منذ 12 عاما العالم كريس سترنجر، الخبير فى علم مستحاثات البشر، قدم مع فريقه العلمى عام 2008 ما يثبت أن جنس "النياندرتال" الذين عاشوا فى كهفين بمنطقة جبل طارق كانوا يتناولون المأكولات البحرية، ولكن مجموعة علماء أخرى دحضت نتائج هذه الدراسة، واعتبروها مقتصرة على مجموعة صغيرة فقط وغير شاملة.
وفى الوقت الحالى أعلن علماء جامعة برشلونة الإسبانية، أن جنس النياندرتال الذي كان يعيش في البرتغال خلال العصر الجليدي الأخير كان يستهلك المأكولات البحرية في غذائه بانتظام، ليثبت صحة نظرية العالم كريس.
بعض عظام الحيوانات الحرية التي عثر عليها في أكوام القمامة
وتفيد مجلة Science، بأن فريق علماء الآثار برئاسة جوان زيلهو من جامعة برشلونة توصل إلى هذا الاستنتاج، استنادا إلى الدلائل التي عثروا عليها والتي تشير إلى أن النياندرتال كان يتغذى على السمك والمحار وغيرها من المأكولات البحرية بانتظام. وهذا بدوره يشير إلى أن سلوكه لا يختلف كثيرا عن سلوك الممثلين الأوائل لجنس الإنسان العاقل Homo sapiens.
وقد اكتشف علماء الآثار في منطقة فيغيرا-برافا الواقعة على ساحل المحيط الأطلسي أكوام قمامة تعود لإنسان نياندرتال، تحتوي على عظام مختلف الحيوانات البحرية وأصداف المحار، حسب ما ذكر موقع روسيا اليوم ناقلا عن فيستي. رو، وبين تحليل الكربون المشع أن تاريخها يعود ألى 86-106 آلاف سنة مضت. كما اتضح للعلماء أن النياندرتال كانوا يتغذون أيضا على حيوانات برية مثل الغزلان والخيول والماعز وغيرها.
وكما هو معلوم يدور بين علماء الانتروبولوجيا جدال منذ سنوات فيما إذا كان النياندرتال يتناول المأكولات البحرية أم لا. والآن عثروا على ما يثبت تناولهم لهذه المأكولات.
ويعتقد معظم العلماء، أن الإنسان العاقل Homo sapiens كان يستخدم المأكولات البحرية في غذائه دائما، أما النيلاندرتال فكان يستخدمها في بعض الأحيان فقط.
عظام النياندرتال
ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هنا لماذا هذا الاهتمام بمسألة تناول النياندرتال للمأكولات البحرية بانتظام؟، حيث يعتقد بعض علماء الانتروبولوجيا، أن الأحماض الدهنية التي تحتويها المأكولات البحرية، حفزت تطور الدماغ وحسنت القدرات المعرفية لأسلافنا. فإذا كان هذا صحيحا، فإن هذه الميزة تشمل النياندرتال أيضا.
ووفقا للعالم زيلهو، إذا كانت المأكولات البحرية قد لعبت دورا مهما في تطور القدرات المعرفية، لأنها تشمل البشرية جمعاء بما فيها النياندرتال وليس فقط سكان إفريقيا الذين انتشروا لاحقا في جميع أنحاء العالم.
وقد فسر العلماء عدم اكتشاف أكوام القمامة في أماكن أخرى، كالتي عثروا عليها في منطقة فيغيرا-برافا، بأن مياه المحيط قد جرفتها في الأماكن الأخرى عندما ارتفع مستوى المياه فيها نهاية العصر الجليدي الأخير.