أودعت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بطرة، برئاسة المستشار حسن فريد، وعضوية المستشارين خالد حماد وباهر بهاء الدين، حيثيات حكمها القاضى بالإعدام شنقا للإرهابى هشام عشماوى و36 آخرين من تنظيم "بيت المقدس"، وأحكام ما بين المؤبد والمشدد لـ 157 متهما بتهمة ارتكاب 54 جريمة، تضمنت اغتيالات لضباط شرطة، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم، وتفجيرات طالت منشآت أمنية عديدة.
هيئة محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار حسن فريد
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها: "إن مصر لن تخذل أبدآ ولن تركع إلا لله، فهي ذات ثوابت لا يعرفها إلا من قرأ تاريخها، فلها أرضا فريدة ولها جيش جسور من أبناء هذا الشعب ـ ليسوا من المرتزقة ـ يدافعوا عن الوطن والشعب و الذين قال عنهم الرسول صلي الله عليه و سلم" إن فتحتم مصر فخذوا منها جندا كثيفا فإنهم خير أجناد الأرض، ولهم شرطة قوية تحمي الشعب وتدافع عنه فى الداخل ويضحون من أجله، وأن الجيش والشرطة من نسيج هذا الشعب ومن أبناء هذا الوطن يشربون من نيلة ويأكلون من أرضة ويعيشون وسط إخوانهم فلا يمكن زعزعتهم أو الدخول فيما بينهم أو تفرقة صفوفهم فهم من أبناء الشعب الواحد من المسلمين والمسيحيين لا يمكن تفرقتهم أو النيل منهم بالانشقاق والخصومات أو الصراعات الطائفية، وذلك ببث الفرقة والانقسام لأنهم نسيج واحد ملتحمين، أعلنها للقاصى والدانى له تقاليد صارمة أشد ما تكون الصرامة وله أحاسيس فياضة رفيعة متحدين وحدة وطنية واحدة".
ونوهت المحكمة: "أن العمليات الخسيسة تزيد الشعب المصرى تماسكا وإصرارا بعزيمة بقيادته السياسية وولائه ودعمه لجيشه وشرطته وقضائه والتمسك بدولته".
واستكمل: "فأن الولاء للوطن والانتماء لأرضه هي أروع صفات يتصف بها كل إنسان محب وهو شعور فطري عميق يربط الإنسان بوطنه الذى ولد على أرضه وتنسم هواءه وتغذى من نبته وشرب من نيله وشب وترعرع بين أهله وعشيرته وتلقى العلم فى محرابه، وفإن الجماعات الإرهابية لم يروى لهم التاريخ، ولم يقرؤوا عراقة الدولة المصرية فهى ضاربة فى القدم، فهى دولة لها تاريخ ممتد على مر العصور، فهى أقدم دولة شهدتها الأرض، وأن تاريخها يمتد لأكثر من سبعة ألاف سنة، فمنذ الدولة الفرعونية يطمع فيها الطامعين، فهى قوية دائما برموزها شامخة بإنجازاتها لا يهزها طامع".
واستكمل رئيس المحكمة: "إن إنشاء جماعة بيت المقدس كان بهدف القيام بأعمال إرهابية ضد مؤسسات الدولة المصرية والقائمين على إدارتها داخل جمهورية مصر العربية وخارجها، وأنها أعمال جهادية مسلحة، وهـؤلاء"أنصـار بيت المقدس" وهؤلاء "جبهة النصرة" جميعهم تنظيمات مسلحة واحدة رغم هذه المسميات يتبعون للتنظيم الدولي للإخوان للسيطرة بهم على الشعوب كلآٌ يدعى لنفــسِهِ العصمـةَ فى الدين، وكـل يزعُمُ أنـه علـى الحق المبين، كــلُ مـنهم اتخـذ مــن مبـادئِ التشــددِ ذريعــةً لســفك الدمـاء ونســفِ الأوطـان فتارةً يســتترون بالحاكمين، وتارةً يسـتترون خلـفَ الولاءِ والبراءة، وتارةً يرتدون عباءةَ إقامةِ الخلافة وبزعمٍ منهم وبشعارات براقةٍ خلابة، أخذوا يستحلون دماء المسلمين والمسيحيين، ما سلمَ منهُم رجلٌ ولا امرأة، ولا شيخٌ في السنِ، أخذوا يفجرون الكنائسَ والمساجد، يقطعون الطرقَ ويسلُبُون الأموال، وينتهكون الأعراضَ ويروعون الآمنين، ويلوون ألسنتهم بكلماتٍ، لتحسبوهم من الأولياء الصالحين ،"الله أكبر، الله أكبر"وما الله بمصلح عمل المفسـدين".
عشماوي
وأشارت المحكمة: "وتعتمد أنصار بيت المقدس على الفكر السلفي الجهادى وكانت تعتبر الأقرب من فكر تنظيم القاعدة فقد فضلت الجماعة إشهار مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية وقد وافق هذه البيعة أبو بكر البغدادى وقد أعلنت الجماعة عن نفسها مطلع عام 2011 عبر تبنيها تفجير أمبوب الغاز كما تبنت إطلاق عدة صواريخ وهم يتخذون من كهوف ما يعرف بجبل الحلال وسط سيناء ملجأ لهم مستفيدين من الاتفاقيات الأمنية والعسكرية المكونة لاتفاق كامب ديفيد التي تلزم مصر بتواجد عسكري محدود جدا في سيناء".
وتابعت المحكمة: "ومع مبايعة أنصار بيت المقدس لتنظيم الدولة الإسلامية زادت حركتهم بشكل ملحوظ من خلال العمليات النوعية بالهجوم والتورط في الكثير من العمليات العسكرية على الجيش والشرطة واستهداف المسيحيين والقضاة والتفجيرات وضرب السياحة مما أثر بالسلب على الأمن القومى المصرى ويعتبر تنظيم الدولة أبرز الجماعات المتشددة وأكثرها عنفا ولهم سجل فى استهداف المدنيين فى المنطقة بما فيها العمق المصري وقامت مؤخرا بتغير اسمها إلى ولاية سيناء وسعت نشاطها وبدأت بالتركيز على قوات الأمن والجيش المصرى فى سيناء ثم توسعت في عملياتها لتشمل العاصمة القاهرة ومحافظة الجيزة وأنحاء المحافظات كما واصلت هذه الجماعة عملياتها حتى وصلت إلى الصحراء الغربية المترامية الأطراف والتي تعتبر نقطة جذب للسياح وأتاحت تضاريس المنطقة الجبلية مكان مثالى لاختباء المسلحين إلى جانب قربها من الحدود مع ليبيا التي ضربتها الفوضي".
واستطردت المحكمة: "وقد أفصحت الأوراق من واقع التحقيقات والتحريات لدور كل متهم في الجماعة إلارهابية، التي تأسست على خلاف أحكام القانون – فهي مرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي أُطلِقَ عليها جماعةُ أنصارِ بيت المقدسِ والتي تعتنق الأفكار التكفيرية المتطرفة القائمة على تكفير الحاكم وشرعية الخروج عليه بدعوة عدم تطبيقه الشريعة الإسلامية وتتولى تنفيذ أعمال عدائية ضد أفراد ومنشآت القوات المسلحة والشرطة واستباحة دماء المسيحيين ودور عبادتهم واستحلال أموالهم وممتلكاتهم، واستهداف المنشآت العامة والمجرى الملاحى لقناةِ السويسِ والسفنِ المارة به؛ بغرض إسقاط الدولة والتأثير على مقوماتها الاقتصادية والاجتماعية والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي".
ونوهت المحكمة: "تولى زعامتها المتهم الأول توفيق محمد فريج زيادة واضطلع إبَّان تأسيسها بالتواصلِ مع تنظيم القاعدة بالخارج لمبايعةِ زعيمه أيمن الظواهري، والتواصلِ مع ألوية الناصرِ صلاح الدين الفلسطينية، بقطاع غزة، لمد الجماعة بدعمٍ مالي وعسكري ولوجيستي للقيام بعمليات عدائية بالبلاد مستغلاً الأوضاع الأمنية في أعقاب يناير 2011، فأسس هيكلاً تنظيمياً لها قائماً على إنشاء خلايا عنقودية تعمل كل منها بمعزل عن الأخرى - تلافياً للرصد الأمني، وتولى ضم عناصر للجماعة من معتنقي ذات الأفكار من الهاربين من السجون إبَّان يناير 2011 وممن تلقوا تدريبات عسكرية على يد عناصر تنظيم القاعدة بالخارج وآخرين تم استقطابهم، وأعد لأعضائها برنامجاً ارتكن لثلاثة محاور أولها فكرى يقوم على عقد عدة لقاءات تنظيمية بصفة دورية يتم خلالها تدارس الأفكار والتوجهات التكفيرية ومطالعة المواقع الجهادية على شبكة المعلومات الدولية ودراسة كتيبات فقه الجهاد، والثاني محور حركي تمثل في دراسة أساليب رفع المنشآت وكشف المراقبة وكيفية التخفي باتخاذ أعضاء الجماعة لأسماء حركية والتسمي بها فيما بينهم وإسقاط لحاهم واستخراج بطاقات شخصية جديدة وقطع صلتهم بمحيطيهم وتغيير أرقام هواتفهم النقالة واستخدام أخرى جديدة وعدم الصلاة في مساجد بعينها، والثالث عسـكرى حيث إنشـأ معسكرات بسيناء والإسـماعيلية لإعـداد عناصر الجماعة بـدنياً وعسكرياً تعقد فيـها دورات عسكرية لتأهيلهم بدنياً ورفع قدراتهم القتالية بتدريبهم على كيفية استخدام الأسلحة النارية وحرب المدن والشوارع وإعداد وتصنيع العبوات المفرقعة وكيفية استخدامها، تمهيداً لتنفيذ عمليات إرهابية بالبلاد".
واستكملت: "أنه في سبيل تحقيق ذلك استعان بقياديي تلك الجماعة المتهم الثاني، محمد علي عفيفي بدوي ناصف الذي كُلف بتولي مسئولية تأسيس خلايا الجماعة خارج نطاق سيناء ومدن القناة وإدارتها والإشراف عليها، بمعاونة المتهم الثالث، محمد بكري محمد هارون والمتوفى محمد السيد منصور حسـن إبراهيم الطوخي، كما أصدر تكليفات للمتهم الرابع، محمد أحمد نصر محمد بتأسيس خلية أخرى منبثقة عن الجماعة أُطلق عليها كتائب الفرقان، بمعاونة المتهمُ الخامس هاني مصطفى أمين عامر محمود، كما كُلف المتهم السادس، وائل محمد عبد السلام عبد الله شامية بتولي مسئولية تدريب أعضاء الجماعة وتأهيلهم بدنياً، وأُسند للمتهمِ السابع سلمي سلامة سليم سليمان عامر مسئولية التسليح والدعم اللوجيستي لها، وعُهِد للمتهمِ الثامن، محمد خليل عبد الغني عبد الهادي النخلاوي بتولي مسئولية الجانب الفكـري لها، وتولى المتهمان التاسع، هشام علي عشماوي مسعد إبراهيم والعاشر، عماد الدين أحمد محمود عبد الحميد مسئولية التدريب العسكري لأعضائها، كما تولى الحركي "ياسر" مسئولية تجهيز وتصنيع المفرقعات تمهيداً لاستخدامها في العمليات العدائية للجماعة، وكُلف المكنى "أبو عماد" بتولي مسئولية الإعلام والتواصل الخارجي مع تنظيم القاعدة، فضلاً عن قيام المتهم الأول بإعداد عدد من عناصر الجماعة لتنفيذ عمليات انتحارية تستهدف منشآت حيوية وشخصيات بمواقع قيادية بالدولة عقب تأهيلهم نفسياً وفكرياً لذلك، بإقناعهم بشرعيتها وتدريبهم بدنياً وعسكرياً تمهيداً لتنفيذها.
وتابع المستشار حسن فريد: "نشـير هنا ونذكر أن الإرهاب هـو استخدام العنف أو التهديد به لإثارة الخوف والذعر، حيث يعمل الإرهابيون على قتل الناس أو اختطافهم، كما يقومون بتفجير القنابل وسفك الدماء واختطاف الأفراد وترويع الأمنيين وإشعال النيران وارتكاب غير ذلك من الجرائم الخطيرة، كما أن معظم الإرهابيين يرتكبون جرائمهم لدعم أهداف سياسية معينة وأهداف خاصة سواء كانت ذات أجندة داخلية أو خارجية مستترين وراء الدين، والدين منهم براء".
انصار بيت المقدس
واستكمل: "لقد ظلت كلمة الإرهاب ناقوس حرب بين الحق والباطل يدعمه أهل البغي من أصحاب الأجندات الخاصة لبعض الحكومات والمنظمات والأفراد، والدعم المقدم من بعض الجماعات وكذلك مصادر التمويل الغير المشروعة التي تتم عبر جماعات الإرهاب واشتراكات وهمية باتجاه الجماعات المرتبطة بعناصر راديكالية، نحن في حرب فكري ضد المتطرفين سفاك الدماء البريئة التي تراق والأرواح الزكية المظلومة التي تزهق من قبل هؤلاء المنافقين المتطرفين الذين يظهرون خلاف ما يبطنون ظنا منهم النيل من الدولة المصرية، وينبئ كثيرا عن غايتهم الحقيقية".
وأكد: "وحيث أن واقعات الدعوي حسبما واستقر في يقين المحكمة وأطمأن لها وجدانها وارتاحت إليها ضميرها مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل وقائعها فى أنه شرف أهل مصر بخروج السيد المسيح والعائلة المقدسة من أرض فلسطين وقدومهم إلى أرض مصر ومكثوا بها أربع سنوات تقريبا عندما كان عمرة حوالي عامين هربا من الملك هيرودوس الذى اعتقد أن المسيح عليه السلام سوف ينازعه ملكه فأراد التخلص منه بذبح جميع أطفال بيت لحم من سن سنتين فأقل وتعتبر الكنيسة أن مجيء السيد المسيح إلى مصر من أهم الأحداث التى جرت على أرض مصر فى تاريخها الطويل إذ عاشت العائلة المقدسة أربع سنوات تشرب مياه النيل وتبارك أرض الكنانة طولأ وعرضآ".
واستطرد رئيس المحكمة: "وما أعظم أن يقدم المواطن هذا الشعور إلى معتقد يرسخ فى وجدانه وإلى سلوكه وعمله يستهدف به الدفاع عن أرضه والحفاظ على أمنه وصيانة حرماته ومقدساته وأرواح أهله وعشيرته وأعراضهم وممتلكاته العامة والخاصة مع حرصه دائما على العمل الدؤوب على الارتقاء ونصرة ورفعة بلاده والدفاع عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من مات دون أرضه فهو شهيد ومن مات دون عرضه فهو شهيد ومن مات دون ماله فهو شهيد".
وأسندت النيابة العامة للمتهمين ارتكاب جرائم تأسيس وتولى القيادة والانضمام إلى جماعة إرهابية، تهدف إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على حقوق وحريات المواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، والتخابر مع منظمة أجنبية المتمثلة فى حركة حماس "الجناح العسكرى لتنظيم جماعة الإخوان"، وتخريب منشآت الدولة، والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والشروع فيه، وإحراز الأسلحة النارية والذخيرة.
وضمت الـ 54 جريمة التى وجهت للمتهمين العديد من الوقائع ما بين القتل والتفجير وتخريب الممتلكات العامة، ضمت الجرائم واقعة قتل لضباط وأفراد شرطة ومواطنين ولعل أبرزها اغتيال المقدم محمد مبروك والرائد أبو شقرة، واللواء محمد السعيد بمديرية أمن القاهرة، كما ضمت وقائع تفجير 3 مديريات أمن أبرزها تفجير مديرية أمن القاهرة، وتخريب 25 منشأة عامة وخاصة ما بيت مبانى شرطة ومساجد وكنائس.