قبل أشهر قليلة ماضية، كانت الحركات الاحتجاجية فى الدول المختلفة تملأ العالم صخبا، تتصدر عناوين الأنباء، وتستقطب الاهتمام لها من كافة أرجاء الأرض. لكن الآن، وفى المرحلة التى لا يعلو فيها صوت فوق صوت الوباء، فقد أصبحت تلك الاحتجاجات صورة من الماضى القريب، ولا أحد يعرف إذا كانت من الممكن أن تعود مرة أخرى، أما أن كورونا يمنح حكومات الدول التى بها هذه الاحتجاجات قدرا من الحظ بإخمادها لفترة طويلة.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن تفشى وباء كورونا أدى إلى إخماد الحركات الاحتجاجية حول العالم، حيث اضطر ملايين المحتجين أو اختاروا البقاء فى المنزل، بينما يتساءل منظمو هذه الحركات متى وكيف يمكن أن يستأنفوا نشاطهم لو استطاعوا.
وتوضح الصحيفة فى تقريرها أن قنابل الغاز المسيل للدموع لم تعد تخنق ناطحات السحاب فى هونج كونج، فى حين تم تفكيك خيم المحتجين فى وسط بيروت. وفى العاصمة الهندية دلهى، لم يعد يتبقى من الاعتصام الذى عطل من قبل أحد الطرق السريعة الأكثر ازدحاما بالمدينة سوى بطاطين ممزقة وشوك بلاستيكية غريبة.
فحول العالم، أوقف وباء كورونا بشكل مفاجئ الاحتجاجات المناهضة للمؤسسة التى اندلعت العام الماضى، وأدت إلى أشهر من المسيرات وأعمال الشغب.
والآن، أصبحت هذه الاحتجاجات، مثل كل شىء آخر فى العالم تواجه السؤال الذى لا يوجد إجابة له بشأن ماذا سيحدث فيما بعد.
وتشير الصحيفة إلى أن المدة التى يستمر الوباء فيها، وكيفية استجابة الحكومات والنشطاء سيحددان ما إذا كان هذا الانقطاع يمثل وقفة عابرة أم لحظة تحول، أو نهاية غير رسمية لبعض الحشود الجماهيرية الأكثر انتشارا فى التاريخ الحديث.
وتذهب الصحيفة إلى القول بأن التحديات واضحة، فالملايين من المتظاهرين محاصرون فى منازلهم ويطوقهم الحجر الصحى الكاسح والمخاوف المتعلقة بشأن صحتهم، كما أن العبء اليومى المتمثل فى الحصول على الكمامات أو الطعام يلقى بظلاله على الجدل حول الفساد وإساءة استخدام السلطة.
وقامت كل الحكومات تقريبا بتقييد التجمعات الجماهيرية، لحماية الصحة العامة ظاهريا، ولكن ربما أيضا لتقييد الاحتشاد فى المستقبل. واستخدم البعض تفشى الوباء لتعزيز سلطته أو لاعتقال المعارضين. إلا أن الخسائر الاقتصادية للوباء وأيضا أزمات الثقة التى سببها للعديد من الحكومات يمكن أن تثير احتجاجات فى المستقبل.
وكانت الاحتجاجات فى هونج كونج الأكثر تأثر بوباء كورونا فتلك الاحتجاجات بدأت فى يونيو الماضى ضد عمليات تسليم منها إلى الصين وأصبحت الأكبر فى تاريخ هونج كونج بمشاركة الملايين.
لكن فى يناير أصبحت أقل ازدحاما بالمشاركين حتى تجمدت فى مارس عندما حظر المسئولون التجمع لأكثر من أربعة أفراد.
وفى الجزائر، كان الاحتجاجات تنعقد مرتين أسبوعين منذ أكثر من عام، قبل أن تتوقف فى مارس، ووافق المحتجون من أجل التركيز على محاربة كورونا.
ومع انتشار الوعى بالفيروس فى بيروت استخدم المحتجون فى البداية الكمامات للهتاف ضد الفساد والطائفية الدينية، لكنهم تفرقوا مع الإغلاق الوطنى وقامت قوات الأمن بتفكيك أماكن نوم المحتجين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة