تحديات كبيرة تقترب من ويلات الحرب، تواجه الاتحاد الأوروبى، أمام أزمة وباء فيروس كورونا المستجد، والذى مالبث أن وجد نفسه معرضًا للكثير من الانتقادات، فيما ألمح البعض بتفكك الاتحاد الأوروبى، فور انتهاء الأزمة.
ولم تخلو خطابات رؤساء دول التكتل، والأكثر تضررًا مثل إيطاليا وإسبانيا من كلمات فشل الاتحاد التاريخى، وأعطاهم البعض فرصة لإثبات نفسه مرة أخرى، وإعادة لملمة شتاته الذى قد يكون كورونا فرقه، فاقترح بريطانى بارز 3 اختبارات على الاتحاد تخطيهم.
وحذر البابا فرانسيس، الاتحاد الأوروبي، من تعرضه للانهيار ما لم يتفق بشأن سبل مساعدة المنطقة، على التعافي من تداعيات فيروس كورونا، مؤكدا أنه لا وقت للامبالاة والأنانية في مواجهة الوباء.
فيما قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في برلمان مدريد إن الاتحاد الأوروبى فى خطر إذا لم يكن هناك تضامن، حيث دعت إسبانيا إلى جانب إيطاليا ودول أخرى إلى إصدار سندات كورونا ترفضها ألمانيا ودول أخرى.
وقال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي الشيء نفسه، لبي بي سي البريطانية "إنه تحد كبير لوجود أوروبا، و إذا لم يتم إنقاذنا، فعندئذ علينا شطب أوروبا، والجميع يفعل ما يفعله.
حتى السياسي الألماني فريدريش ميرز يرسم صرح لصحيفة "راينيشي بوست" أنه لا يمكن استبعاد فشل أوروبا، كما أن أزمة اليورو الثانية ليست كذلك غير واردة ولهذا السبب يتعين علينا أن نبذل كل ما في وسعنا للحفاظ على أوروبا معا.
ولكن ماذا يعني ذلك على وجه التحديد؟ ما الذي يجب فعله حتى لا يفشل الاتحاد الأوروبي؟
اقترح المؤرخ البريطانى تيموثي جارتون آش ثلاثة اختبارات عملية فى حوار مع صحيفة تاج شبيجل الألمانية.
و جاء الاختبار الأول متمثلًا فى الموقف الحالى للمجر، والديكتاتورية التى أصبحت عليها الدول التى تمثل عضو فى الاتحاد الأوروبى، وهو الشرط الذى لا يقبله الاتحاد، مع قانون التمكين الذي أقره رئيس الوزراء أوربان، والذى يعطيه كامل السلطات لفعل ما يريده.
كما يأتى الاختبار الثانى متمثلًا فى الموقف الصعب الذى تمر به إيطاليا أكثر الدول الأوروبية تأثرًا بوباء كورونا، والتى أعلنت مرارًا وتكرارًا حاجتها إلى التضامن الأوروبى، سواء من خلال علاج المصابين، أو سندات خطة الإنقاذ المالية.
وألمح جارتون آش، إلى أن هذا الاختبار موجه أيضًا فى المقام الأول إلى ألمانيا، خاصة بعد رفض المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ووزير ماليتها شولز، التضامن المالى فى شكل سندات.
وبعد تحول مسار الوباء نحو الانحدار وتقلص أرقامه ستتبلور أكثر الآثار السياسية لهذا الاختبار الذي مرت به أوروبا. فدول الجنوب ستحاول تحسين مواقعها داخل الاتحاد على المستوى المالي وهذا ما يفسر الموقف الصلب الذي تتخذه دول الشمال مثل ألمانيا وفنلندا وهولندا والنمسا في موضوع ما عرف بسندات كورونا، والطلب من الدول الغنية في الاتحاد بتقديم ضمانات لقروض تعتزم دول مثل إيطاليا واليونان وإسبانيا الحصول عليها بهدف خفض فوائدها.
وهنا سارعت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، للاعتذار من إيطاليا على تأخر رد فعل الاتحاد بشأن تفشي وباء كوفيد-19، وذلك في رسالة نشرتها الصحف الإيطالية، وقالت إن أوروبا تتحرك اليوم وتقف إلى جانب إيطاليا لكن الأمر لم يكن دائما كذلك.
كما كشف وباء كورونا عن الثغرات الكبيرة في النظام الصحى الأوروبى فالمواثيق التي يقوم على أساسها التعاون الأوروبي تحفظ للدول الأعضاء صلاحية إدارة قطاعات الصحة، والحماية الاجتماعية وإدارة الحدود ليكون التحدى الثالث متمثًلا فى إمكانية قيام جهاز طموح قادر على التعامل مع أزمات صحية من هذا النوع. لكن التحديات التي تحول دون تحقيق ذلك كثيرة وهي تستوجب تنازلات سيادية وتحويل جزء من الموازنات المخصصة لهذه القطاعات الى إدارات الاتحاد المركزية، وأي إجراء يصب في هذا الاتجاه يستوجب إصدار قوانين جديدة تنعكس تعديلات في المواثيق الأوروبية، ما سيستدعي الدعوة الى استفتاء عام بالنسبة الى بعض الدول، أمر تحاول حكومات بعض الدول الأوروبية تجنبه لئلا يفتح الباب أمام المطالبات بتعديلات أوسع.