عادة ما يقع العديد من المواطنين في حالات "النصب" بسبب تسجيل أو كتابة عقد البيع، نتيجة إقدام البائع على كتابة عقد بيع ابتدائي أو نهائي، ما يؤدى إلى وجود ثغرات في عملية البيع ينتج عنها "إبطال العقد"، إلا أن الواقع يؤكد أن عقد البيع الابتدائي أو العرفي له حجيته فى عملية البيع والشراء.
والمشرع عرف العقد الابتدائي بأنه عقد عرفي بين طرفين بينما العقد النهائي هو العقد المسجل أمام الجهة المناط بها التسجيل وفقا للأوضاع التى يقررها القانون، وهى مصلحة الشهر العقارى وفى بعض الأماكن السجل العينى، وهنا توجد العديد من النصوص القانونية التى تحدث مشكلات عملية عند التطبيق وتحتاج فى كثير من الأحيان إلى تفسير وتوضيح، ويترتب على هذا الأمر صدور العديد من الأحكام.
هل العقد العرفي كافى للمطالبة بالريع وطرد الغاصب؟
فى التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الخطورة تقع بين البائع والمشترى تدور حول السؤال هل العقد العرفي كاف بذاته فى المطالبة بالريع وطرد الغاصب ولو لم يكن المشترى قد تسلم المبيع من البائع؟ أو بمعنى أدق هل عدم إستلام المشترى قطعة الأرض المبيعة التي اشتراها بموجب عقد ابتدائي لم يسجل يحول دون حقه فى مطالبة واضع اليد بالريع وطرده منها؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض عبد العزيز عمار.
المشرع أجاز لمشترى العقار أو الأرض بـ"عقد ابتدائى" مطالبة واضع اليد بالريع
في البداية – يجب أن نعلم أن العقد العرفي الصحيح كاف بذاته للمطالبة بالريع وطرد الغاصب ولو لم يكن المشترى قد تسلم المبيع من البائع، فقد سبق للهيئة العامة لتوحيد المبادئ وتناقض الأحكام بين الدوائر قضت بأن: "عدم إستلام المشترى قطعة الأرض المبيعة التى اشتراها بموجب عقد ابتدائي لم يسجل لا يحول دون حقه فى مطالبة واضع اليد بالريع وطرده منها"، وذلك طبقا للطعن رقم 680 لسنة 64 ق جلسة 12/10/2003 – وفقا لـ"عمار".
المشرع يحدد حزمة من التزامات البائع
وحدد المشرع التزامات البائع فقد أوجب عليه فيما ضمنته المواد 431، 432، 435 تسليم المبيع للمشترى، وذلك بوضعه تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يستول عليه استيلاء ماديا، ثم رتب فى ما ضمنته من نص المواد 439 إلى 455 أحكام ضمان البائع ومنها ضمان عدم التعرض للمشترى فى الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه سواء كان التعرض من فعله أو من فعل أجنبي، كما أشارت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني تعليقا على النص أن البيع غير المسجل كالبيع المسجل من حيث استحقاق المشترى للثمرات، وهو ما يدل جميعه على أن عقد البيع ولو لم يكن مشهرا ينقل إلى المشترى جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع ومنفعته من تاريخ إبرام العقد كما ينقل إليه جميع الدعاوى المرتبطة بها بما فى ذلك طلب "تسليم العين المبيعة" و"طرد الغاصب منها " – الكلام لـ"عمار".
رأى محكمة النقض فى الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض وأن تصدت لمثل هذه الأزمة فى الطعن المقيد برقم 4432 لسنة 70 جلسة 17/6/2014، فقد قضت بأنه يترتب على عقد البيع ولو لم يكن مشهراً انتقال جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع ومنفعته من تاريخ إبرام البيع، ومنها الثمرات والنماء في المنقول والعقار على حد سواء إلى المشترى ما دام المبيع شيئاً معيناً بالذات ما لم يوجد اتفاق أو عرف يخالف ذلك، كما تنقل إليه الدعاوى المرتبطة بها بما فى ذلك طلب تسليم العين المبيعة وطرد الغاصب منها واستيداء ريعها منه دون أن يكون سبق تسلمه للعقار المبيع شرطاً لذلك ، وأيضاَ أن انتقال الملكية ليست شرطا لطرد الغاصب ولا يترتب على عدم الشهر سقوط الحق فى الضمان "المادة 439 مدنى".
وتضمنت حيثياته أن عقد البيع ولو لم يكن مشهرا يلزم البائع بأن يمكن المشترى من الانتفاع بالمبيع وحيازته حيازة هادئة وينقل إلى المشترى جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع والدعاوى المرتبطة به ولا يترتب على عدم التسجيل سقوط حق المشترى فى الضمان لأن التزام البائع به هو من الالتزامات الشخصية التي تنشأ عن عقد البيع بمجرد انعقاده ، وتضمن أيضا: "أن انتقال الملكية ليس شرطا لطرد الغاصب وأن عدم شهر التصرف لا يترتب عليه سقوط حق الطاعن في الضمان".