لا تزال مصانع قطاع الاقتصاد غير الرسمي – مصانع بير السلم – تُمثل صداعًا في رأس الدولة، يُهدر مليارات الجنيهات على خزانة الدولة حيث تعمل تلك المصانع بعيدا عن المنظومة الرسمية، كما تُمثل خطرًا داهما على صحة وحياة الكثير من المواطنين الذين يلجؤون إلى شراء منتجات تلك المصانع نظرا لأسعارها المنخفضة، والتي تُسبب العديد من الأمراض لاستخدام مواد خطرة في تصنيعها بعيدا عن أعين الأجهزة الرقابية.
من ناحيته قال النائب طارق متولى، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن أماكن انتشار مصانع "بير السلم" معروفة، مشيرا إلى أن منطقة باسوس بمحافظة القليوبية مشهورة بمصانع بير السلم خاصة في مجال المنتجات الورقية والأسلاك الكهربائية، مؤكدا أن المسئولية هنا مُشتركة بين وزارات التنمية المحلية والصحة والصناعة وهيئة الرقابة الصناعية، مع التأكيد على دور وزارة البيئة في التخلص من النفايات الصحية لأنه يُعاد تدويرها مرة أخرى في بعض الصناعات.
وأشار متولى في الوقت نفسه إلى أن هناك نوع من الجهد المبذول من جانب الأجهزة الحكومية والرقابية، مضيفا: "لكنه لا يرتقى للحد من الظاهرة، ونحتاج إلى مزيد من الجهود والتنسيق والتكامل بين الجهات المعنية"، موضحا انه سيتقدم بمُقترح لتغليظ العقوبة على المنتجات التى تضر بصحة المواطنين، قائلا "صحة المواطن المصرى خط أحمر، الرئيس السيسى يُطلق المبادرات الصحية للحافظ على صحة المواطنين، ويتم إنفاق مليارات الجنيهات على تلك المبادرات"، مؤكدا على ضرورة العمل على نشر الثقافة لدى المواطن المصرى وتوعيته بخطورة استخدام تلك المنتجات، قائلا "وهنا يأتي دور الصحافة والإعلام".
وقال متولى لـ"اليوم السابع": "في دواء سعره في الصيدلية 140 جنيه جيبته من على الرصيف بـ7 جنيه فقط"، مشيرا إلى أن المصانع التي تُنتج هذه المنتجات تعيد تعبئة العبوات المُلقاة في القمامة بمنتجات مغشوشة ومُقلدة، لافتا إلى أن هذا الأمر يحدث في الأدوية والمنظفات، مضيفا: "وهو أمر في منتهى الخطورة، وتلك المنتجات تؤدى إلى الإصابة بأمراض خطيرة ومن الممكن أن تؤدى إلى الوفاة".
وأوضح النائب أن مصانع القطاع غير الرسمي نوعان، الأول مصانع لها مشكلات مع البيروقراطية الإدارية، قائلا: "ونحن على استعداد كامل لحل مُشكلات تلك المصانع ومُرحب بدمجه بالمنظومة الرسمية، والبرلمان أصدر بالفعل قانون تيسير إجراءات منح التراخيص الصناعية وقانون الهيئة العامة للتنمية الصناعية للمساهمة في حل تلك المشكلات وتيسير الأمور"، مضيفا: "الجزء الآخر من هذه المصانع يعمل بعيدا عن أعين الرقابة والدولة، ولديه الرغبة في ذلك لأنه يُنتج منتجات غير مطابقة للمواصفات الصحية والقياسية، وهذا النوع هو الأخطر ويجب القضاء عليه".
وأكد النائب طارق متولى أن الدولة ليس لديها رغبة فى محاربة فرص العمل القائمة بتلك المصانع، إنما الحفاظ على حقوق هؤلاء العاملين، قائلا "الدولة ترحب بإتاحة فرص العمل من خلال المنظومة الرسمية وتحت أعين الدولة للحفاظ على الصحة العامة، فضلا عن حفظ حقوق العمال بالتأمين عليهم اجتماعيا وصحيا، العامل فى المنظومة غير الرسمية لا يتمتع بأى مزايا ومظلوم".
كما تقدمت النائبة منى منير، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى الدكتور على عبد العال، رئيس البرلمان، موجهاً لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الصحة، بشأن استخدام مواد سامة لصناعة حفاضات الأطفال، بما يسبب أمراض جلدية دون رقابة حقيقية من الجهات المعنية.
وقالت منى منير، في طلبها إن وكالة البيئة الفرنسية (ANSES) فى دراسة مؤخرًا، خلصت إلى أن هناك مواد سامة فى حفاضات الأطفال التى تُباع فى الأسواق، بسبب وجود مادة "الغليفوسات" القاتل بها، وهذا يرجع إلى أن بعض الحفاضات المغشوشة يتم تعبئتها في أكياس مشابهة لأكياس الحفاضات الأصلية، مع وضع ماركات وهمية عليها، ويستخدم في إعادة التعبئة ورش غير معدة بالطبع للتعامل مع منتجات خاصة بالأطفال.
وأشارت البرلمانية، إلى أن حجم سوق حفاضات الأطفال في مصر 5.5 مليار جنيه سنويًا، في حين أن هناك 5 شركات محلية فقط لإنتاج الحفاضات بشكل رسمي في مصر، حيث انتشرت ظاهرة مصانع بير السلم التي تعمل على ترويج حفاضات مغشوشة بأسعار أرخص من الأصلي قد تصل إلى نصف المبلغ، بل يقلدون أيضًا العلامات التجارية للشركات الأصلية، بقصد الوصول إلى المستهلك بشكل أسهل.
ونوهت مني منير إلى أنه الفترة الماضية، ازدادت شكاوى المواطنين من حفاضات الأطفال المغشوشة، خاصة بعد تسجيل عدة حالات واجهت حروق جلدية، بعدما استخدمت حفاضات مغشوشة ومضاف بها مواد كيميائية ضارة للغاية، بجانب تحذيرات طبية من إمكانية الحفاضات المغشوشة في التسبب في أمراض جلدية مزمنة يؤثر على الأطفال بقية حياتها.
وتابعت منى منير، أن مصدر هذه المنتجات المغشوشة، الأساسى هى محال بيع المنظفات، التي تروج تلك المنتجات دون التأكد من ماهيتها الرئيسية، لافتة إلى أن المحلات الصغيرة تشتري الحفاضات من سوق الجمعة، حيث يحصلوا عليها بأقل الأسعار نسبة لأسعارها في المصانع الأخرى، وهناك تأكيدات بأن المصانع تستخدم مواد كيميائية في صناعتها، بل يجمعوها من مستلزمات قطنية مجهولة المصدر، حتى يتمكنوا من بيعها بأسعار رخيصة داخل.
ولفتت إلى أن أغلبية الأمهات لا يلجأن إلى الطبيب فى حالة ظهور أعراض جلدية خطيرة قد تؤذى جلد الطفل مثل الهرش والحكة المستمرة، خاصة حول فتحة الشرج، وهو ما قد يغيب عن ذهن الأمهات، أن السبب الرئيسى فى ذلك هو أن الحفاضة مصنوعة من مواد غير قطنية صماء تجعل الطفل فى حالة بلل مستمر.
وأرجعت انتشار هذه المنتجات الضارة إلى غياب الرقابة على الأسواق والمصانع، خاصة ما يصنع تحت بير السلم، ويجب أن تقوم الجهات المعنية بحملات توعوية ضد هذه المنتجات الضارة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة