أزمة وصفت بـ"التاريخية" تمر بها أسواق النفط أو كما يطلق عليه "الذهب الأسود"، بالتزامن مع تحول العقود الآجلة للنفط الأمريكي لأقرب استحقاق أثناء تعاملات الاثنين الماضى إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ مع امتلاء مستودعات تخزين الخام وهو ما يثبط المشترين، بينما ألقت بيانات اقتصادية ضعيفة من ألمانيا واليابان شكوكا على موعد تعافي استهلاك الوقود.
توقعات بطول أمد الأزمة
ومن جانبه قال خبير النفط الكويتى كامل الحرمى، إن أسعار النفط التى تشهد هبوطا غير مسبوق خاصة النفط الأمريكة الذى وصل إلى ما دون الصفر تحتاج فترة تتراوح من عام إلى العام ونصف كى تتعافى، وعقود يوينو لن تشهد إلا تحسنا طفيفا وليس تعافى بالمعنى المفهوم كما يعتقد البعض.
كامل الحرمى
وأضاف الحرمى فى تصريحات خاصة لـ"ليوم السابع"، إن التخمة النفطية التى حدثت فى أسواق النفط العالمى لن تتحسن بسهولة، فالإنتاج الحالى يتخطى الـ34 مليون برميل يوميا فى الوقت الذى وصل الطلب العالمى للنفط حدوده الدنيا، هذا إلى جانب زيادة معدلات البطالة من جهة والاعتماد على تقنيات العمل عن بعد من جهة أخرى.
وعن أسباب الانخفاض الذى وصف بـ"التاريخى" لأسعار النفط الأمريكى ، قال الحرمى إن هذا مرجعه عدة أسباب فى مقدمتها أزمة وباء كورونا وشبه توقف لحركة الإنتاج وشلل الاقتصاد العالمى، وهذا ترافق مع زيادة فى الإنتاج اليومى حوالى 5 ملايين برميل يوميا فى بعض الدول المنتجة للنفط مثل نيجيريا والعراق، موضحا أن النفط الأمريكى والكندى تحديدا ما وصل لدون الصفر ، حيث إن النفط الأمريكى هو ما يحدث عليه مضاربات يومية فهو نفط ورقى، كما أن البعض تسرع بتوقيع العديد من العقود الآجلة معتمدين اتفاق أوبك+ وأنه سيحدث طفرة كبيرة بالأسعار وهذا عكس الواقع.
الدكتور صباح الخزاعى
وعن اتفاق أوبك + وتأثيره على أسواق النفط، قال الحرمى أن الاتفاق شابه بعض العيوب مثل تأخر توقيت دخوله حيز التنفيذ فكان من المفترض ألا ننتظر لشهر مايو بل كان لابد من تطبيق فورى للاتفاق، هذا إلى جانب التخوفات من عدم التزام الدول المشاركة فى الاتفاق وهو ما ينبئ به تاريخ مثل هذه الاتفاقيات، وهو ما حدث فى اتفاق أوبك + الماضى ، حيث لم يكن هناك التزام دقيق بالاتفاق مثل روسيا.
وعلى صعيد تأثي انخفاض أسعار النفط على البنزين، قال الحرمى من المتوقع ان تشهد أسعار البنزين انخفاضا فى بعض الدول.
أضاف الدكتور صباح الخزاعى ، أكاديمى وخبير الشئون العربية بإنجلترا ، ان هذا الانهيار الحادث بأسعار النفط الأمريكى قاصر على الولايات المتحدة الأمريكية وخاص بما يعرف ب"البراميل الورقية" وهذا مرجعه ان سعة التخزين وصلت للحد الأقصى وهذا يشمل طلبيات شهر مايو فقط فأصبح المنتجون يدفعون للعملاء حتى يأخذوا حصتهم من النفط لذلك وصل السعر37دولار بالسالب، وهذا تجنبا لتوقف الانتاج ثم إعادته ما يحمل المنتجين تكلفة كبيرة،و أتوقع أن تتحسن الأسعار وتعود لتنافسيتها خلال الأشهر التالية.
أما بالنسبة لإنتاج دول الخليج فينطبق عليها وضع العرض والطلب وهو مرتبط بمدى التطور الحادث فى أزمة كورونا وعودة الحياة العامة وبالتالى الحياة الاقتصادية.
كلفة وباء كورونا
وعن الكلفة الاقتصادية لوباء كورونا أضاف الدكتور عبدالله الجنيد بالبحبرين، أن الكُلف الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا المستجد عالميا ستكون محسوسة ولأمد طويل نتيجة هشاشة الاقتصاد العالمي فيما قبل الجائحة. ودول الخليج العربي ستعاني اقتصاديا حالها في ذلك حال باقي دول العالم، الا ان النماذج الاقتصادية شبه احادية المورد ستتأثر بشكل نسبي اكبر، الا انها مرشحة للتعافي بوتيرة أسرع مع انحسار الجائحة.
الدكتور عبدالله الجنيد
هذه الأزمة العالمية ستفرض على جميع دول العالم إعادة تقيم ليس فقط الفلسفة الاقتصادية الحاكمة له بل الأسس التي تقوم عليها مفاهيم التوازنات الجيواستراتيجية. وستكون للقوى الإقليمية التي نجحت في احتواء الانهاك الاجتماعي وليس فقط الاقتصادي ادوار مختلفة مستقبلا بعد انحسار هذه الجائحة
من جانبه أضاف الدكتور يسرى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، أن هناك فارق كبير بين منظومة انتاج النفط العالمى وتعريفات معايير تسعير النفط عالميا فهناك معيار يسمى "خام غرب تكساس" ومعيار "خام برنت" الذى يحدد أسعار ثلثى إنتاج العالم النفطى ومنها بترول الخليج وهو الأعلى جودة أما خام غرب تكساس فهو نفط صخرى وهو أقل جودة وأقل سعرا من خام برنت يتراوح الفارق بينهما من 2 إلى 3 دولارات.
الدكتور يسرى الشرقاوى
وعن أسباب الانخفاض الحاد فى اسعار النفط بشكل غير مسبوق هو انخفاض حركة التجارة العالمية الطيران والسفن، وهو ما لم يشهده العالم من قبل ، وقلة السعة التخزينية كما أن هناك صراع بين الدول المنتجة للنفط منذ بداية العام الحالى، فالاقتصاد العالمى بالأساس يواجه أزمات كبيرة قبل أزمة كورونا وهناك بالتبعية أزمات تواجه الدول المنتجة للنفط فى المقدمة الولايات المتحدة الامريكية التى تنتج حوالى 15 مليون برميل يوميا والسعودية التى تنتج 12.2 مليون برميل يوميا ما يمثل ثلث إنتاج "أبك" وهى الدول التى تمثل 40 % من الإنتاج العالمى للنفط واحتياطها البترولى يمثل 70 % من الاحتياطى العالمى ، وروسيا اللاعب الثالث فى السوق العالمى والتى تنتج 11 مليون برميل يوميا.
واكد الشرقاوى أن هناك جزءا من هذا الهبوط الحاد فى الأسعار مبالغ فيه فهناك تدخلات من قوى الشراء والاستهلاك العالمية لتعميق هذه الأزمة وتسعى الإدارة الامريكية لغعادة الأمور إلى نصابها وقد تلجأ لشراء كمية النفط من االمنتجين لمساعدتهم على الاستمرار فى السوق.
وعن تأثير هذا الانخفاض الحاد فى أسعار النفط على دول الخليج ، أكد الشرقاوى أن هذا سيؤدى إلى عجز متوقع بموازنات تلك الدول يتجاوز ال40 % نتيجة تداعيات كورونا مع انخفاض اسعار البترول وهذا يفرض تحديا كبيرا على تلك الدول ، خاصة أن موازنات تلك الدول هى موازنات نفطية تعتمد على إيرادات النفط بنسبة تتراوح بين ال60 % إلى 75 %.
وأضاف أن تكلفة إنتاج النفط فى السعودية أقل بكثير من تكلفة انتاج النفط الصخرى، والنفط الصخرى يمثل 40 % من الأنتاج النفطى الكلى لأمريكا وهذا بتكلفة عالية فمع انخفاض الطلب العالمى بدأ خام غرب تكساس يواجه مشكلة كبيرة فى سعر الانتاج الذى أصبح يفوق سعر البيع ما يمثل خسائر كبير للمنتجيين الأمريكيين، أجريت محادثات بين الرئيس الأمريكى وروسيا والسعودية لضرورة خفض الانتاج لمواجهة الخطر الذى يواجه السوق .
النفط الإماراتى
ومن جانبها أكدت العربية نقلا عن مصادر أن شركة أدنوك الإماراتية المملوكة لحكومة أبوظبي ستخفض إمدادات خامين من النفط بنسبة 15%، وقالت المصادر إن أدنوك الإماراتية أبلغت المشترين بعقود محددة المدة، أنها ستخفض إمدادات خام داس وأم اللولو 15% في مايو، بسبب تخفيضات أوبك بلس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة