"لعل مولانا يكرهنى بالتوكيل لا بالأصالة" هكذا كان يقول الزعيم سعد زغلول كلما سمع نبأ من أنباء الكراهية التى تنصب عليه وعلى اتباعه، من قبل الملك فؤاد الأول، حسب ما جاء فى كتاب المفكر الكبير عباس محمود العقاد "سعد زغلول.. سيرة وتحية"، حيث تمر اليوم ذكرى رحيل الملك فؤاد الأول الذى رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم من عام 1936م.
ويقول عباس العقاد، إن سعدًا لم يكن منفردًا بالكراهية والغضب عند الملك فؤاد ولكنه كان صاحب النصيب الأوفى منه على قدر نصيبه من تمثيل قوة الدستور، ولكل رجل غيره من رجالات السياسة المصرية الذين يوافقون سياسة الملك فؤاد نصيب على قدره من الجفاء والأعراض، فعدلى ورشدى وثروت ومحمد محمود وزكى أبو السعود وغيرهم من الوزراء والكبرياء لم يكونوا محبوبين ولا مقربين فى كثير من الأحايين، لأنهم ليسوا من الرجال الذين يعتمد عليهم فى توجيه الدستور وتحريك دواليب الحكومة إلى حيث يريد، والحق أن رجلين قويين عنيدين كفؤاد وسعد ما كان من الميسور أن يعيشا فى عصر واحد ويجتمعا فى ميدان واحد دون أن ينشب بينهما النزاع على نحو من الأنحاء.
وأشار المفكر الكبير عباس محمود العقاد، أن سعد كان جاء وقت عليه اعتقد فيه أنه كسب المودة من قلب فؤاد وأزال ما بنفسه وذلك فى الأسابيع القليلة بعد قيامه فى الوزارة، وكان يغتبط بطول الجلسات التى يقضيها فى الحديث معه بقصر عابدين، وأخرج الساعة مرة وهو عائد من هناك فقال : لقد طال الحديث خمسين دقيقة!.
ويقول عباس العقاد، فى تلك الأيام كان الملك فؤاد ينزل من قصر القبة خصيصًا إلى قصر عابدين لئلا يكلف سعدًا مشقة الصعود بقدميه حيث لا مصعد هناك، وأمر بإنشاء مصعد فى القصر لتخفيف هذه المشقة عليه، ثم عاد سعد بعد تلك الأيام يقول : "لقد طوانى الرجل! وأنه لقدير".
ولفت عباس محمود العقاد من خلال كتابه، إلى أنه من الصعب أن نحكم على طبيعة العلاقات بين الملك فؤاد وسعد من النظر إلى المواقف الرسمية أو المواقف الشخصية على انفراد، فأنهما ليتناقضان أشد التناقض فى الآونة الواحدة، فيبلغ من وئام المواقف الرسمية أن يقول الملك فى رسالتع البرقية إلى سعد عقب الاعتداء عليه :"أن صحتك أعز شئ فى الدولة"، ويبلغ من جفاء المواقف الشخصية أن يشاع أن الملك فؤاد أمر بوقف التشريفات فى العيد بعد حادث الاعتداء إذا عاش سعد، وأمر بإجرائها حسب المعتاد إذا مات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة