"شعوب وادى النيل" هكذا ارتبط اسم مصر بالدول الأفريقية التى تتصل بعضها البعض عبر نهر النيل شريان الحياة ووسيلة اتصال بين الشعوب وخاصة بين مصر والسودان الدولتان اللتان ارتبطا اسمها ببعضهما البعض كثيراً من أيام المسمى القديم مملكة مصر والسودان أو حتى بعد انفصالهما وترابط الشعبين وتواصلهما تجارياً واقتصاديا وسفر وغير ذلك.
وفى هذا التقرير يسلط "اليوم السابع" الضوء على واحد من أقدم الموانئ النيلية التى تربط شعبى وادى النيل، ويصل مصر بالسودان وأفريقيا عبر البوابة الجنوبية بمحافظة أسوان حيث ميناء السد العالى شرق.
ويعد ميناء السد العالى شرق - بحسب وصف العميد ياسر إبراهيم مدير الميناء – أقدم الموانئ والمنافذ النهرية إلى السودان، وهو الميناء النهرى الوحيد الذى ينقل المسافرين وحركة التجارة بين ميناء السد العالى شرق بمدينة أسوان جنوب مصر وميناء الزبير بوادى حلفا شمال السودان، عبر رحلتين فى الأسبوع أحدهما تغادر يوم الأحد من كل أسبوع، وتعود إلى الميناء يوم الأربعاء من كل أسبوع.
وأشار مدير ميناء السد العالى، إلى أن هناك عددا من الإدارات التى يضمها ميناء السد العالى شرق منها جهات أمنية ووزارات النقل والصحة والزراعة والتجارة والمالية، بجانب هيئة وادى النيل للملاحة النهرية باعتبارها الجهة المسئولة عن نقل الركاب عن طريق باخرتين هما ساق النعام السودانية، وسيناء المصرية، وتبلغ طاقة كل منهما 600 راكب وحمولتها 820 طن، وتنقسم إلى درجتين أولى بإجمالى 25 غرفة، ودرجة ثانية بإجمالى 520 مقعداً، على أن تتحرك الباخرة من ميناء السد العالى شرق إلى ميناء الزبير بوادى حلفا يوم الأحد من كل أسبوع، وتصل يوم الأربعاء إلى ميناء السد العالي، كما أن هناك رحلات إضافية عند كل ضرورة تتحرك من ميناء السد العالى إلى ميناء الزبير اليوم الخميس ووصول يوم السبت من كل أسبوع.
وقال: تقطع الباخرة مسافة 500 كيلو متر من ميناء السد العالى وتصل السودان فى حدود 17 ساعة، وتقوم هيئة وادى النيل للملاحة النهرية بنقل البضائع والأمتعة للركاب والمصدرين على صنادلها البالغ عددها 20 صندلا حمولتها تتراوح ما بين 240 إلى 350 طنا تقريبًا للصندل الواحد.
وتابع مدير الميناء، أن ميناء السد العالى شرق النهرى بمحافظة أسوان يعد من وسائل حركة السفر والتبادل التجارى بين مصر والسودان، وتم بدء العمل فيه عام 1964 بعد تحويل مجرى نهر النيل، وظهور بحيرة السد العالى وذلك كبديل لميناء الشلال الذى كان يستخدم قبل تحويل مجرى النيل، وتم تخصيص ميناء السد العالى لاستخدام جميع أنواع النقل النهرى بين مصر والسودان فى إطار خطة التكامل بين القطرين، وصدر قرار من محافظ أسوان رقم 187 لسنة 1979 لإنشاء إدارة للميناء ويرأسها مدير الميناء، كما تم إنشاء إدارة عامة لميناء السد العالى شرق بمبنى ديوان عام المحافظة والتى تختص بالأمور المالية والإدارية ومهمتها التنسيق بين الجهات وإزالة العقبات، كما صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 233 لسنة 1985 بشأن تشكيل اللجنة العليا برئاسة محافظ أسوان وتضم فى عضويتها 5 أعضاء، وأعقب ذلك صدور قرار محافظ أسوان رقم 214 لسنة 1989 بإضافة عدد من الأعضاء للجنة العليا وهم مدير عام الميناء ونائب المدير ومدير إدارة شرطة أمن الموانئ ومدير ميناء السد العالى غرب ومدير إدارة الشئون القانونية بالمحافظة، على أن تجتمع هذه اللجنة بدعوة من رئيسها مرة على الأقل كل شهر ، ولها أن تستعين بمن تراه من ذوى الخبرة، وتتمثل مهمتها بتنظيم العمل بين الجهات المختلفة وإزالة المعوقات التى تعترض سير العمل، مع تطوير الأداء بالميناء.
وعن المراسى الموجودة بالميناء، أوضح مدير الميناء، بأنه يوجد مرسى الركاب والبضائع بطول 500 متر، والمراسى السياحية بإجمالى 7 مراسى، بجانب مرسى الخدمة الوطنية وتابع له 10 صنادل، مشيراً إلى أن هناك جهود بذلت لتطوير الميناء خلال الفترة الأخيرة والتى شملت أعمال التطوير والتجميل والتأمين بإقامة تندات للبضائع وصالة الانتظار على مساحة18×12م بتكلفة 20 ألف جنيه، وكذلك سور لمرسى الركاب بطول 60 مترا تم عمله عن طريق مركز الإنتاج والتى زودت أيضا بعدد من الكراسى الخشبية، وفتح وتوسيع صالات السفر والوصول بالإضافة إلى تطوير الميناء السياحى وتركيب عدد 5 مكيفات بصالة الوصول، لافتاً إلى أنه تم تركيب عدد من المبردات، علاوة على تجديد لنش المروة الخاص بالأطفال وعمل زراعات بالميناء وصوبة للزراعات وجارى تغيير باب المرسى السياحى بالإضافة إلى تخصيص مكان جديد للسوق الحرة بالميناء، بجانب توفير عدد 2 كرسى للمعاقين من المسافرين، وجارى أيضًا إلحاق مبانى الميناء ضمن منظومة الطاقة الشمسية وكذلك عمل المقايسات اللازمة لتركيب كاميرات مراقبة داخل الميناء بالإضافة إلى أعمال التجميل والتشجير بالميناء.
وتتولى هيئة وادى النيل للملاحة النهرية مسئولية النقل بالميناء، وهى هيئة مصرية سودانية مشتركة تعمل فى مجال نقل البضائع والركاب واللحوم الحية، بين مينائى السد العالى بأسوان وميناء الشهيد الزبير بوادى حلفا، وتأسست بالقرار الجمهورى رقم 970 لسنة 1975 وفقاً لاتفاقية بين البلدين ولها حق الامتياز والناقل الوحيد الدولى ببحيرة ناصر.
وقال عادل النور، رئيس الجالية السودانية بأسوان، لـ"اليوم السابع"، إن السفر عبر البواخر النيلية إلى السودان والعكس يعد من الرحلات المميزة والمفضلة لدى الكثير من المتنقلين بين البلدين أو عبر أفريقيا، نظراً لما تتمتع به الرحلة من مميزات سواء فى زيادة درجات الأمان مقارنة بالسفر البرى أو من خلال انخفاض التكلفة المادية للسفر أو من خلال الحمولة التجارية.
وكانت الرحلات النهرية هى الطريق الوحيد للسفر إلى السودان وأفريقيا قبل عام 2016 مع افتتاح منفذى قسطل وأرقين البريان، وهو ما خلق تنافسا فى النقل والسفر عبر الطرق البرية والنيلية، وتمتاز الطرق البرية بسرعة النقل وعدم انتظار يوم معين بالأسبوع "موعد انطلاق الرحلة" للسفر، وهو الأمر الذى أضعف حركة النقل عبر الميناء النهرى.
وعن الرحلات السياحية، أوضح عبد الناصر صابر، الخبير السياحى ونقيب المرشدين السياحيين السابق، أن هناك رحلات نيلية تنطلق من ميناء السد العالى وصولاً إلى مدينة أبوسمبل السياحية أقصى جنوب مصر، وفيها يتمتع السائح بالمناظر الطبيعية الخلابة لبحيرة ناصر خلف السد العالى ويزور المواقع الأثرية الواقعة بين مدينتى أسوان وأبوسمبل ويستمع إلى شرح من المرشد السياحى حول المعابد النوبية التى تعرضت للغرق بعد ارتفاع منسوب المياه بعد بناء السد وكيف تمت عمليات الإنقاذ ونقل بعض هذه المعابد التاريخية.
وحول المشاكل التى تواجه النقل النهرى، تحدث العميد ياسر إبراهيم، مدير ميناء السد العالى شرق، عنها قائلاً: نعاني من مشاكل ضخمة متمثلة في ضعف الإيرادات منذ 2014، بعد افتتاح الموانئ البرية بسبب عدم قدرة الميناء النهري على المنافسة، خاصة فيما يتعلق بالتسهيلات الجمركية الموجودة في المنافذ البرية، مشيراً إلى أن الميناء يوجد به 14 وحدة نقل بضائع بحمولة 4500 طن، بالإضافة إلى باخرتى نقل ركاب، تقوم بعمل رحلتين أسبوعيا بعدما كانت 4 رحلات تستغرق الرحلة 17 ساعة حتى وادي حلفا بالسودان، موضحاً أن حجم الركاب المسافرين بين مصر والسودان بلغ خلال عام 2019 نحو 35495 راكباً، فضلا عن نقل بضائع تصل لنحو 7209 طن، لافتاً إلى أن عدد السائحين المترددين على الميناء في الفنادق العائمة بلغ 9650 سائح من جنسيات مختلفة.
وأشار إلى أن إيرادات ميناء السد العالى من السفر على مدار السنة، تقدر بنحو 590 ألف جنيها فقط خلال عام 2019، وهذا المبلغ لا يتناسب مع حجم العمالة والعمل داخل الميناء، موضحاً أن الميناء يتبع إداريا ديوان عام محافظة أسوان، ويضم 32 موظفا فقط، وله دور نقل تجارى وآخر سياحى، لافتاً إلى أن مشاكل الميناء بدأت بحلول عام 2014 ، عندما تم افتتاح منفذى "قسطل" و"أرقين" الحدوديين من وإلى السودان، ولم تستطع الميناء المنافسة فى ظل تفوق النقل البرى واتجاه عدد كبير من المسافرين والتجار إلى استخدام الطريق البرى نظرا لسرعة النقل بين البلدين، علاوة على المشاكل المتعلقة بتداخل الصلاحيات بين الجهات المختلفة المشتركة مع الميناء سواء المتمثلة فى هيئة وادى النيل للنقل النهرى وهى الهيئة التابعة لوزارتى النقل المصرية والسودانية، بجانب هيئة النقل النهرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة