عانينا على مدار السنوات الماضية، في شهر رمضان، ونحن نلتف حول شاشة التلفاز ليلاً لمتابعة الأعمال الدرامية، من وجود عمل درامي يحتوي على خلطة إجتماعية أو وطنية، على غرار مسلسلات رمضان زمان، "الشهد والدموع" و"ليالي الحلمية" و"بوابة الحلواني" و"رأفت الهجان" و"زيزينيا" و"العائلة" و"المال والبنون".
تساؤلات كثيرة من المشاهدين الذين يجدون متعتهم في الجلوس أمام التلفاز للاستمتاع بالأعمال الفنية، عن سر اختفاء الأعمال الدرامية الهادفة، لا سيما بعدما سيطر الحشو على بعض الأعمال الدرامية.
رمضان هذا العام، مختلفاً تماماً، بعدما فوجئت الجماهير بعمل درامي يعيد للأذهان دراما مصر الأصيلة، حيث نجح مسلسل "الاختيار" في لم العائلات والأسر أمام التلفاز بمجرد عرض أولى حلقاته.
وبالرغم من أن المسلسل في بدايته، إلا أنه لقي قبولاً كبيراً من المواطنين، الذين كانوا يتلهفون لعمل وطني خالص الدسم، فضلاً عن الكتابة الجيدة والتصوير الراقي والأداء الاحترافي من كبار النجوم، على رأسهم أمير كرارة وأحمد العوضى واخرين.
المسلسل الذي يحكي قصة حياة الشهيد البطل "أحمد المنسي" وبطولات وتضحيات قواتنا المسلحة في سبيل الحفاظ على أمن مصر واستقرارها، يعطي درساً عملياً في الاختيار الحقيقي، ما بين زميلين "أحمد المنسي وهشام عشماوي" أحدها اختار معسكر الوطن، والآخر انضم لمعسكر الإرهاب، ليبقى اسم الأول محفوراً في ذاكرة ووجدان الوطن، ويلقى ربه شهيداً، بينما يحتقر الجميع الثاني ويموت مشنوقاً.
مشاهد المسلسل والاحترافية في التنقل بين الأحداث تؤكد وجود مؤلف محترف بقيمة باهر دويدار ومخرج عبقري بحجم بيتر ميمى، وشركة وطنية باسم "سينرجى"، تقدم أعمال وطنية تبقى في ذاكرة المواطنين مدى الدهر.
كما التف المصريون حول فيلم الممر، أعادوا الالتفاف مرة أخرى حول مسلسل "الاختيار"، وأصبحت "سينرجي" كلمة السر لاسعاد المصريين، وتعظيم قيم الوطنية، وتوثيق حياة الأبطال والشهداء.
رمضان مختلف هذا العام درامياً، فلم تعد الأم تخجل من جلوس بنتها الصغيرة أمام التلفاز وهي تشاهد أعمال درامية تحتوي على اسفاف ومشاهد تخدش الحياء والذوق العام، وإنما بات الأب والأم حريصين على اصطحاب الأبناء للجلوس أمام التلفاز لمشاهد هذه الحبكة الدرامية الوطنية، التي تربي الأجيال على حب الوطن، وتنأى به عن الاسفاف وتدني الأخلاق.
ما أحوجنا، خلال الأيام المقبلة، لأعمال درامية بقيمة وقامة مسلسل "الاختيار"، ومن حقنا أن نفخر بوجود شركة انتاج فني ووطني وواعي يحترم العقول ويدخل القلوب.