هناك على مدار التاريخ جماعات تنحى العقل جانبا، وتتخذ من البدع والجهل أسلوبا في التعايش مع واقع الحياة، متخذة من الدين ذريعة لجهلهم، ومن هذه الجماعات بالتأكيد جماعة الإخوان المسلمين، التي خرجت علينا بحملة للتكبيرات من النوافذ ومحاولة التظاهر ضد فيروس كورونا.
الإخوان حاولوا إقناع الناس أن التكبيرات ستنهى فيروس كورونا، وأن التكبير في الشوارع هو السبيل للقضاء على الفيروس، وليس العلم والأبحاث العلمية، والأدوية الطبية، واعتبرت الفيروس عقاب من الله، ولم يحسنوا ظنهم بالله، بالتأكيد التكبير ليس عيبا، فالمؤمن لا يحتاج للوباء لذكر اسم الله، لكن الخطأ هو الاعتقاد، بأن الله موجود فقط محقق للرغبات.
التي لا يغرف للجهلة، كما أن كتب التراث مليئة بالعديد من البدع التي ابتدعها الجهلة لمواجهة الأوبئة في مصر، شهد الغرب أيضا مثل هذه الجماعات "الجهلة" التي اعتبرت أن الوباء انتقام إلهي، وقامت بالتصرفات الجهلة في مواجهة مثل الأوبئة.
كتاب الموت الأسود
وبحسب كتاب "الموت الأسود جائحة طبيعية وبشرية في عالم العصور الوسطى" تأليف روبرت. س. جوتفريد، أنه عندما تفشى وباء الطاعون الكبير، أو الموت الأسود فى القرن الرابع عشر، وأفنى ما بين 30% إلى 40% من سكان العالم، ظهرت فى ربوع ألمانيا – المكان الأكثر جهلا فى أوربا وقتها - طائفة أسمها "السياطين"، وهم جماعة اعتبرت إن هذا الوباء نتيجة الذنوب، فعملوا سياط من جلد سميك، وفيها مسامير صغيرة، وبدأوا يمشوا فى مسيرات ضخمة كبيرة طويلة وهم يضربوا أنفسهم بالسياط بمنتهى العنف، معتبرين إن هذه كفارة ذنوب أهل الأرض حتى يتوقف البلاء.
وكانت مسيرات السياطين تسير فى مواكب تتخذ هيئة الأفاعى اثنتان اثنتان، وكان الرجال يتقدمون تلك المواكب ووراءهم النساء، وهم يرددون ترانيم، وكانوا يتخذون أردية بيضاء بيضاء مزينة بصلبان حمراء في مقدمتها وخلفها، كما كان بعضهم يحمل صلبانا، وكانوا يدعون قائدهم بالسيد أو الأب وكان هو بدوره ينصت إلى اعترافاتهم، كما كنا وهو ما صار يزعج الكهنة، يعرض عليهم الكفارة ويمنحهم الغفران في مقابل أن يؤدى الواحد منهم قسم الطاعة له طاعة مطلقة طيلة بقاء الموكب.
وكانت المسيرة الواحدة تدوم 33 يوم وثلث، - العمر الدنيوي للمسيح-، وكان محظور عليهم الاغتسال أو حلق الذقن أو تغير الثياب، وليس لهم أن يناموا في فرش مريحة، مع انهم سمح لهم بأن يغسلوا أياديهم مرة واحدة في اليوم.
كذلك كان محظورا عليهم الحديث لبعضهم البعض، دون إذن من سيدهم، كما كان محظورا عليهم كذلك ممارسة الجنس، أو التحدث إلى امرأة ولو بكلمة واحدة، وكان كل من يقدم على ذلك يؤمر بالركوع أمام سيده طلبا للكفارة، عندئذ يقوم السيد بضربه وهو يقوله له: "انهض على شرف الاستشهاد، ويتوجب عليك منذ الآن أن تحصن نفسك ضد الخطيئة".
الغريب أن هذه القطوس كانت تؤدى مرتين على الأقل في اليوم الواحد، وإذا حدث ودخلت امرأة أو قس إلى تلك الحلقة، أو تسببت في عرقلته بأية طريقة لا يكون قد سبق الاتفاق عليها مع السيد، يعاود السياطون الكرة، وإذا شعر السيد بأن السياطة لا تؤرد على ما يرام يأمر بواحدة ثالثة، وكان يبدون ان أنهم يعون جيدا ما يقومون به، وأحيانا كانت المسامير الحديدية تنغرز في أجسادهم، ويصبح من الضرورى انتزاعها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة