى 10 أبريل على الأقل. وقال (كريس راكو) Chris Rackow، نائب رئيس شركة جوجل للأمن العالمي إنه بدافع الحذر الشديد، ولحماية ألفابت، الرشكة الام لجوجل، والمجتمع الأوسع، نوصى الآن بأن تعمل من المنزل إذا كان منصبك يسمح بذلك.
وكانت العديد من الشركات طلبت من الموظفين فى مدن معينة العمل من المنزل أو اختبرت على نطاق واسع إمكانية العمل من المنزل، إلا أن جوجل هى من أوائل الشركات التى طلبت من الموظفين فى جميع أنحاء القارة القيام بذلك.
وفى بريطانيا، قررت شركة فيس بوك، غلق المكاتب فى لندن، وطالبت الموظفين العمل من المنزل بعد تسجيل المئات من الإصابات بالفيروس القاتل. وقال متحدث باسم الشركة في بيان في السادس من مارس: تم تشخيص إصابة موظف فى مكتب ستاديل إيست لدينا بفيروس كوفيد 19، ولقد أبلغنا موظفينا ونتابع نصيحة مسئولى الصحة العامة.. أولويتنا هى صحة الجميع وسلامتهم".
كما طلبت شركة أبل من موظفيها فى وادى السيليكون العمل عن بعد بسبب فيروس كورونا، ودعت الشركات الكبيرة إلى التفكير فى مطالبة الموظفين بالاتصال عن بُعد وإيجاد طرق أخرى للحد من الاتصال الوثيق.