تعد رواية "الأب جوريو" لبلزاك، درة الرواية الواقعية فى العالم، ومعلمها الأشهر، لا تهويمات خيالية، أو رطانة لغوية وإنشائية، هو العالم وشخوصه وعلاقته كما هي تتخبط في مصائرها الأليمة، التي صنعتها بنفسها، أو بالموضوعات الاجتماعية، باحثة عن مخرج أو مهرب، وترجمة الرواية ربما كانت الأكمل والأدق في المكتبة العربية لـ"الأب جوريو"، حاملة السمات الأسلوبية واللغوية الدقيقة لأحد سادة الرواية الغربية.
بدأت أحداثها التى اختيرت الرواية فى قائمة أفضل 100 كتاب من مكتبة بوكلوبن العالمية والتى شارك في وضعها مئة كاتب من 54 دولة مختلفة، في فرنسا في عام 1834، تم نشرها في مجلة باريس الأدبية التي ظهرت في المكتبات عام 1835، وهو جزء من مشاهد الحياة الباريسية في الملهاة الإنسانية، الأب غوريو يضع الأثاث لما سيصبح حقيقة: الكوميديا الإنسانية هي بناء أدبي فريد من نوعه.
أوجين دي راستنياك الذي ينحدر من أسرة متواضعة طالب مثالي إلى حدٍ ما وطموح جداً يدرس بكلية الحقوق، ويعيش في نزل بسيط في باريس مع الأب غوريو. يقرر تأجيل دراسته محاولاً التغلغل في المجتمع الباريسي، ويختار بمباركة الأب غوريو أن يقيم علاقة غرامية مع أحدى بناته.
وبحسب الكاتب ناصر الحرشى، إن رواية الأب غوريو بتفصيلاتها تدين المجتمع الباريسى المتيم بالمال، النزعة الربحية، وعلاقة العد والنقد، محولا شخصيات الرواية إلى عبيد لكيس النقود، به يأتمرون، وإليه يحتكمون، إذ تغدو لغة المال وفلسفته هي الغاية الأقصى والأسمى في هذه العلاقات التي تربطهم، يتلاعب كبهلوان بأخلاقياتهم ومصائرهم، حيث اللجوء والنزوح والركض خلفه، خوفا من فقدانه أو ضياعه، وهو الصورة الأبهى للخراب الروحي والشتات الأسري وتفكك العلاقات بين الآباء والأبناء، ثم بين الأزواج مخيما وجاثما بصولجانه الأبدي الغاشم على صدورهم، وهو أصل اللامساواة والآلام التي تحاصر شخصيات رواية الأب غوريو. لم يمنحهم المال خلاصا أو حتى محاولة إبحار في بحر الطمأنينة والسلام.
ويعد بلزاك من رواد الأدب الفرنسى فى القرن التاسع عشر، وهو مؤسس الرواية الواقعية فى الادب الأوربى، وهو روائى وكاتب مسرحى وناقد أدبى، اشتهر بكونه صحفيا، وله بصمات كبيرة فى الأدب الفرنسى حيث تعدت رواياته الـ90 رواية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة