نقرأ معا كتاب "العلاقات الدولية: مقدمة قصيرة جدًّا" تأليف بول ويلكينسون ترجمة لبنى عماد تركى مراجعة هبة عبد العزيز غانم والذى صدرت ترجمته عن مؤسسة هنداوى.
تتطرق هذه المقدمة القصيرة إلى مجموعة متنوعة من القضايا المحورية اللازمة لفهم العلاقات الدولية الحديثة، بدءًا من السياسة الخارجية، ومرورًا بالقضايا المتعلقة بالسلاح والإرهاب، ووصولًا إلى قضايا البيئة والفقر فى العالم.
يبحث بول ويلكينسون دور القوى العظمى، وتأثير المنظمات الكبرى كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتأثير الحركات العرقية والدينية فى جميع أنحاء العالم، بهدف توضيح كيفية تشكيل هذه العوامل لطريقة تفاعل الدول والحكومات.
هذا الكتاب المواكب لمستجدات العصر لا غنى عنه لكل من يسعون إلى تكوين وجهة نظر جديدة تساعدهم على فهم الأحداث الجارية فى عالم يزخر بالصراعات والاضطرابات السياسية.
يقول الكتاب:
مفهوم العلاقات الدولية مفهوم فضفاض للغاية، فهو فى استخدامه الحديث لا يشمل العلاقات بين الدول فحسب، بل يشمل أيضًا العلاقات القائمة بين الدول والمنظمات من غير الدول؛ مثل الكنائس ومنظمات الإغاثة الإنسانية والشركات متعددة الجنسيات، والعلاقات القائمة بين الدول والمنظمات الحكومية الدولية؛ كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسوف أستخدم فى هذه المقدمة القصيرة جدًّا هذا المفهوم الفضفاض لمادة العلاقات الدولية.
تُدَرَّس مادة العلاقات الدولية فى جامعات عديدة، مقترنة فى كثير من الأحيان بمنهج العلوم السياسية، أو متضمَّنَة فيه، إلا أننى أرى أن محاولة علماء السياسة أن يفرضوا نوعًا من أنواع الاحتكار على مادة العلاقات الدولية هو أمر غير قابل للتطبيق ولا الاستمرار؛ فالدارس الجاد للعلاقات الدولية يجب أن يتحلى ببعض المعرفة بالتاريخ والقانون والاقتصاد الدوليين، إضافةً إلى السياسة الخارجية والسياسة الدولية.
وقد كانت تلك الطبيعة المركَّبة ومتعددة التخصصات لمادة العلاقات الدولية هى التى جعلت من البحث عن نظرية عامة فعالة للعلاقات الدولية "مهمة مستحيلة" ولا يعنى هذا أنه لا توجد نظريات جزئية أو محدودة قيِّمة يمكن تطبيقها على جوانب بعينها من تلك المادة (على سبيل المثال: ثمة مجموعة من النظريات المفيدة فى مجالات التنمية الدولية، والحد من الأسلحة، والدورات التجارية، وسباقات التسلُّح)، بيْد أنَّ مدراس الفكر الرئيسية التى توضع على أساسها نظرية عامة فى مجال العلاقات الدولية لم تثبُت بأى شكل علمي، بل إنها تمثِّل طرقًا لفهم العلاقات الدولية، أو صورًا تشبيهية أو نماذج تَلقى قبول المقتنعين بها؛ لأن تلك هى الطريقة التى يفضلون رؤية العالم بها. ويمكن القول إنَّه إذا ساد نهج بعينه من نُهُج تفسير العلاقات الدولية بالقدر الكافي، فقد يصبح مُرضيًا فى حد ذاته. وأحد الأمثلة الجيدة على ذلك هى النظرية الواقعية فى العلاقات الدولية، التى يمكن القول إنها ما زالت أكثر المدارس الفكرية تأثيرًا فى مجال العلاقات الدولية على طرفى المحيط الأطلنطى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة