وضعت جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، عددا كبيرا من دول العالم فى موقف لا تحسد عليه بسبب تزايد أعداد المصابين والوفيات التى لا تستوعبها المستشفيات، حتى أن المنظومة الصحية فى أكثر العالم تقدمًا قد انهارت أمام العدد الهائل لضحايا الفيروس التاجى الذى أصاب ما يقرب من 1.4 مليون شخص، وقتل ما يزيد على 75 ألفًا3 آخرين.
وفى وقت أجبر فيه انتشار فيروس كورونا الحكومات فى جميع أنحاء العالم على بذل جهود مكثفة لاحتواء انتشار المرض، تهاون بعض زعماء العالم فى التعامل مع الأزمة ولم يأخذوا على محمل الجد فى البداية حتى أصابت بلادهم نتائج وخيمة، بينما أثار البعض الآخر الدهشة بسبب تصريحاتهم الجدلية سواء باستنكار وجود المرض أو بطرح تبريرات وأسباب غير المنطقية أدت لانتشار الوباء حول العالم.
وفى حين غيّرت بعض الحكومات نبرتها بشأن التعامل مع الوباء فى الأسابيع القليلة الماضية، تمسكت أخرى بمواقفها المتحدية والخطيرة فى بعض الأحيان والتى تبنت بعضها نظرية المؤامرة فى نشر المرض، وفيما يلى 8 من أكثر التصريحات إثارة للجدل، وفقًا لما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية "BBC".
الولايات المتحدة: "الوضع تحت السيطرة"
فى 22 يناير الماضى، وبعد يومين من الإبلاغ عن أول حالة إصابة بفيروس كورونا فى الولايات المتحدة، أجرى الرئيس دونالد ترامب، مقابلة مع شبكةCNBC ، قلل فيها من احتمالات وصول الفيروس إلى البلاد.
لكن بعد شهرين فقط، ارتفع عدد الاصابات فى الولايات المتحدة ليصبح الآن الأكبر فى العالم، إذ تأكد وجود ما يزيد على 367.000 حالة إصابة حتى 7 أبريل، وفقًا لجامعة جونز هوبكنز، فى حين أن عدد الوفيات فى الولايات المتحدة حتى الآن 10.943 حالة وفاة، وهو عدد لا يزال أقل من دول مثل إيطاليا وإسبانيا، وبعد هذا التطور، عاد ترامب، ليقول إن عدد الوفيات فى البلاد قد يصل إلى ربع مليون شخص.
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب
رئيس البرازيل: "مجرد أنفلونزا بسيطة"
فى دولة أخرى بالأمريكتين، ورغم التصريحات المثيرة للجدل التى اعتاد على الإدلاء بها، انتخب جاير بولسونارو رئيسًا لأكبر دولة فى أمريكا اللاتينية فى 2018، لكن انخفضت شعبية بولسونارو إلى حد كبير مع انتشار فيروس كورونا فى البرازيل، حيث اعترض الناس فى العديد من المدن البرازيلية، المحصورين فى منازلهم، على خطابه الأخير الذى اعتبر أن الفيروس القاتل مجرد "أنفلونزا بسيطة"، وجاء الاعتراض من خلال ضرب الأوانى وإحداث أعلى صوت ممكن، والتى كانت مظاهرة ضد الأسلوب الذى تعامل فيه بولسونارو مع الوباء.
بالإضافة إلى التقليل من مخاطر الوباء من خلال تصريحاته، تعمد بولسونارو مرارًا مخالفة توصيات التباعد الاجتماعى عن طريق الاختلاط مع مؤيديه، كما أنه يضغط ضد اجراءات الإغلاق التى يفرضها حكام الولايات البرازيلية، فى حين وقعت فى البرازيل أكثر من 12 ألف حالة مؤكدة بحلول 7 أبريل، وانتشرت العدوى بسرعة إذ تضاعف عدد حالات الإصابة فى غضون أربعة أيام فقط، وفقًا لأرقام وزارة الصحة.
الرئيس البرازيلى جاير بولسونارو
الفلبين: "بدلاً من التسبب فى مشاكل سوف أدفنك"
لم يقلل الرئيس رودريجو دوتيرتى بأى حال من الأحوال من التهديد الذى يشكله انتشار الفيروس للفلبين، وتطبق الحكومة الفلبينية إجراءات صارمة للتصدى للوباء، بما فى ذلك عمليات الإغلاق وحظر التجول، ولكن كان هناك احتجاج واحد على الأقل فى الشارع ضد نقص توفر المواد الغذائية فى الأسواق.
فكان رد دوتيرتى على هذا الاحتجاج، هو التهديد بإطلاق النار على منتهكى اجراءات الإغلاق من قبل قوات الأمن، وقال فى مؤتمر صحفى، فى 2 أبريل، "لا تحاولوا إخافة الحكومة.. لا تتحدوا الحكومة.. ستخسرون"، ويذكر أن الفلبين شهدت ما يقرب من 4 آلاف حالة إصابة بفيروس كورونا و177 حالة وفاة حتى يوم 7 أبريل.
روسيا البيضاء: "لا توجد فيروسات هنا لم ترها تحلق من حولك، أليس كذلك؟"
بالعودة لقائمة الزعماء المستهترين بخطورة المرض، أثار رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو الكثير من اللغط بموقفه من تفشى وباء كورونا، فقد سخر من الاقتراح القائل بأن على بلاده محاولة وقف انتشار الفيروس، لأنه لم يستطع رؤية الفيروس "يحلق فى الجو".
وقال فى حديث أجراه مع مراسلة تلفزيونية أثناء مباراة لهوكى الجليد، إن الحشود فى المباراة كانت جيدة لأن برودة الملعب ستحول دون انتشار الفيروس، ووصف المخاوف من الفيروس بأنها "ليست أكثر من ذهان"، وبدا أن لوكاشينكو نصح باستخدام الساونا وتناول الفودكا كإجراءات لمحاربة الفيروس، لكنه تراجع عن هذه التعليقات فى وقت لاحق، واصفا إياها بأنها كانت "مجرد مزحة".
رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو
المكسيك: "إذا كنت قادرًا استمر فى إخراج عائلتك لتناول الطعام"
وسار على نفس النهج، الرئيس المكسيكى أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، الذى دأب على مناقضة نصائح وارشادات مسئولى الصحة العامة حول انتشار فيروس كورونا، وبالإضافة إلى التهوين من مخاطر الفيروس، قام أوبرادور بجولة فى البلاد وشوهد فى تجمعات عامة وهو يقبّل الأطفال ويحيى مؤيديه عن قرب.
ولم ينتشر الفيروس فى المكسيك بالسرعة التى انتشر بها فى الولايات المتحدة المجاورة، إذ لم تشهد البلاد سوى ما يقرب من 2500 إصابة و125 حالة وفاة – حتى كتابة هذه السطور - لكن خبراء من منظمة الصحة فى الأمريكتين يخشون من أن يصل عدد الحالات الخطيرة فى البلاد إلى 700.000 حالة.
وفى 30 مارس، أعلنت المكسيك حالة طوارئ صحية، ولكن الإجراءات لم تصل إلى حد الإغلاق، ولا يزال مسموحًا بتجمعات تصل إلى 50 شخصًا، على سبيل المثال.
الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور
زيمبابوى: "الفيروس هو عمل من الله لمعاقبة الدول التى فرضت عقوبات علينا"
بدوره، لم يصدر الرئيس الزيمبابوى إيمرسون منانجاجوا، تصريحات مثيرة للجدل حول فيروس كورونا، لكنه اضطر إلى معالجة خلاف أثاره أحد أعضاء حكومته، وكان وزير الدفاع أوبا ماتشنجورى قد قال إن "الوباء هو إنتقام الله من الدول الغربية التى فرضت عقوبات على زيمبابوى".
وهنا اضطر الرئيس الزيمبابوى منانجاجوا، للتعليق فى 18 مارس، وقال "إن للأوبئة من هذا النوع تفسير علمى وهى لا تعرف حدودا، وكما هو الحال فى أى من الظواهر الطبيعية الأخرى، لا يمكن أن ينحى باللائمة لها على طرف ما".
وأعلنت زيمبابوى عن 10 حالات إصابة فقط، وحالة وفاة واحدة، ولكن ثمة مخاوف من أن يتسبب انتشار الوباء فى مخاطر حقيقية لبلد يعانى أصلا من الفقر وتفتقر منشآته الصحية إلى التجهيزات الضرورية.
إندونيسيا: "لم نقدم معلومات معينة للجمهور لأننا لا نريد إثارة الذعر"
ورغم أن الرئيس الإندونيسى جوكو ويدودو، لم يسخر من خطورة الوباء، لكنه اعترف بأنه تعمد حجب معلومات عن حالات الإصابة بفيروس كورونا حتى لا يلجأ الناس إلى سلوكيات مثل التهافت على شراء الضروريات.
ولم تسجل إندونيسيا أى حالات إصابة بالفيروس حتى 2 مارس، لكن العدد يقترب الآن من 3000 حالة، إلى جانب 221 حالة وفاة، فيما أعلن ويدودو حالة طوارئ وطنية فى 31 مارس الماضى، ويقدر خبراء فى كلية لندن للصحة العامة، قبل أيام، أن العدد الحقيقى للحالات يمكن أن يكون أعلى من 34000 حالة، وفى وقت سابق من هذا الشهر، قال رئيس الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث فى إندونيسيا، دونى مورجادو، فى ندوة، أن المشروبات العشبية تمنح الإندونيسيين حصانة ضد الفيروس.
الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو
رئيس وزراء بريطانيا: "كنت فى المستشفى حيث مرضى كورونا وصافحت الجميع"
أما بريطانيا، فكان قد قال رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون، فى مؤتمر صحفى، فى 3 مارس الجارى، إنه لا يشعر بالقلق من مصافحة الناس وسط زيادة انتشار فيروس كورونا فى المملكة المتحدة، وكانت حجته أن غسل اليدين "هو الشىء الحاسم".
وأوضحت الحكومة البريطانية لاحقًا أن جونسون لم يصافح سوى الطواقم الطبية، وليس المرضى، لكن ملاحظاته لا تزال تثير الكثير من الانتقادات، وفى نهاية المطاف، أكد اختبار أجرى لجونسون فى 27 مارس إصابته بفيروس كورونا، وأدخل مستشفى فى لندن فى الخامس من أبريل لإجراء اختبارات روتينية كـ"خطوة احترازية".
والاثنين، 6 أبريل، أفادت هيئة الإذاعة البريطانية، أن رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون، تم نقله إلى العناية المركزة، بسبب إصابته بفيروس كورونا قبل عدة أيام الأمر الذى تطلب دخوله المستشفى، بعد تدهور حالته الصحية.
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة