رغم أن القانون الدولى ينص على تجريم كل من يرتكت جريمة ضد الإنسانية مثل القتل والاستعباد والإبادة والتهجير وغيرها من الأفعال اللاإنسانية ضد أى شعب، أو الاضطهاد على أساس سياسى أو عنصرى أو دينى، إلا أن كثيرا من الشعوب عانت من التعذيب والإبادة وغيرها من الممارسات الوحشية، كما نجد منها ما هى ما زالت مستمرة حتى الآن ضد العديد من الشعوب، وخلال التقرير التالى نستعرض جزء من هذا التاريخ.
شعب الروهينجا
شعب الروهينجا
منذ سنوات يتداول العالم أخبارا عن مجازر وعمليات تشريد بحق تلك المجموعات، ووفق تقرير لموقع "الحرة" الأمريكى، فإن أزمة الروهينجا تعود إلى ما بعد استقلال البلاد عن بريطانيا، إذ رفضت الحكومة الاعتراف بالروهينجا كجماعة عرقية رسمية، وفى بداية الستينيات تم تشكيل حركة عسكرية من أقلية الروهينجا، طالبت بالحكم الذاتى والاعتراف بها، إلا أن الحكومة العسكرية التى تشكلت بعد انقلاب عام 1962 فى بورما قضت على تلك الحركة.
وفى 1982 تم إصدار قانون للجنسية فى بورما، لكن الحكومة رفضت منحهم الجنسية، واعتبرتهم مهاجرين غير شرعيين، فيما يؤكد الروهينجا أن جذورهم فى البلاد تعود لتاريخ طويل، وبسبب تواصل أعمال العنف ضدهم، يعيش قرابة نصف المليون من الروهينجا فى بنجلادش، للهرب من هذا الجحيم، ويُشار إلى أنه فى العام 2016 أعلنت جماعة مسلحة اسمها "جيش إنقاذ الروهينجا فى أراكان"، تنفيذ عمليات ضد الجيش البورمى، فيما تقول الحكومة إنها تنفذ حملاتها فى ولاية راخين ضدهم منذ ذلك الحين.
كما لفتت "إندبندنت" إلى أن القوات العسكرية ترتكب إبادة أو مذبحة منظمة ضد الأقلية المسلمة فى ولاية راخين الغربية، ويُعتقد أن 87 ألفا من اللاجئين فروا للحدود الغربية نحو بنجلاديش فى أسبوع، عقب الحملة على مسلحى الروهينجا، فيما تجمع نحو 2000 من النساء والأطفال على الحدود مع بنجلاديش، لكن السلطات فى ميانمار رفضت السماح لهم بالعبور.
الأكراد
الاكراد
الأكراد هم شعب بلا دولة يتراوح عددهم بحسب المصادر بين 25 و35 مليون نسمة، ويتوزعون بشكل أساسي في أربع دول هي تركيا وإيران والعراق وسوريا. وهم شعب من أصول هندو-أوروبية يتحدرون من القبائل الميدية التي استوطنت بلاد فارس القديمة وأسست إمبراطورية في القرن السابع قبل الميلاد.
ورغم أن معاهدة "سيفر" التى أبرمت عام 1920م، نصت على حق الأكراد في تقرير المصير وتشكيل دولة خاصة في شرق الأناضول وفي الموصل، إلا أنه فى عام 1923م ترجعت تركيا عن بنود المعاهدة واستبدالها فبمعاهدة "لوزان" التي وضعت الشعب الكردي تحت سيطرة تركيا وإيران بالإضافة إلى بريطانيا وفرنسا اللتين كانتا دولتى الانتداب على العراق وسوريا على التوالى.
عانى الأكراد على مدى عقود من تهميش واضطهاد مارسهما بحقهم النظام البعثي، فى سوريا، كما أن تركيا أطلقت عملية ضدهم فى شمال شرق سوريا، احتج عليها عدد كبير من الدول.
كما قالت منظمة هيومان رايتس وواتش في تقريرها عام 2009، عن اوضاع اكراد سورية تحت عنوان "انكار مجموعة: انتهاك الحقوق السياسية والثقافية للاكراد في سورية" ان سورية ما تزال تتنكر لحقوق مواطنيها الاكراد وتمنع الحكومة السورية الاكراد من التجمع واقامة الاحتفالات الخاصة بهم وتسيء معاملة السجناء الاكراد في سجونها.
فالون جونج
فالون جونج
قدم الفالون جونج إلى المجال العام قائدها الروحى لي هونغزهي في تشاتغتشون في الصين عام 1992. وفي السنوات التالية كانت الفالون جونج أسرع طائفة لممارسة "تشي كونج" في تاريخ الصين وبحلول 1999 كان عددها يتراوح بين 70 إلى 100 مليون صينى ممارسين لها.
وبعد سبع سنوات من الانتشار الواسع، في 20 يوليو 1999 بدأت حكومة جمهوريّة الصين الشعبيّة حملة اضطهاد واسعة ضد ممارسى الفالون جونج باستثناء بعض المناطق ذات الإدارة الخاصة مثل هونغ كونغ وماكاو، وفي أواخر 1999 صدرت تشريعات "الأديان الابتداعية" والتي طبقت بأثر رجعى على الفالون جونج، تقول منظمة العفو الدولية في هذا الصدد أن هذا الاضطهاد "بدوافع سياسية" وأن "التشريعات الصادرة جاءت على أساس تهم سياسيّة لإدانة الناس بأثر رجعى، بالإضافة للمزيد من التشريعات التي تحد من الحريات الأساسية".
الأرمن
الأرمن
نفذت الدولة العثمانية مذابح الأرمن عام 1915، والتى لا يزال نظام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ينكرها ويتنصل من مسئولية الدولة العثمانية حيالها، حدثت الأزمة فى عهد السلطان عبد الحميد الثانى، إذ ادعت الدولة العثمانية بأن روسيا قامت بإثارة الأرمن الروس المقيمين قرب الحدود الروسية العثمانية، وزعمت الدولة العثمانية أن هذه الجماعات حاولت اغتيال السلطان عام 1905م.
و قامت تركيا بين عامى 1915-1917 بتهجير نحو 600 ألف أرمنى لتبعدهم عن الحدود الروسية وتقطع عليهم الدعم الروسى وتم التهجير والترحيل القسرى بطرق بدائية جدا فمات من هؤلاء عدد كبير، فى ظل ظروف قاسية لتؤدى إلى وفاة عشرات الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ.
واتهمت أرمينيا الدولة العثمانية بارتكاب عدد من المجازر ضد الأقلية الأرمنية المسيحية، يقدر عدد الأرمن المقتولين حوالى 1.5 مليون أرمنى، فى محاولة من الدولة العثمانية لتطهير الأناضول من أى تواجد أرمنى مسيحى.
المسلمون فى إسبانيا
المسلمين فى أسبانيا
عندما سقطت غرناطة آخر قلاع المسلمين في إسبانيا وكان ذلك فى "897 هـ/1492م"، وكان ذلك نذيرًا بسقوط صرح الأمة الأندلسية الديني والاجتماعي، وتبدد تراثها الفكري والأدبي، وكانت مأساة المسلمين هناك من أفظع مآسي التاريخ، حيث شهدت تلك الفترة أعمالاً بربرية وحشية ارتكبتها محاكم التحقيق (التفتيش)، لتطهير أسبانيا من آثار الإسلام والمسلمين، وإبادة تراثهم الذي ازدهر في هذه البلاد زهاء ثمانية قرون من الزمان.
وقد قام فرناندو الخامس ملك أسبانيا ىنذاك طوال عشرين عامًا بعد سقوط الأندلس ينزل العذاب والاضطهاد بمن بقي من المسلمين في أسبانيا، وكانت أداته في ذلك محاكم التحقيق التي أنشئت بمرسوم بابوي صدر فى "رمضان 888 هـ/ أكتوبر 1483م" \، وقد مورست في هذه المحاكم معظم أنواع التعذيب المعروفة في العصور الوسطى، وأزهقت آلاف الأرواح تحت وطأة التعذيب.
الغجر
الغجر
للغجر تاريخ طويل من المعاناة، حيث تعرضوا لممارسات عدوانية من الشعوب على مر التاريخ، حيث تم الترحيل القسرى لهم وعدم الاعتراف بهم كمواطنين في البلدان التي يقيمون فيها، حيث تم ترحيلهم من مناطق عديدة في أوروبا، ولم يقف الأمر عند ذلك بل أصدر ملك بروسيا عام 1725م، بقتل كل غجرى يتجاوز الـ 18 عاما.
وفى عام 1929م، تم صدور قوانين تلزم الغجر الذين ليست لديهم مهنة ثابتة فى ألمانيا بالعمل القسرى "السخرة"، وقد طبق هذا النظام في عدد من الدول الأوروبية.
وعرفوا الغجر على حسب قانون نورمبيرج لعام 1935م بأنهم شعوب غير مرغوب بها، فكان يمنع عليهم الزواج من الألمانيات، كما صنفوا على انهم مجموعة منغلقة على نفسها، في فانوان 1937م، وهى تهمة تعد جريمة جنائية.
وكان لهتلر أيضا موقف ضد الغجر حيث أنشأ مكتبا مركزيا لمكافحة خطر الغجر، وكانت الوظيفة الأساسية لهذا المكتب هي فرز الغجر الأنقياء من الغجر المختلطين، وقد تمت العديد من الممارسات العنصرية ضدهم في ذلك العهد، حتى وصل بهم الحال إلى وضعهم في زرائب ذات سياج كما توضع البهائم، وسمع هتلر بقتلهم في المعسكرات المختلفة، بسبب الجوع والتعذيب، وأيضا وبسبب استخدامهم كمادة للتجارب.
وكانت أكثر العمليات إبادة للغجر هو في نهاية الحرب العالمية الثانية حيث قتل منهم 15000 غجرى من أصل 20000 كانوا يعيشون في ألمانيا.