يعد الأمن المائي أحد أهم محاور الأمن القومي الشامل لاسيما وأنه يمس وجود وحياه الشعب المصري ويؤثر في عملية التنمية والاستقرار، ويتصدرها حماية نهر النيل بصفته المورد الأساسي لحوالي 96% من المياه العذبة التي تعتمد عليها الدوله في كافة نواحي الحياه الزراعية والصناعية والملاحة الداخلية والسياحة، مما يجعلها في صدارة إهتمامات البرلمان ولطالما كان داعما للقيادة السياسية، ومؤكداً ثقته فيها بأنها ستحافظ علي حقوق مصر في مياه النيل وعدم التفريط فيها علي الإطلاق.
ولعل آخر تلك التصريحات كانت الصادره عن رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال، الاسبوع الماضي، خلال جلسة نظر عدد من الأدوات الرقابية الموجهة إلي وزير الري والموارد المائية الدكتور محمد عبد العاطي، قائلاً :"كلنا ثقة في القيادة السياسية بأنها ستحافط على حقوق مصر في مياه النيل، ولا يمكن أن تفرط فيها على الإطلاق لأنها مسألة وجود وحياة أو موت"، منوها بالأداء الجيد للوزارات المعنية فيما فيما يتعلق بالتفاوض بشأن سد النهضة.
ونوه عبد العال إلي دخول مصر حزام الفقر المائي وأن الحصة المحددة لها من مياه نهر النيل غير كافية بكل المقاييس، وأن المجهود الذي يُبذل بشأن المياه الجوفية وإعادة تدوير المياه لا يعوض إلا نسبة ضئيلة، لاسيما وأن مصر تحتاج إلى 100 مليار متر مكعب سواء للزراعة أو للشرب.
وتحدث عبد العال أكثر عن الآليات التي يمكن من خلالها حوكمة وترشيد استخدام المياه، حيث شدد علي ضرورة الخروج من نظرية الري بالغمر إلى استخدام وسائل الري الحديثة مثل التنقيط، لاسيما مع المحاصيل الشرهه للمياه مثل الأرز.
تصريحات رئيس النواب، تنم عن إهتمام واسع للبرلمان بقضايا المياه والمتابعة الدقيقة لها، التي تمتد إلي كافة اللجان بالبرلمان كلا في تخصصه، الأمر الذي انعكس في العديد من التوصيات والحلول التي وجهتها اللجنة البرلمانية للرد علي تقرير حكومة الدكتور مصطفي مدبولي، لتحقيق سياسة أمن مائي ناجزة، من خلال عده محاور في مقدمتها ما يتعلق بحفظ الحقوق المائية المصرية من خلال تعزيز التعاون مع دول حوض النيل وتنفيذ الأعمال اللازمة لتعزيز سياسة بناء الثقة وتطويرها لتؤكد المنافع المشتركة للمشروعات علي اختلاف أنواعها وإبرام الاتفاقيات المشتركة في المجالات المختلفة الذي يقلل من التأثيرات السلبية لتدخلات القوي الخارجية في دول حوض النيل، والتمسك بالاتفاقيات الدولية الحاكمة لأوضاع حوض النيل.
وأكدت اللجنة البرلمانية في هذا الصدد كامل دعمها للجهود التي تبذلها القيادة السياسية الحكيمة في تعاملها مع ملف سد النهضة بأعتبارها أهم القضايا التي تواجه الدولة في الوقت الراهن.
وفيما يتعلق بترشيد وتدبير الأحتياجات المائية لتقليل الفواقد المستخدمة للمياه أكدت اللجنة البرلمانية أهمية تبني الاساليب الحديثة لمشروعات الري وذلك بالاستعاضة عن أساليب الري بالغمر واستخدام الطرق الحديثة مثل الري بالتنقيط والري بالرش لما له من أثار إيجابية في رفع كفاءه استخدام المياه وتقليل فواقد النقل في المساقي والمراوي وإعادة تأهيل شبكة الترع والمحطات والمصارف المكشوفة وصيانه شبكات مياه الشرف لوقف هدر المياه ، وتضافر جهود جميع الجهات المعنية بقضية إدارة المياة من أجل تنمية مستدامة والخروج بمؤامة تحقيق أكبر عائد اقتصادي من وحده المياه ورفع درجة وعي مستحدمي المياة بأهميتها والحفاظ عليها من التلوث والترشيد فيها، بالإضافة إلي الحد من زراعة المحاصيل الشرهية للمياة مثل الأرز والموز وقصب السكر.
وأكد البرلمان في توصياته دعم وزارة الري في إعداد كود أخلاقيات المياه الذي ينشر المبادىء الأخلاقية الاسترشادية للتعامل الرشيد والعقلاني مع موارد المياه والحفاظ عليها لصالح الأجيال المستقبليه ونشره إليكترونيا.
أما المحور الثاني حيث "تنمية الموارد المائية"، فيتحقق عن طريق تحقيق الاستفادة القصوي من مياه الأمطار والسيول وتعظيم الاستفادة من الخزان الجوفي السطحي واستخدام الطاقة الشمسية في تحليه مياه البحر والتوسع في الاستخدم الامن لمياه الصرف الزراعي بعد المعالجة في الأعمال الزراعية، والتوقف عن النظر لمياه الصرف الصحي علي أنها "نفايات" والتعامل معها كمصدر يمكن استخدامه لري المحاصيل، حيث أكد البرلمان أنه يمكن استخدام مياه الصرف الصحي إذا أديرت في شكل صحيح لدعم إنتاج المحاصيل أما مباشرة عن طريق الري أو بشكل غير مباشر عبر إعادة شحن المياه الجوفية، بالإضافة إلي إجراء الدراسات الاستشكافية التي تحدد حجم الخزانات الجوفية ومكانها ودراسة السبل الكفيلة بتنميتها.
وشددت اللجنة البرلمانية علي أهمية حماية الموارد المائية من التلوث للحفاظ علي نوعيتها والحماية من الأمراض بمعالجة مخلفاتها طبقا للمقايس الصحية قبل إلغائها في المجارى المائية وتنظيم استيراد المواد الكيمائية المستخدمة في الزراعة، تقنين تشريع موحد يضم كافة أساليب تنمية الموارد المائية والمحافظة عليها من التلوث وأساليب المحافظة عليها من الهدر والعقوبات المفروضةوتيسير الإجراءات والاستفادة من مزايا التقنين المعروفة، استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد في الزراعة لتحديد كميات المياه المناسبة دون إسراف، ووضع خطط لإدارة الموارد المائية علي كافة المحافظات.
قضية أخرى هامة أشار إليها مجلس النواب، حيث دعا إلي التأقلم مع التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة المتوقعة باستخدام طرق ري مرشدة ومحاصيل تتحمل درجات الحرارة والملوحه وتدر انتاجية عالية، حماية دلتا نهر النيل من ارتفاع سطح البحر بتكثيف أعمال حماية الشواطيء في الأماكن المهددة، مراجعة قواعد تشغيل السد العالي للتأقلم مع سيناريوهات الفيضانات العالية والجفاف، البحث عن آليات جديد لدراسة ظواهر التغيرات المناخية وتوفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروعات لمواجهتها والتكيف معها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة