منذ أن رحلت الحملة الفرنسية من مصر عام 1801م، والإنجليز لا يفتأون يتحينون الفرص للوثوب عليها، واحتلالها. فهم لم يعاونوا السلطان فى إجلاء الفرنسيين عن مصر، ليس دفاعًا عن الحق والمثل العليا، وإنما توطئة للقيام بالعدوان نفسه من جانبهم، واحتلال البلاد التى على منتصف الطريق، بين جزيرتهم وبين الهند، الدرة اليتيمة فى تاج إمبراطوريتهم، وبالفعل نفذوا حملة مسلحة لاحتلال مصر فى مثل ها اليوم من عام 1807م، والتى عرفت بحملة فريزر.
كانت بداية القصة كما ذكر كتاب "الكتاب الأسود للاستعمار البريطانى فى مصر" للباحث شحاتة عيسى إبراهيم، والصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، أن الإنجليز ظلوا يتحينون الفرص 6 سنوات كاملة، منذ مغادرة الحملة للأراضى المصرية، ويدبرون المؤامرات، ويحوكون الدسائس، مستعينين بأحد زعماء المماليك، المدعو "محمد بك الألفى" الذى اتخذوا منه عميلا لهم فى مصر وهذا كان سبب تلكهم فى مغادرة الأراضى المصرية، عقب مغادرة الفرنسيين لها، وأغدقوا عليه الهدايا والأموال، حتى إذا ما عاد إلى مصر نفذ مخططهم، وعمل على تثبيت قدمهم، ولكن سياستهم باءت بالفشل إذ لقى الألفى حتفه على يد منافسيه من المماليك.
فريزر
ويشير الكتاب "الكتاب الأسود للاستعمار البريطانى فى مصر"، إلى أن الإنجليز فشلوا أيضًا فى الضغط على السلطان لابعاد محمد على وجنوده عن مصر، وعندئذ كشف الإنجليز عن نيابهم، فشرعوا يستخدمون القوة فى أدارك مآربهم، أنفذوا حملة مسلحة لاحتلال مصر عام 1807م، هى التى عرفت بحملة فريزر، احتلت الإسكندرية فى مارس 1807م ثم احتلت رشيد.
حملة فريزر
ولكن ماذا فعل الشعب المصرى آنذاك؟، يوضح الباحث شحاتة عيسى إبراهيم، أن الشعب المصرى الذى دوخ الفرنسيين بثوراته المتلاحقة ضدهم، هب لصد المتعدين الإنجليز، ووقف أهل رشيد وقفة رجل واحد وهزموهم هزيمة منكرة، وكانت قد نمت إليهم أخبار أهل القاهرة واستعدادهم لحمل السلاح، والتوجه إلى الإسكندرية ورشيد، للقضاء على فريزر وحملته.
ولذلك لم ير الإنجليز حل غير الانسحاب، وأبرموا صلحا مع المصريين، وأجلوا بمقتضاه فى سبتمبر عام 1807م، راضين من الغنيمة بالإياب.