تعيش أوروبا أوقاتا عصيبة فى مواجهة وباء كورونا الذى خلف أكثر من 30 ألف وفاة فى العالم ، فى الوقت التى بدأت الصين التى انتشر منها الفيروس فى البداية بالخروج تدريجيا من العزل التام، وفى غياب لقاح أو علاج ثابت للفيروس فإن الوضع يتدهور فى الدول الأوروبية مما يجعلها فى حالة حرب ليست فقط على الجانب الصحى ولكن على الجانب الاقتصادى أيضا.
تراجع الأسهم الأوروبية
وتراجعت الأسهم الأوروبية للجلسة الثانية على التوالي مع تزايد المخاوف المتعلقة بالضرر الاقتصادي الناجم عن وباء كورونا وتمديد عدة دول عزلا شبه كلي لكبح انتشار وباء كورونا، وهبط المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.8% ، وتصدرت أسهم الطاقة والصناعات والسفر والترفيه قائمة القطاعات المتراجعة.
ونزل القطاع المصرفي 2.5% مرة أخرى، لتتجاوز خسائره الشهرية 28%، وكان أوني كريديت وآي.إن.جي وإيه.بي.إن امرو ضمن أول مجموعة من البنوك تمتثل لمناشدة البنك المركزي الأوروبي بتجميد توزيعات الأرباح في محاولة لتعزيز الائتمان.
وفي مؤشر جديد على تأثر الشركات بالوباء، تراجع سهم مجموعة إيه.بي.بي السويسرية الهندسية 5.7 % بعد إصدار تحذير يتعلق بالأرباح وقولها إن جميع أنشطتها ستعانى فى الربع الأول.
توقعات ستاندرد آند بورز للاقتصاد الأوروبي بعد فيروس كورونا
وفقًا للتصنيفات العالمية ستاندرد آند بورز S&P ، ستواجه منطقة اليورو ركودًا في ظل انخفاض بنسبة 2 ٪ في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 ، أي ما يعادل 420 ألف مليار يورو من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بسبب الوباء، مع ذلك ، فإن المخاطر كلها هابطة ، حيث يمكن أن يستمر الوباء لفترة أطول من المتوقع ، مما يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بنسبة تصل إلى 10٪. ولكن في عام 2021 ، من المتوقع حدوث انتعاش بنسبة + 3٪ ، بالإضافة إلى + 1.5٪ أخرى في 2022 و 2023.
ففى إسبانيا، قاد التباطؤ الاقتصادى فى البلاد بسبب أزمة كورونا إلى خسائر تتعدى ال 49 مليار يورو فى شهر واحد، كما أن التدابير الاقتصادية الجديدة ستؤدى بطبيعة الحال إلى تفاقم انهيار الناتج المحلى الإجمالى،حيث ينخفض الناتج المحلى الإجمالى بنحو 4 نقاط فى الشهر، وفقا لصحيفة "الباييس" الإسبانية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد تعليق جميع الأنشطة فى إسبانيا بلغ الانخفاض 20%، وأوضح المعهد الوطنى للإحصاء أن هناك خسائر تقدر بـ30% من الإنتاج خلال فترة العزل وحدها.
وأوضح فرانسيسكو فيدال، كبير الاقتصاديين بمؤسسة إنترمونى، أنه "فى الأسبوعين المقبلين، مع كل الاحتياطيات اللازمة، فإنه من المتوقع انخفاض 40%، كما أكدت نادية كالفينيو، نائبة رئيس الحكومة الإسبانية فأن "الانخفاض أمر لا مفر منه، ولابد من الحفاظ على الحد الأدنى من النشاط من أجل تحقيق انتعاش اقتصادى أفضل فيما بعد.
وفى إيطاليا، يتعرض اقتصادها لكارثة بعد أزمة كورونا، حيث أن الناتج المحلى الإجمالى الإيطالى فى 2020 يشهد انخفاض بنسبة 6.5% فى عام واحد، وهو ركود مماثل لما حدث خلال فترة العامين 2008 - 2009 فى الربعين الأولين، بل أن الوضع سيكون أسوأ وهناك توقعات بإنخفاض 10% بسبب وقف التصنيع والسياحة وحتى خدمات النقل والأنشطة الترفيهية، وفقا لصحيفة "الكورييرى ديلا سيرا" الإيطالية.
وعلى الرغم من الإجراءات المالية المعلنة بالفعل فى إيطاليا، إلا أنها تعتبر محدودة بسبب ارتفاع الدين العام، ويرى الخبراء أن إيطاليا فى 2022 ستجد نفسها مع مستوى إجمالى الناتج المحلى أقل من مستوى عام 2019 بأكثر من 2%، مع سداد دين إلى 150%.
أما فى ألمانيا، قالت لجنة من الخبراء الاقتصاديين تقدم المشورة للحكومة ،إن إجراءات وقف انتشار وباء كورونا ستكلف الاقتصاد الألماني بين 2.8٪ و 5.4٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2020.
وقالت لجنة الخبراء المعروفة باسم "الرجال الحكماء" إن "الاقتصاد الألماني سينكمش بشكل ملحوظ في عام 2020" ، مشيراً إلى أن الحجم الدقيق للتأثير "سيعتمد على مدى ومدة تدابير الصحة العامة والانتعاش اللاحق".
خطة مارشال
اقترح عدد من المسئولين الأوروبين عن احتمالية تطبيق خطة مارشال لإعادة إطلاق اقتصاد أوروبا بعد الضربة التى منى عليها بسبب وباء كورونا، وأعرب وزير الاقتصاد الإيطالى روبرتو جوالتيرى عن رغبته فى تطبيق الخطة.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، انتقد جوالتيري رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي نفت ضرورة إصدار سندات للدين المشترك من قبل دول الاتحاد الأوروبي، وقال: "كلام رئيسة المفوضية كان خاطئا وأنا آسف لأنها قالته... أوروبا ستحتاج إلى "خطة مارشال ضخمة" لإعادة إطلاق اقتصادها بعد انقضاء الطوارئ المتعلقة بفيروس كورونا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة