أبطال يحملون الرايات ويورثونها من بعدهم لأبطال آخرين، لا تقل وطنيتهم وخوفهم على أمن وسلامة شعب مصر عن الأولين، فهم خلدوا سيرتهم بأحرف من نور على صفحات من ذهب، ورووا بدمائهم الذكية الطاهرة أرض الوطن، وقدموا كل عزيز وغالي لرفعة هذا الوطن وحمايته، فما أغلى من النفس حتى يقدمها هؤلاء، فمن بين هؤاء الأبطال الشهيد البطل خالد المغربي "الشهير بـ"دبابة" ابن مدينة طوخ بالقليوبية، وأحد أبطال كمين "البرث" بشمال سيناء، والذي استشهد برفقة أبطال عظام على رأسهم المقدم أحمد المنسي.
الشهيد خالد المغربي دبابة
وانتقل "اليوم السابع"، إلى قبر الشهيد خالد المغربي بمدينة طوخ بالقليوبية، للتعرف على سيرته الطيبة من والدة محمد المغربي، وحارس مقابر الشهيد، ووالدته التي تظهر ولأول مرة إعلاميا، وجيرانه، وامه الثانية، والتعرف على مدي شهامة وشجاعة ورجولة هذا البطل مع الجميع، ومدي حب الجميع له.
والد الشهيد خالد المغربى "دبابة": قالى أنا مشروع شهيد
والد الشهيد خالد المغربي دبابة
في البداية قال محمد المغربي والد الشهيد الراحل خالد المغربي، فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، إن خالد حصل على الثانوية العامة، وقدم في الأكاديمية البحرية، والكلية الحربية فى نفس الوقت لكنه فضل الاستمرار فى الحربية، وتخرج منها فى منتصف عام 2014، ثم خدم فى سيناء لمدة ثلاثة سنوات، وكان الشهيد البطل من شباب ضباط الكتيبة 103 صاعقة، وتمنى الحصول على الشهادة، وقال لوالدته مش هرجع إلا شهيد، مشيرًا إلى أنه قاد قرابة 41 مداهمة خلال خدمته فى سيناء، وقضى على قرابة 17 تكفيرى هناك، مشيرا إلى أنه سمع نداء على الجهاز من الشهيد المقدم أحمد منسى ينادى على خالد المغربى للدعم، قائلا: "الشهيد منسى طلب خالد بالاسم كى تكمتل الصحبة".
والد الشهيد خالد المغربي أمام قبره
وتابع، والد البطل الشهيد خالد المغربى، أن ابنه ليلة استشهاده صلى الفجر في كتيبته وجهز نفسه وشنطة، عشان هيسيب كتيبته ويرجع علي القاهرة صباح يوم استشهاده، لأنه استلم نشرة انتقاله من أرض سيناء إلي قوات الصاعقة بالإسكندرية، كما حصل على قرار ترقيته لرتبة نقيب، وتلقى استغاثة من الشهيد أحمد منسى فى الكمين، فعلى الفور تحرك هو وزملاؤه فى اتجاه الكمين، ومن سرعة المدرعة العسكري اللي بيقودها بيقول للشهيد خالد نهدي السرعة لا يكون في لغم علي الطريق يا فندم، فأجابه الشهيد بصوت الصاعقة بأقصى سرعة عندك الرجالة هناك هتموت، وقبل الوصول للكمين بمسافة 700 متر لمح الشهيد عربة على أحد جانبي الطريق بداخل إحدى العشش، بدأ التعامل معها فانفجرت بمن فيها كانت معدة بمتفجرات لتعطل وصول الدعم، وأكمل في طريقه وقبل الوصول للكمين بمسافة 400 متر، كان رصاص القناصة يطلق علي المدرعة ورصاص من علي جانبي الطريق، فكان يتعامل من داخل المدرعة مع مصادر الرصاص حتي أتت عربة دفع رباعي يقودها انتحاريون من أحد جانبي الطريق لتصطدم بمدرعة الشهيد وتنفجر.
صورة للشهيد البطل خالد المغربي
واستطرد والد الشهيد المغربى: أدى انفجار المدرعة التى كان يقودها الشهيد إلى وقوع مصابين من العساكر وعم السكوت داخل المدرعة، وعسكري من العساكر المصابين قعد ينادي علي زمايلو محدش رد، نده علي خالد يا فندم يا فندم خالد رد، قالو أنتم كويسين، قالو كلهم مصابين يا فندم قالو خد الجهاز وقول أنا خالد المغربي، وأتصبت وأطلب الدعم وقالو خليك جنبنا أنا دربتك علي الرجولة أوعي يخدونا مصابين واستشهد خالد ومجند معه.
والدة الشهيد مغربي دبابة: آخر مكاملة قالى أنا جاى بس مش عليكم
وبدورها قالت نعمات عرفات والدة الشهيد خالد المغربي، الشهير بـ"الدبابة" فى أول ظهور إعلامى لها، إن مسلسل الاختيار المعروض حاليا يبين مدى عظمة الجيش المصرى والتضحيات التى يقدمها لأجل الشعب، متابعة: "المواطنون لم يكونوا يعون مدى تلك التضحيات، وابنى كان بيحكيلى بس مكنتش متخيلة الوضع كده، والمسلسل أحيا الحس الوطنى فى نفوس المواطنين من جديد".
والدة الشهيد خالد المغربي تحتضن صورته
وأضافت "نعمات" فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، أن الشهيد خالد المغربى كان دائما يوصيها بتربية نجلها على الرجولة والشهامة كما أنشأته، وكان رد الفعل منها هو البكاء خوفا على نجلها، قائلة: "لما كان يقولى ربى ابنى كنت أبكي، يقولى أوعى تعيطى أم الشهيد بتزغرد وتفرح، وكل ما يشوف تكريم للشهداء فى التليفزيون يقولى جهزى نفسك هتبقى أم الشهيد".
قبر الشهيد خالد المغربي دبابة
وتابعت، "ابنى قالى لما استشهد أنا واخد بحقى من الإرهابيين كتير أوى، وأوعى تخافى وخليكى قوية، وأنا نفسى أموت شهيد، ولما استشهد أذبحوا عجلين، فوالده يرد عليه بالمداعبة كفاية عجل واحد يقوله لا لازم اثنين، وكل ما يقول نفسى أموت شهيد ويقولها بفرحة كبيرة جدا، وعمره ما كان باصص للدنيا، واختار مقابر معينة يدفن بها بجوار جده لوالدته".
صورة للشهيد خالد المغربي
وأشارت، إلى أن الشهيد خالد كان دائم البر بالآخرين ودائم المعروف، ودائما ما كان ينفق فى الخير ولم يكن يتحدث عن ذلك نهائيا ولم نعرف بذلك إلا بعد استشهاده، من الأهالى والجيران وأهل المدينة، والجنود الذين كانوا معه، وكان دائما متواضع مع أهل المنطقة "دائم كان يقول للناس أنسوا إنى ضابط أنا واحد منكم، ومرة راح يعزى أحد الجنود فى وفاة والدته الجندى من فرحته قدم له حاجة ساقعة فى العزاء، وبيقولى يا ماما بقيت مكسوف جدا".
وأوضحت، أن كل هذه الذكريات التى رواها أصدقاء خالد ورفاقه فى القوات المسلحة والأهالى بالمنطقة شدت من أزرها ورفعت من روحها المعنوية وصبرتها على مصابها الأليم، قائلة "أحد المواطنين جاء ألينا بعد استشهاد خالد وقالنا إنه خالد جاب له جزمه فى فرح ابنه وقالوا لازم تكون لابس جزمة جديدة، واحد زمليه قالنا ابنكم عمل عمل محدش يقدر يعمله فى سنوات طويلة".
الشهيد البطل خالد المغربي
وأكدت، أن الشهيد خالد كتب رسالة فى أحد الأدوات المدرسية لأبناء شقيقته قال فيها : "بلا دموع.. أحبك يا أختى وأحبكم جمعيا.. بقيت أيام بسيطة من عمري.. فأستودعكم الله"، وتضمنت الرسالة رسمة للقبر، موضحة أنها كان لديها إحساس بأن نجلها سيستشهد، مشيرة إلى أنه تلقى خبر استشهاد خالد المغربى بصبر واحتسابه عند ربه، موضحة أن أخر مكالمة بينها وبين الشهيد قال لها "أنا هاجى ياماما بس مش هاجى عليكي"، وكان قبل ذهابه إلى وحدته تجول فى المنزل بالكامل.
الشهيد خالد المغربي
واستطردت، أن الشهيد خالد المغربى أثناء شراءه بدلة زفافه والمستلزمات الخاصة بعرسه اشترى "بياده"، وعندما سأله أصدقاءه عن سر شراءه لهذه البيادة رد عليه قائلا "أنا ساستشهد بهذه البيادة"، وبالفعل استشهد بنفس البيادة.
حارس مقبرة الشهيد خالد مغربى: يوم تشييع الجثمان كان عيد وروائح طيبة تفوح منه
حارس مقبرة الشهيد خالد المغربي
ومن ناحيته قال مصطفى منشاوى، غفير بمقابر طوخ بالقليوبية، والتي يرقد بها جثمان الشهيد خالد المغربي الشهير بـ "دبابة"، أنه يعمل بخدمة المقابر وحراستها طيلة 55 عاما، إنه قبل دفن الشهيد خالد المغربي بليلة واحدة شهدت المقابر إقبالا كثيفا من الأهل والأصدقاء على الرغم من أنه سيدفن في اليوم التالي لاستشهاده، موضحا "المقابر ازدحمت بالناس وكأنها عيدا".
حارس قبر الشهيد
وأضاف "منشاوي" في تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، أنه كان يتواجد بالمقابر ما يزيد عن 50 ألف مواطن في انتظار تشييع جثمان الشهيد، "ومكنتش عارف أدخل القبر من حبايب الشهيد وأصدقاءه، على الرغم من حرارة الجو يوم تشييع الجثمان حيث أنه تم الدفن في شهر يوليو 2017، كان قبر الشهيد به درجة رطوبة لم أراها من قبل".
وأوضح، أنه بعد دفن الشهيد كان يأتي يوميا إلى المقابر كعادة عمله اليومي فيجد العشرات يوميا يأتون لقراءة الفاتحة للشهيد خالد المغربي، قائلا "القبر يوميا يخرج منه رائحة طيبة جدا، وبخور، وحكيت لأسرتي، ويميا فضل هذا الوضع أيام طويلة، وطول 55 عاما لم أر جنازة في حياتى حضرها أعداد كبيرة من الأهالي".
جارة الشهيد خالد المغربي: الجميع أطلقوا على أمه الثانية وكان يزورني لخدمتى
جارة الشهيد خالد المغربي
فيما قالت زينب محمد فتحي، أحد جيران الشهيد خالد المغربي، والملقبة بـ "أمه الثانية"، إن الشهيد "دبابة" كان له العديد من المواقف الإنسانية معها، فهي كانت تعامله كولدها الذي عوضها الله به عدم الإنجاب، موضحة أنه في يوم زفاف الشهيد أصر على أن تكون أول الحضور واوصى والديه بأن تكون معهم نظرا لأن حفل الزفاف كان بالقاهرة وهي تقطن بجوار اسرته بمدينة طوخ بالقليوبية.
وأضافت "زينب" في تصريحات لـ "اليوم السابع"، أنه خلال الزفاف أصر الشهيد خالد المغربي على أن تقوم هي بمسك البخور في الزفاف لدرجة أن الحضور ظن أنها والدته، مشيرة إلى أن الأسرة بالكامل لا تعاملها على أنها تقطن لديهم أو مستأجرة للمنزل، بل هي فرد أساسي بالأسرة، فكان دائما في خدمتها، وكان عند نزوله أجازة من عمله كان دائما يزورها وكذلك طوال فترة وجوده بالمنزل وقبل عودته للعمل مرة أخرى.
جارة الشهيد خالد المغربي دبابة
وتابعت، أنه خلال تشييع جثمان الشهيد خالد المغربي لمثواه الأخير بعد استشهاده وخلال تواجدها بالجنازة ومن شدة بكائها ظن جميع الحضور أنها والدته بالفعل، موضحة أنها شعرت بكسرة كبيرة عقب سماع خبر استشهاده حيث أنه كان ونيسها الأول وسندها من شهامته ومواقفه، حيث أنه نشأ في أسرة تربت على الاحترام والشهامة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة