تمراليوم الذكرى الـ195، على وفاة الخديو إسماعيل بن إبراهيم، خامس حكام مصر من الأسرة العلوية، إذ رحل في 2 مارس عام 1895، عن عمر يناهز 65 عاما، في قصر إميرجان في إسطنبول الذي كان منفاه بعد إقالته.
ويعد إسماعيل، واحد من أشهرحكام مصر في التاريخ الحديث، وواحد من أكثر حكامها على الإطلاق إثارة للجدل، بين معارض يرى أنه بدد ثورات البلاد وكان شديد الإسراف والبذخ من أجل مظاهر الاحتفال شديدة المغالاة، وبين مؤيد يرى الرجل كان صاحب نهضة معمارية وثقافية وفكرية كبيرة.
وكان من أقرب الشخصيات إلى الخديو إسماعيل، هو إسماعيل باشا صديق، المعروف تاريخيا باسم "إسماعيل المفتش" والذى يعتقد أغلب المؤرخون أنه كان أخاه في الرضاعة بحكم إرضاع أم إسماعيل صديق للخديو، ولكن على الرغم من هذه الصلة والقرب الكبير الذى جمع الخديو بالمفتش، إلا أن أصابع الاتهام تتجه لإسماعيل في مقتل إسماعيل باشا صديق.
وبحسب كتاب "قصة الإقتصاد المصري: من عهد محمد علي إلى عهد مبارك" للمفكر الاقتصادى الراحل جلال أمين، فإن واقعة مقتل إسماعيل المفتش يكتنفها الكثير من الغموض ويختلف حولها الرأي، مشيرا إلى المفتش كان صديقا لإسماعيل منذ الطفولة وأخاه في الرضاعة، ومديرا لمزارعه، قبل أن يعينه الخديو وزيرا للمالية عام 1868، ولكنه قتله في ظروف غريبة عام 1876، وهى نفس السنة التي أنشئ فيها صندوق الديون، والتي جاء فيها جوشين وجوبير إلى مصر كممثلين للدائنين الأوروبيين.
ويرى "أمين" في كتابه سالف الذكر ان هناك مواقف ثلاثة مختلفة على الأقل في تقييم إسماعيل المفتش وتفسير مقتله، هناك أولا رواية عبد الرحمن الرافعى، "بالغة القسوة" بحد وصف المؤلف، والتي يصب فيها غضبه على إسماعيل المفتش ويصفه بأنه كان هو نفسه "من الكوارث التي حلت بمصر في عهد إسماعيل"، وأن سنوات توليه وزارة المالية "هي التي جرت الخراب المالى على البلاد وأنها أتعس فترة في تاريخ مصر المالى"، ويقول أنه "أثرى إثراء فاحشا، وقلد مولاه في عيشة البذخ والاسراف والاستكثار من القصور والأملاك والجوارى والحظايا" ويميل الرافعى إلى أن الخديو إسماعيل هو من أمر بقتله خوفا من أن يكشف أسرار الخديو وبذخه وإسرافه، ومن أن يشرك معه الخديو في المسئولية عن تبديد أموال الدولة.
ويشير الكتاب إلى رواية الرافعى لا تخلتف عن رواية ويلفرد بلنت في كتابه الشهير "التاريخ السرى للاحتلال الإنجليزى لمصر، لكن الموقف مختلف في رواية "مارلو" الذى يصف المفتش بالكفاءة والإخلاص التام للخديو، وإن كان قد "كرس هذه الصفات الشخصية لامتصاص أكبر قدر ممكن من المال من الشعب المصرى ونج في ذلك، وأثرى نفسه ثراء كبير، ويذكر مارلو أيضا أن إسماعيل المفتش هو من كان يحرض الخديو على رفض اقتراحات الدائنين.
يوضح جلال أمين أن كتاب "خراب مصر" لروذشتين، يبدى تعاطف شديد مع المفتش بحيث يكاد يجعله بطلا قوميا، فيصوره في صورة الرجل الوطنى الذى رفض التدخل الأجنبي في شئون مصر، ويصور مقتله على أنه الثمن الذى دفعه لهذه المقاومة، ويجعل الدائنين الأوروبين المسئوليين الأساسيين، وإن لم يكونوا الوحيدين عن مقتله.
فيما يذكر الأديب الراحل مكاوى سعيد في كتابه " القاهرة ومافيها حكايات، أمكنة، أزمنة" أن الخديو إسماعيل أمر بخنق إسماعيل المفتش وإلقائه في النيل، بسبب ثراءه الكبير حيث علم أنه لديه أربعمائية جارية، جميعهن مكسوات بالحرير بشكل مبهر، وكانت لديه مجموعة اثنى عشرة مطفأة سجائر ذهبية مرصعة بالماس، وكان عبيده يشكلون صفين بدءا من غرفته الخاصة مرووا بالفناء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة