استطاع فيروس كورونا المستجد "كوفييد 19" فى قلب الحياة اليومية رأسا على عقب لمئات الملايين من البشر، بعد انتشاره فى أكثر من 170 دولة حول العالم، وشكل فوق ذلك اختبارا حقيقيا لقدرة الدول على حد سواء في مواجهة تلك الأزمة العالمية ليكشف وجه الحكومات الصالحة من العاجزة، وخاصة بعد أن رأى العالم أجمع كيف لدول عظمى أصابها الفيروس، وأصبحت الحياة لديها كارثية، ففى دول مثل إيطاليا وإيران، وأمريكا وبريطانيا، وإسبانيا وألمانيا، وفرنسا، أصاب تلك المرض مواطنيها على مستويات واسعة، ولم ينج لا مسئولين ولا برلمانيين، بل اكتوى به الغنى والفقير على حدٍ سواء، وأربك هذا الوضع أنظمة الرعاية الصحية في كثير من هذه البلاد، بل أثر تأثيرا سلبيا لا يمكن وصفه من الناحية الجسدية والعقلية والمالية على الملايين الواقعين تحت العزل الآن.
إلا أن مصر وحتى الآن، نجحت فى إدارة أزمة انتشار وباء كورونا بصورة فاعلة، شهدت به منظمة الصحة العالمية، والمواطنون أنفسهم راضون بكافة القرارات والإجراءات المتخذة، وهو ما يرجع وجود حكمة وحنكة لدى القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس السيسى وكذلك وجود حكومة صالحة يرأسها المهندس مصطفى مدبولى، وذلك من خلال القيام بتبنى إجراءات صارمة منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأزمة، وكذلك فرض عدة سيناريوهات للأزمة والتعامل مع كل سيناريو بإجراءات مناسبة، من خلال رفع مستوى الخطورة، فضلا عن فرض عقوبات صارمة بحق المخالفين للإجراءات والتدابير الحكومية لمواجهة الوباء، بالإضافة إلى التواصل السياسى المباشر مع الجماهير لتهدئة مخاوفهم ووضع خارطة طريق للخروج من الأزمة، فضلا عن محاولة علاج الآثار النفسية للأزمة.
والملفت للنظر، أن الحكومة المصرية استطاعت وبجدارة، حتى الآن، أن تقدم حلولا من خارج الصندوق، لمواجهة هذا الوباء العالمى، فرفع مكافأة الأطباء الامتياز من 400 جنيه لـ2200 جنيه، وكذلك رفع بدل العدوى للأطباء أمر ساهم في رفع روح الجيش الأبيض في معركته البطولية، إضافة إلى أنه استطاع ضم أكثر من 20 ألف طبيب امتياز إلى المنظومة الصحية، ودفع 500 جنيه للعمالة الغير منتظمة لمدة 3 أشهر، وكذلك الخروج بحزمة من القرارات الاقتصادية، لأمر رائع وجيد.
والأجمل، أن يكون هناك قرار بالاستفادة من طلاب كليات الطب بدءً من الفرق الرابعة والخامسة والسابعة، حال الاحتياج إلى هذا، ومنحهم ترخيص، يعد خطوة رائعة وعظيمة نستطيع من خلالها تدعيم المنظومة الصحية بالآلاف لمواجهة هذه الجائحة.
ومن الجميل أيضا، أن يتم تخصيص المدن الجامعية بكافة المحافظات واستخدامها كمستشفيات، لأنه ببساطة لا تحتاج إلى موارد كثيرة لتحويلها كمستشفيات، فطبيعة الغرف ووجود الأسرة التي تشبه أسرة المستشفيات، وكذلك الحمامات المجمعة في كل دور، وكذلك وجود مطاعم بكل مبنى، إضافة إلى وجود العاملين الموظفين بها، وطبعا المدن هذا بها آلاف الغرف والأسًرة، الأمر الذى يسهل على الدولة ويقلل من التكاليف، فهى في الحقيقة فكرة رائعة تستحق التقدير.
أما قرار تخصيص عدد من المدارس ومراكز الشباب، والعمل على الاستفادة منها كمستشفيات حال الوصول لسيناريو أسوأ، لأمر مهم يساعد على السيطرة، ناهيك عن استخدام أيضا مراكز الشباب وفناء المدارس لصرف المعاشات أمر مهم أيضا.
والعمل على تطبيق استراتيجية التواصل السياسى، والتى تعتمد على نشر أخبار متوازنة، ولهذا حرصت وسائل الإعلام المصرية على نشر أخبارا إيجابية عن شفاء بعض الحالات، وعن نجاح جهود الحكومة فى احتواء الفيروس، بينما قامت فى المقابل بنشر أخبار عن الأفراد الذين يتعرضون للعقاب جراء اختراقهم للإجراءات المفروضة.
وكذلك تبنى خطاب سياسى مركز وصريح، ليكون أسلوبا ومنهجا يتبعه رئيس الوزراء المصرى خلال خطاباته وأحاديثه للشعب المصرى، مطمئنا الشعب منذ اندلاع الأزمة وحتى الآن، من خلال تقديم خارطة طريق واضحة المعالم، عارضا رؤية واضحة للمستقبل القريب فى ظل الأزمة، حيث اتسمت تلك الخطابات بالواقعية، فيؤكد على توقعه بوقوع المزيد من الخسائر الاقتصادية، وفى المقابل تم تحديد الإجراءات الاقتصادية التى تتخذها الدولة لمواجهة التداعيات، وكذلك توضيح الاستراتيجيات التى تتبعها الحكومة لتوفير الأغذية، وآليات إدارة الأمن الغذائى.
تخفيف التداعيات النفسية المرتبطة بالأزمة، إلى جانب الإجراءات الطبية واللوجستية لاحتواء الفيروس، وحزمة الإجراءات الاقتصادية لتخفيف آثاره، اهتمت القيادة السياسية بالأبعاد النفسية المرتبطة بانتشار الوباء والانعزال بالمنزل.
ليأتى دور القوات المسلحة التى بالفعل يعد مبعثا للفخر، من خلال قيامها بعمليات تعقيم شاملة لكل المؤسسات والمنشآت الحيوية، إضافة إلى تخصيص عدد من مستشفياتها لخدمة المصريين فى ظل الأزمة، وتصنيع المطهرات وأدوات التعقيم وطرحها فى الأسواق بأسعار مناسبة، إضافة إلى دورها فى تأمين المخزون الاستراتيجى.
وعلى نفس الأهمية، كان هناك دور مهم للمجتمع، من خلال إطلاق عدة مبادرات هدفها التخفيف عن المواطنين، حيث قام عدد من خدمات المجتمع المحلى بتقديم استشارات نفسية مجانية بصورة مباشرة أو من خلال الإنترنت للمساعدة فى تقليل حدة التوتر والخوف المرتبطة بإجراءات الحجر الصحى، أو شعور الهلع الذى انتاب بعض الأفراد خشية الإصابة بالمرض، فوجدنا آلاف الاستشارات الطبية على الإنترنت، وكذلك إطلاق مبادرات عدة بتوزيع السلع الأساسية على البسطاء، وكذلك إطلاق قنوات تعليمية على الإنترنت لمساعدة الطلاب في التعلم عن بعد، لخير دليل على تلاحم الشعب مع القيادة السياسية في العبور بالأزمة لبر الأمان.
وأخيرا.. كل ما نتمناه أن يكون الشعب المصري على مستوى الوعي بتحديات هذه المرحلة الحرجة وتوخي الحذر أيضا من الدعوات المغرضة التي تهدف إلى عدم الاستقرار، داعين الجميع للوقوف صفا واحدا حكومة وشعبا في مواجهة هذه الفيروس القاتل لتخطي هذه الأزمة العالمية بخير وسلام.