أخيرا وصل الفقيه القانوني، والمفكر الكبير رجائي عطية لمنصب نقيب المحامين، بعد 20 عاما من المواجهات والمعارك الانتخابية، وبعد 4 جولات مباشرة مع النقيب المنتهية مدته سامح عاشور، واستطاع المفكر والخبير القانوني عضو اتحاد الكتاب وعضو مجمع البحوث الإسلامية، أن يخرج من المعركة بنتيجة ثقيلة جدا على منافسه، حيث حصل على 35665 صوتا، بينما حصل عاشور على 26005 صوتا، بفارق 9 آلاف و660 صوتا من بين 65 ألفا لهم حق التصويت.
الانقسام وأزمة هيئة المكتب
لكن بقراءة متأنية لنتائج انتخابات مارس 2020، نخرج بعدة نتائج لعل أهمها أن أزمة مجلس 2009 تعود من جديد، عندما فاز حمدي خليفة مدعوما من تيار الإخوان، ولكن الأغلبية لـ"مؤيدى عاشور"، وتعطل تشكيل هيئة المكتب لبضعة أشهر أيضا لولا تدخل سياسي وإجراء مقاربات وتنازلات من بعض الأطراف.
وهذه المرة تقريبا قد يكون ذات السيناريو، فالنقيب هذه المرة أيضا معه عدد أقل من النصف، والباقي لقائمة عاشور وأغبلهم كانوا أعضاء المجلس السابق بدون نقيبهم، إلا أن المبشر أن جميع الأعضاء الحاليين تقريبا خبرات نقابية عملوا معا، ولا يوجد بينهم خلاف عقائدى أو فكرى كما كان الحال فى مجلس 2009 ، فقط فرقتهم القائمة ولكنهم على أرضية وقماشة نقابية واحدة تقريبا، إلا أنه غاب الشباب رغم دورهم الكبير فيما حدث من تغيير، إلا أن نقص الخبرة لديهم وعدم التنظيم كان الحاسم فى خسارتهم.
النقيب رجائى عطية عقب إعلان نتائج الانتخابات
فالنقيب فوضعه الحالي سيكون مضطرا إلى أن يجرى توافق قبل عقد أول اجتماع أو قبل أن يجرى تشكيل هيئة المكتب، والذكاء فى الاستفادة من هذه الخبرات النقابية وتوزيع الملفات حسب الإمكانيات والقدرات ،وليس حسب المجاملات والمحسوبيات، واتفاق على آليات القرار ومناصب هيئة المكتب.
النقيب وعدد من الأعضاء والناخبين فى أول تجمع بعد إعلان النتيجة
ولا نغفل أن الإدارة الجديدة وبضغط من الجمعية العمومية ستفتح ملفات قديمة كان يراها البعض تمثل فسادا أو تمثل إنفاق مبالغ فيه وأن هناك من استفاد من أوضاع السابق ويريد أن يخفي أثارها أو يبقي هذه الملفات مغلقة، وهنا سيكون صراع آخر بين المجلس الحالى وعلى رأسه النقيب، وبين أعضاء المجلس السابق ومن خلفهم النقيب السابق، فالمطلوب فعليا لتسيير الأمور، والحفاظ على مصالح المحامين، والحفاظ على تماسك هذا الكيان ،وعليهم أيضا أن يأخذوا العبرة مما حدث ويستوعبوا الدرس جيدا.
عطية ونقباء المحامين السابقين
المرأة فى مجلس المحامين
وإن كان من الإيجابيات هو وصول العنصر النسائي لمجلس المحامين بعد غياب لأكثر من 30 عاما منذ انتخاب تهاني الجبالي في مجلس أحمد الخواجة في الثماينيات، حيث فازت هذه المرة فاطمة الزهراء المحاميه بالنقض على قائمة الإصلاح بعضوية المجلس فاطمة الزهراء غنيم بعدد 17599صوتا، لكنه كشف قصور واضح في دعم الهيئات المسئولة عن المرأة فى مصر عن دعم السيدات فى العمل النقابى والخدمي.
فاطمة الزهراء عضوة مجلس نقابة المحامين
تهانى الجبالى
تاريخ المواجهات بين عطية وعاشور
في المواجهات الأربع التى خاضها عطية أمام عاشور كانت الغلبة لعاشور في المرات الثلاث الأولى، ففي 2001 انتهت بفارق 1900صوت فقط، لصالح عاشور، إلا أن انتخابات 2005، حملت هزيمة ثقيلة لعطية، بفارق الضعف تقريبا، فحصل عاشور على 44 ألف صوتا، مقابل 22 ألفا لعطية، وفى يونيو 2009، استطاع حمدي خليفة، أن يقصى الاثنين رجائى وعاشور معا، واستفاد من معركة تكسير العظام لسنوات بينهما ليدخل من الباب الهادئ، نتيجة تأييد الإخوان من جانب وقيادات الحرس القديم فى الحزب الوطنى، فى حين نال عاشور تأييد الحزب الوطنى ممثلا فى أمين التنظيم وقتها أحمد عز .
حمدى خليفة نقيب المحامين الأسبق وبجواره سعيد عبد الخالق عضو المجلس الحالى
إلا أن الوضع أنقلب في 2011 لم يدخل عطية المواجهة بعودة عاشور من جديد لسدة النقابة، أيضا واعتبر وقتها خسارة كبيرة أيضا للإخوان ،خاصة مع وجود شخصيات مثل د.محمد كامل المؤيد من الإخوان ومختار نوح.
د.محمد كامل
وفي 2015 أيضا تغيب عطية عن المشهد، وتفوق عاشور أيضا بدون مواجهة حقيقية في الانتخابات بحصوله على 22987 صوتًا، بينما حل خلفه المحامى منتصر الزيات بحصوله على 17120 صوتا، وقد تكون هذه النتيجة أحد أسباب الثقة الزائدة التى أصابت عاشور وفريقه وأثرت سلبا على طريقة تعاطيهم مع الانتخابات الأخيرة.
منتصر الزيات
ولا ينكر أحد القيمة القانونية والفكرية لعطية، ودوره الكبير في رفع الحراسة عن نقابة المحامين بعد ثماني سنوات من التجميد في 2001 ، خلافا لخبراته وامتلاكه لرصيد وخبرة فكرية وقانونية وأدبية كبيرة ، حيث أنه عضو مجلس الشورى السابق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وعضو اتحاد الكتاب، وله عشرات الكتب القانونية والفكرية .
في المقابل لا يمكن أن يغفل أحد مكانة عاشور النقابية، وخبرته الانتخابية التى مارسها منذ أن كان رئيسا لاتحاد طلاب حقوق القاهرة ، كما يحسب له أنه أحد أبرز تلاميذ نقيب النقباء أحمد الخواجة في 1985، ودوره الكبير في تحرير نقابة المحامين من الحراسة، وما تلاها من توليه منصب النقيب 16عام تقريبا.
وعليه فالقريب من الملف النقابى لهذا الصرح القانونى لابد أن يضع يده على مواضع وعوامل أدت إلى ما هو قائم حاليا من فوز الفقيه القانوني بمنصب نقيب المحامين، وتغلبه على النقيب السابق ، خاصة بعد ما قدمه الأخير من إنجازات تاريخيه للمحامين، إلا أنه بتشريح المشهد الانتخابى والوضع النقابي يتضح أن ما حدث جزء كبير منه تصويت عقابي لشخص النقيب السابق، على الأداء النقابى والتعامل مع الملفات الخدمية، وأن هناك عدة فئات اتفقت دون أن ترتيب لإسقاط عاشور وإبعاده شخصيا عن نقابة المحامين.
انتخابات المحامين فى 2009
وليس هناك أي دليل على من يروج ان الفائز فى هذه الانتخابات تنظيم الإخوان، أو أنهم وراء ما حل بعاشور، فحسب تسلسل المعارك النقابية للإخوان بنقابة المحامين ، تعد هذه الدورة أضعف معركة للإخوان داخل نقابة المحامين، ففى أوج قوة الإخوان النقابية كانت عام 2009، كانت تقدر وقتهابـ ما بين 25 و30 ألف عضو ، وذلك بحساب أكبر وأهم شخصية لديهم وقتها وهو أحمد سيف الإسلام حسن البنا، فى عضوية المجلس ، وعليه فبعد خروج أكثر من ثلث الأعضاء من الإخوان فى التنقية الأخيرة لجدول المشتغلين فإن أقصى تقدير لعدد الإخوان لا يزيد عن 18 ألف، بينما حصل عطية على أكثر من 36 ألف صوت، وهو ما يؤكد أن الفئات النقابية الأخرى وخاصة شباب المحامين هم من صوت ضد عاشور، بدليل أن عاشور خرج من السباق بفارق حوالى 9 آلاف و600 صوت عن النقيب الحالى، ويدعم هذا التوجه أن حوالى 15عضو من قائمة عاشور الانتخابية فازوا في المجلس الحالى ، لكنهم في النهاية بدون نقيبهم "عاشور" ، وهذا يفسر أكثر، أن هذه الفئات التى اجتمعت على إقصاء عاشور عن المشهد النقابى لم تهتم بمن حوله، أو من معه بقدر اهتمامها بتنفيذ خطتها ضد عاشور.
وبهذا تكون الأسباب العشرة التى تسببت فى إقصاء عاشور عن موقعه هي ..
أولا : التنقية العنيفة للجدول
ما من مسئول يتولى أو لديه معرفة بأحوال نقابة المحامين وأعضاءها إلا ولديه رغبة في تنقية الجدول، بما فيهم نقيب المحامين الفائز في هذه الدورة رجائى عطية ، وهذا ما قام به عاشور، ولكن دائما ما ينظر إلى من يقوم بهذه المهمة أو تتم في عهده من مبدأ ( حق يُراد به باطل)، وعليه كانت الطريقة التى اتبعها عاشور قد وصفها البعض بأنها "عنيفة"، فكانت السبب في إغضاب وتذمر العديد من القطاعات والفئات فى النقابة، ولعل على رأسهم عناصر جماعة الإخوان الذين خرج جميع من سافروا خارج مصر من الجدول، ومنهم من كانوا نقباء نقابات فرعية أو أعضاء مجلس نقابة عامة لسنوات طويلة، بجانب جميع من تم سجنه او اتهامه فى قضايا جنائية وخاصة القتل لم يتم عدم تجديد عضويته أو تم تعليقها، كذلك عناصر كثيرة من غير المشتغلين أو من لا يمارسون فعليا المحاماة تم حذفهم من الجدول.
إلا أن الغضب الحقيقي والأكبرهى من الشخصيات التى تمارس فعليا، وقدامى المحامين والمقيدين في جدول النقض، ممن اعتبروا أن تقديم أدلة للاشتغال كمذكرات أو دعاوى وكلائهم للجنة التنقية هو إهانة مهنية وأخلاقيه لهم ، ووصل الأمر إلى أن ذلك عندما تم تطبيقه حتى على أعضاء مجلس النقابة العامة غضب بعضهم ووصل به الأمر إلى أن أقام دعوى قضائية ضد النقيب وتحول موقفه بعدما كان من حلفاء وقائمة النقيب أنقلب عليه ليكون ضده .
وهكذا خسر عاشور قطاعا عريضا من المحامين، ووصل عدد القضايا والأحكام واجبة النفاذ في تجديد العضوية والعودة لجدول المشتغلين بالنقابة لأكثر من 2000 حكم، خلافا إلى اتهامات أخرى بالفساد في إدارة الأمر لموظفى النقابة.
ثانيا: مركزية أداء الخدمة
من أهم المزايا في الانضمام لنقابة هو الجانب الخدمى الذي قد يستهين به البعض لكنه عند الغالبية هو معيار التقييم للمسئول في كفاءة أو عدم كفاءة الإدارة واستحقاق المنصب ، وعليه حدثت السنوات الأخيرة أن أصبحت الخدمة او الاستثناءات أو التوقيعات مرتبطة مباشر بالنقيب شخصيا ، أو من مدير عام النقابة ، وهو ما تسبب في مشقة على البعض، واعتبرها البعض أنها محاولة للإذلال وإخضاعهم للنقيب، خلافا إلى أن البعض اعتبرها نوع من أنواع المركزية المرفوضة خلافا للمشقة التى كان يتكبدها البعض في أن يصل للنقيب أو مدير عام النقابة فعليا للحصول على الخدمة.
ثالثا : تقليص صلاحيات النقابات الفرعية وتفتيتها
النقابات الفرعية في نقابة المحامين تحديدا تعد هي الرئة الحقيقية للنقابة العامة، وهي الوجهة الحقيقة والجهة التى يعرفها أو يتواصل معها المحامي في المحافظات والمدن الإقليمية، وإن لم تستطع هذه النقابات تقديم الخدمة أو توفير حقوق الأعضاء ويكون لنقيبها أو مجلسها السلطة في تقديم أو منع الخدمة فتفقد مكانتها وقيمتها لدى المحامين، وما تم السنوات الأخيرة من نزع أدوات وصلاحيات هذه الكيانات، أظهر القيادات النقابية بمظهر الضعيف أمام ناخبيه ، وأنها غير مؤثرة في محيطها وغير مسيطرة ، فأصبح القيادات النقابية بدون تأثير طالما لا تلبى متطلبات والخدمات.
نقابة المحامين
وعليه فتراجعت هيبة نقيب النقابات الفرعية ، وتراجع دور الأعضاء ولم يعد هناك سلطة تقريبا لأي منهم، وبالتالى فلم يعد لي النقيب " خاطر" ولا جميل لدى العضو يختصه به، وهو ما يظهر أيام الانتخابات فلا يوجد التزامات من الأعضاء تجاه القيادات النقابية ،وهو ما أدى لخسارة عاشور آلاف الأصوات نتيجة عدم قدرة النقباء والأعضاء في النقابات الفرعية التأثير على الناخبين .
وما حدث من تفتيت النقابات الفرعية بتقسيم النقابات الكبرى كشمال وجنوب القاهرة والجيزة والإسكندرية أدى لخسائر أصوات وكتل كبيرة ووخسارة تأييد شخصيات مؤثرة كمحمد عثمان فى شمال القاهرة، وعبد الحليم علام في الإسكندرية وجلال شلبى ، فتفتيت التنظيم النقابي أدى لصراعات كثيرة وأدى لغياب موارد هذه النقابات وضعف الأداء.
رابعا : الأعداء التقليديين
عاشور ليس وافدا جديدا على النقابة ولا مرشح لأول مرة لمنصب النقيب ، فهو في عضوية المجلس أكثر من 15 عام ونقيب لأكثر من 15 عام تقريبا لأربع دورات منفصلة ، أي أن لديه أعداء قدامى ، وهؤلاء عملوا على تشوية صورته وسمعته أيضا طوال الوقت ، وكانوا من وقت لآخر نتيجة الأخطاء التى يرتكبها النقيب أو من يحسبون عليه يزيد كتلة الأعداء والرافضين له ، يضاف إلى ذلك أن هناك أعداء تقليديين وأولهم الإسلاميين وإن كان الإخوان في صداره هؤلاء ولكنهم ليس لوحدهم ، وهم من وسع نطاق العداء والكراهية ضد عاشور واستغلوا ذلك بشكل أكبر في الانتخابات الأخيرة ، وهؤلاء عملوا بشكل منظم بدعم من الشخصيات النقابية المقيمة فى الخارج أيضا على إسقاط عاشور ، خلافا إلى أنه كما تردد كانت هناك محاولات وساطة بينهم وفشلت فى أن تعيد هؤلاء لمكانتهم عبر عاشور، ومنهم من شخصيات عملت فى العلن ضده وعلى رأسهم محمد طوسون أمين عام ووكيل النقابة العامة لسنوات ،وخالد بدوى عضو النقابة العامة السابق، ونقباء سابقين لنقابات فرعية مثل بهاء عبد الرحمن وعاصم نصير وآخرين.
سامح عاشور ومحامين الإسكندرية
أضيف إلى ذلك مختلف الشخصيات في التيار الإسلامي في النقابة، ومنهم أعضاء الجماعات الإسلامية والسلفيين ، ولم يتراجعوا عن العداء لعاشور يوما ، ووجدوا فرصة سانحة للتخلص من عاشور بعدما وجدوا من يوحدهم ضده .
خامسا : خسارة الأصدقاء والمؤيدين
الدورة النقابية الأخيرة للنقيب سامح عاشور التى بدات في منتصف 2015 ، كانت وبالاء على عاشور ، فقد كانت شاهدة على خسائر عاشور العديد من الأصدقاء والشخصيات النقابية المؤثرة في قطاعات مختلفة في النقابة ، ولأسباب مهنية أو نقابية أو خاصة كانت هناك قائمة طويلة من أصدقاء الأمس والذين خاصوا العديد من المعارك دعما وتأييدا لعاشور ولم يتركوه أبدا رغم أن منهم من لم يكسب شيء من هذا الدعم ولكنهم كانوا يرونه كشخصية نقابية صاحبة مبادئ لا يمكن إنكارها ، لكنهم تحولوا إلى الجانب الآخر في الدورة الأخيرة لأسباب عدة ، ومنهم من له تأثير كبير في قطاعه، على سبيل المثال لا الحصر هناك من كانوا على قائمة عاشور فى المجلس القديم، ولكن هذه الانتخابات ترشحوا فى قائمة المنافس رجائى عطية، مثل سيد عبدالغنى، وصلاح سليمان، وإسماعيل طه، فقد خاضوا الانتخابات، وفازوا بالفعل .
مجلس نقابة المحامين السابق برئاسة النقيب سامح عاشور
وكذلك محمود الداخلى نقيب جنوب الجيزة، وعبد الحفيظ الروبى عضو مجلس النقابة العامة، ومنهم من تحول إلى الحياد الذى قراءه البعض وخاصة العالمين بتاريخ هؤلاء أنه رفض أو عدم التزام بتوجيه صوته أو صوت معه لعاشور مثل أبو النجا المحرزى نقيب الجيزة السابق ، وكذا عبد الحليم علام في الإسكندرية ، وخاصة هذه الشخصيات له تأثير كبير في محامين الصعيد تحديدا .
سادسا : الثقة الزائدة فى الفوز
شخصية بحجم عاشور نقابيا وفوزه السهل فى أكثر من دورة ، وبخاصة في انتخابات 2015 ، وقيامه بعدد من الإنجازات التى يراها تشفع له لدى المحامين وتجعلهم بوجهة نظرة يعطونه أصواتهم دون تفكير، مثل بدء إنشاء مقر النقابة الجديد والذى يعد واجهة مشرفة لكل محاميي مصر في قلب العاصمة، ويعبر عن هذا القطاع الهام في الدولة، خلافا لمشروع العلاج الذى توسع فى عهده سواء أفقيا أو رأسيا من عدد المستشفيات والمراكز الصحية أو زيادة عدد الخدمات المقدمة للمحامي وزيادة قيمة مشاركة النقابة في العلاج والخدمة الصحية، بجانب زيادة المعاشات الضعفين تقريبا في عهد عاشور في الدورتين الأخيرتين ، وغيره الكثير من مقار وأندية النقابات الفرعية التي تم تشييدها او تجديدها ، بحانب تطوير مكتبات أو مقار واستراحات المحامين في بعضم المحاكم.
الإخوان فى نقابة المحامين فى 2009
كل هذا وغيره من الأسباب التى وصفها البعض بأنه " تكبر " ، وأعتبرها آخرين غرور"، خاصة أن عاشور والمقربين منه يتحركون وفق الشعار القديم " النقيب هو النقيب"، وعليه فلم يبذل جهد كبير في الحركة بين المحامين وخاصة في المحافظات، خلافا لعدم الرد على الشائعات أو ما يردده خصومه من مقولات واتهامات، بجانب أن الثقة الزائدة أنعكست على الناخبين الذين اعتبروا أن النقيب عاشور فائز لا محالة ولا أحد يستطيع أن يوقفه كما كانوا يرددون هذا في 2009 ، فهذه الثقة المٌبالغ فيها جعلت أيضا أعضاء القائمة معه يعملون لأنفسهم أكثر مما يعملون له ، بدليل أن قائمته فاز منها تقريبا 15 عضو ، بينما لم يفز هو ، وعليه فلم يطبعوا الكثير من الدعاية الانتخابية للنقيب، وكان أغلبها لأعضاء القائمة فرادى أو إجمالا ، حتى أنه مندوبى عاشور في الانتخابات لم يظهروا عن الكثير من اللجان ولم يكن هناك الكثير ليدعو له أمام اللجان الانتخابية كما هو العرف والمتبع في مثل هذه الانتخابات.
مجلس نقابة المحامين 2009
وأكبر دليل على ذلك ما قاله يحيى التونى أمين عام صندوق النقابة السابق والفائز على قائمة عاشور فور إعلان النتيحجة " لم تكن النتيجة متوقعة على مستوى مقعد النقيب، فالمعركة الانتخابية كانت هذه المرة مفاجأة للجميع، لكنها على مستوى مقاعد المجلس كانت مقبولة ومتوقعة".
سابعا : تعديل القانون وإطلاق مدة النقيب
يعتبر البعض أن تعديل قانون المحاماة رقم 147 لسنة 2019، "القش التي قصمت ظهر عاشور"، فشكل ومضمون التعديل كان مثار غضب المحامين وفي مقدمتهم الشباب ، خاصة أن توقيت التعديل قبل شهور من الانتخابات ، وسرعة التعديل وغياب المناقشة الموضوعية أو الحوار المجتمعي بين المحامين على النقاط الخلافية، أو أولويات النصوص ، كل هذا خلق شعور لدى الكثيرين بأن هناك من يريد أن يسيطر على النقابة ويوجهها لصالحه الخاص .
مناقشات تعديل قانون المحاماة بمجلس النواب - اللجنة التشريعية
فعلى سبيل المثال نص مدة النقيب، فالتعديل الجديد أطلق مدد النقيب بدون سقف محدد عكس السائد في النقابة ، فالمدة القانونية للنقيب كانت دورتين متتاليتين فقط ، وهذا استفز المحامين واعتبروه مخالف ليس للقواعد النقابية بل لقواعد الديمقراطية ، وهذا موقف لم يمر على الكثيرين دون أن يترك غصة لديهم.
ثامنا : منع قيد خريجى التعليم المفتوح
من النصوص القوية في تعديل قانون المحاماة هو وقف قيد خريجي التعليم المفتوح في النقابة وهو النص الذي كان يريد الكثير من النقابيين تعديله بالفعل، إلا أن أي منهم لم يمتلك الشجاعة على القيام بذلك ، وكان يعمل لحساب الأصوات الانتخابية ويريد أن يحافظ على موقعه أو منصبه ليس أكثر ، إلا أن عاشور كان صاحب الشجاعة في أن يوقف خريجي التعليم المفتوح من التدفق بهذا الشكل للنقابة ، وهو من الأسباب القوية التي أضعفت موقع عاشور انتخابية .
وقفة احتجاجية لخريجى التعليم المفتوح اعتراضا على وقف قيدهم فى النقابة
ونصت مادة (13/ بند 3) : أن يكون حاصلاً على الثانوية العامة أو ما يعادلها من الشهادات الأجنبية المعتمدة فى مصر، وإجازة الحقوق من إحدى كليات الحقوق أو شهادة من إحدى الجامعات الأجنبية أو فروعها فى مصر والتى تعتبر معادلة لها طبقاً لأحكام القوانين واللوائح المعمول بها فى جمهورية مصر العربية .
فكان موقف نقابة المحامين تحديدا دافعا قويا من أسباب وقف برامج الحقوق وغيرها من البرامج المهنية في التعليم المفتوح ، وهذا النص تحديدا رغم أنه لم يطبق بأثر رجعي لمن تم قيدهم في النقابة من خريجي حقوق التعليم المفتوح ، إلا أن النقابة أصبح فيها مواقع قانونية مختلفة فهناك قضايا لخريجين من التعليم المفتوح لم يتم الموافقة على قيدهم ، وهذا وًلد قلق المحامين المقيدين فعليا في النقابة من تعديل قد يأتى فيما بعد يخرجهم من النقابة، خلافا إلى أن المقيدين فعليا في النقابة من التعليم المفتوح بدءوا يشعرون أنهم محامين درجة تانية وأن هناك فروق بينهم وبين خريجي التعليم النظامي. فعقد العديد منهم العزم على إبعاد من تسبب في هذا الوضع "عاشور" ، بجانب أن هناك قيادات نقابية في الفرعيات وعدوا المحامين المقيدين من التعليم المفتوح بمساعدتهم في تخطئ هذا الوضع وتغييره ، خاصة أن هناك عشرات الأحكام القضائية بشأن هذا.
تاسعا: تخفيض عدد أعضاء مجلس النقابة
تعديل النص الخاص بعدد أعضاء مجلس النقابة العامة ، وتخفيضه بحوالى 100% من 56 عضو إلى 28 عضو فقط وإنهاء وضع قديم كان قائما من اختيار ممثلين عن كل المحاكم الإبتدائية ، ليعود الوضع إلى القانون القديم من تمثيل محاكم الاستئناف فقط ، خلق هذا أزمة في غياب عدد كبير من الأعضاء كانوا ضامنين تواجدهم لتمثيل المحاكم الابتدائية ، وبالتالى عمل هؤلاء ضد المسئول عن التعديل ومن قلص أعداد المجلس ، ومن جانب الناخبين اعتبر من ينتمون للمحاكم الابتدائية والجزئيات أنه لم يعد هناك من يمثلهم حقيقة في المجلس وأنهم أصبحوا خارج حسابات النقيب "عاشور" والمجلس ، لذا أخذ الآلاف من المحامين بأن يردوا الفعل للمسئول عن إبعاد التمثيل عبر المحاكم الابتدائية ، وتحالفوا مع أعضاء مجالس نقاباتهم الفرعية وأعضاء مجلس النقابة العامة السابقين في إسقاط أو إبعاد "عاشور" .
مجلس نقابة المحامين فى 2015
عاشرا : مركزية الإدارة
سحب الصلاحيات من الأمين العام والوكلاء وأعضاء المجلس وتمركز سلطة القرار في النقابة وأي إجراء في يد النقيب خلق شعور بالتمرد لدى العديد من أعضاء المجلس من جانب لأنهم أصبحوا عديمي الفائدة في نظر المحيطين بهم ونظر أنفسهم أحيانا ، خاصة وأنه لم يكن هناك مشاورات ولا مناقشات داخل المجلس وكان القرار يتم بشكل منفرد ، فأصبح أي إجراء أو توقيع لا يمر إلا من خلال النقيب شخصيا ، مما كدس الملفات وخلق حالة من الارتباك في إنهاء مصالح أو تأدية الخدمات من جانب ، ومن جانب آخر أدى لتقليل مكانة أعضاء المجلس وأعضاء هيئة المكتب في أمام ناخبيهم وأعضاء النقابة.
وتحمل عاشور جميع أوزار ضعف أو إخفاق النقابات الفرعية، وتحمل ضريبة هذه المركزية في أن النقابات الفرعية ألقت بالائمة والمسئولية عن غياب الخدمات أو تدنيها في مربع عاشور.
كما أن البقاء فترة طويلة في ذات المنصب يولد عداءات من جانب ويخلق حالة من عدم الرضا من جانب آخر لبعض الفئات التى ترى أن ما يقدمه النقيب باعتبار أنه يراه لسنوات طويلة أن ما يقوم به لا يلبى طموحات الأعضاء أو لا يمثل الخدمة الحقيقية التى يبحث عنها هذا العضو ،يضاف إلى ذلك أن كثرة سنوات العمل النقابى لعاشور ولدت لدى المقربين منهم "عشم زائد" وولد للدى الكثيرين أنهم أصحاب فضل على النقيب لأنهم هم من يصوتون لهم وعليه فلابد أن يلبى طلباتهم وأن يميزهم عن غيرهم وعندما تزيد هذه الفئات من مطالبها فعدم تنفيذها يعني خسارتهم وحصل ما قد يطلق عليه" الابتزاز الانتخابى"، وهو ما حدث في كثيرا من المواقف والشخصيات التى لا يتسع المقام لذكرها وخاصة في التنافس للفوز بالترشيح على القائمة أو طلب الدعم في انتخابات الفرعيات.
والأيام القادمة ستكون هى الحكم على من يحكم مصالح المحامين ويلبى الخدمات الأساسية للنقابة ويعيدها لمكانتها ممن يبحث عن الواجهة والمناصب النقابية فيط .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة