من الكتب المهمة التي تستحق الدراسة كتاب اللإصلاح الدينى بعد الربيع العربى، تأليف مجموعة من الباحثين، وصدر عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود ومركز دال.
وينطلق الكتاب من سؤال الإصلاح الدينى ليس سؤالاً عن الماضى فحسب، بل إنّه سؤال يتعلّق بالحاضر وبطبيعة تعاطينا مع الأرضية المعرفية التى تظللنا اليوم، والتى من شأنها أنها ارتبطت بمفاهيم مفارقة للماضى منها ما هو دينى، ومنها ما هو قانونى تشريعى، ومنها ما هو حقوقى، ومنها ما هو سياسيى.
والتحدى اليوم هو تحدٍّ فكرى ومعرفى فى استيعاب الماضى وتجاوزه إلى تصورات وطروحات معرفية معاصرة فى فهمنا لقضايا الدين والدولة والمجتمع؛ فالمسألة هنا ليست مسألة توفيق أو تلفيق بين الماضى والحاضر؛ بقدر ما هى مسألة نقد معرفى تحليلى وخلق وإبداع وحرية وتحرير.
علينا أن نعى أن الإصلاح الدينى فى غاياته الكبرى ذو أبعادٍ إنسانية تتجاوز الإصلاحات الجزئية، ولعلّ الوعى بهذا الأمر سيسهم بقسط كبير فى عدم السقوط فى ما سقطت فيه محاولات الإصلاح القديمة. وبذلك يمكن أن يتّجه الإصلاح الدينى نحو تجاوز كلّ ما أعاق المجتمعات الإسلاميّة عن القيام بدورها الحضارى الّذى تقاعست عنه، وبقيت إزاء ما يحصل فى الغرب فى مكان المتفرّج أو المنبهر أو الناقم، ولم تخرج من ثمَّ من الانفعال إلى الفعل بسبب العجز عن الانعتاق من القيود الثقافيّة والاجتماعيّة والسياسيّة.
ويتضمن الكتاب إحدى عشرة دراسة لباحثين ومفكرين تونسيين شاركوا فى الندوة التى عقدتها مؤسسة "مؤمنون بلا حدود" بمدينة سوسة بتونس.
تتناول الأبحاث نقد ومراجعة لمشروع الإصلاح الدينى بعد ثورات الربيع العربى، ودراسة لشروط ذلك الإصلاح بالإضافة لمناقشة حرية الاعتقاد والضمير فى خطاب الإسلاميين ودراسات أخرى حول الموروث الديني، ومدى نجاح المسلمين فى إنتاج فلسفة للدين حتى الآن، وكيف نجحت أوروبا فى الإصلاح الدينى فى حين تعثر الإصلاح الدينى فى العالم الإسلامى بالإضافة لدراسات أخرى تدور حول رهانات ومتطلبات الإصلاح الدينى.
شارك فى الكتاب باحثون تونسيون بارزون منهم: بسام الجمل ومحمد الخراط وحمادى ذويب وأنس الطريقى ومرشد القبي، ونسق الكتاب بسام الجمل ونادر الحمامى.
الكتاب يأتى ضمن سلسلة الندوات التى تصدرها مؤسسة مؤمنون بلا حدود بالتعاون مع مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامى بالقاهرة.