"نحن بمقاييس العالم الصناعي الأوروبي، فلاحون فقراء، ولكنني حين أعانق جدي أحس بالغنى، كأنني نغمة من دقات قلب الكون نفسه"، هكذا قال الروائى السودانى الكبير الطيب صالح عن نظرة الغرب لنا كعرب في روايته الأشهر "موسم الهجرة إلى الشمال".
و"موسم الهجرة إلى الشمال" ليست فقط أيقونة الطيب صالح الخالدة وواحدة من أهم الأعمال الأدبية في التاريخ العربى والأفريقى، بل إنها أحد الأعمال التي مهما طال عليها الوقت لا تقدم وتبقى نظرتها وموضوعها قائم لا يموت.
وموسم الهجرة إلى الشمال هي رواية كتبها الطيب صالح ونشرت في البداية في مجلة حوار (ع 5-6، ص 5-87) في سبتمبر 1966، ثم نشرت بعد ذلك في كتاب مستقل عن دار العودة في بيروت في نفس العام.
اختيرت رواية موسم الهجرة إلى الشمال كواحدة من أفضل مائة رواية في القرن العشرين على مستوى الوطن العربي، ونالت استحسانا وقبولاً عالميا وحولت إلى فلم سينمائي. إجمالاً تتناول الرواية في مضمونها مسألة العلاقة بين الشرق والغرب. وتعد "موسم الهجرة إلى الشمال" من الأعمال العربية الأولى التي تناولت لقاء الثقافات وتفاعلها وصورة الآخر الغربي بعيون الشرقي والغربي بعيون الآخر الشرقي الذي ينظر إليه كشخص قادم من عالم رومانسي يسوده السحر ويكتنفه الغموض.
في هذه الرواية يزور مصطفى سعيد، وهو طالب عربي، الغرب. مصطفى يصل من الجنوب، من إفريقيا، بعيدًا عن الثقافة الغربية إلى الغرب بصفة طالب. يحصل على وظيفة كمحاضر في إحدى الجامعات البريطانية ويتبنى قيم المجتمع البريطاني، وهناك يتعرف إلى زوجته، جين موريس، وهي امرأة بريطانية ترفض قبول املاءات زوجها. بعد أعوام يعود مصطفى إلى بلاده، حيث يلتقي هناك بصورة مفاجئة براوي القصة الذي عاش أيضًا في بريطانيا. القصة نفسها تروى عن طريق قصص يرويها الراوي والبطل.
وبحسب الكاتب الليبى أحمد الفيتورى، تعد "موسم الهجرة إلى الشمال"، رواية مواسم الهجرة المضطردة، حين كُتبت الرواية كانت الهجرة المرغوبة من الغرب على أشدها، وفي أثناء هذا قام الغرب وتوابعه باستنزاف الطبيعة وتهديد الأرض، ما نتج عنه أن قارة أفريقيا دفعت الثمن النفيس. ومن هذا فالرواية رؤيوية، وتصورية لمستقبل محتوم! فالقارة التي جعلها الاستعمار في مرحلته الأولى مزرعةً للعبيد في مرحلة ما بعد الاستعمار، أضحت الضحية الأبرز لاستنزاف الطبيعة وتدمير الأرض، خصوصاً أنها عاشت هذه الحقبة في حروب بالوكالة مضطردة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة