عائلة مصرية عريقة.. "النوبة" قبائل عريقة.. "منير والمشير وشيكابالا ومنيب" مشاهير بلاد الدهب.. النوبيون يروون تاريخ الأجداد.. ويؤكدون: "نحاول الحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا.. ولغتنا تنطق ولا تكتب.. صور

الجمعة، 01 مايو 2020 11:30 ص

محرر اليوم السابع مع ابناء النوبة

النوبة – عبد الله صلاح

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"منير والمشير وشيكابالا ومنيب"، وغيرهم من الأسماء التى حفرت اسم النوبة بحروف من نور، وسطرت اسمها فى مشاهير مصر.

ويصحب "اليوم السابع" قراءه فى جولة داخل إحدى قرى النوبة "التهجير"، كما يطلق عليها أبناء بلاد الذهب، لمحاولة التعرف على تاريخ النوبة، وأبرز ما يميزهم، وعاداتهم وتقاليدهم ومشاهير هذه القطعة الغالية من تراب مصر.

اليوم السابع داخل قرية أدندان

فى لافتة كبيرة تعلو طريق مصر أسوان السريع، وتحديداً شمال مدينة أسوان بنحو 30 كيلو متر، يبرز اسم "نصر النوبة"، فى إشارة إلى طريق المركز الذى يضم نحو 44 قرية من قرى تهجير النوبة، بالتزامن مع بناء السد العالى، وفى إحدى هذه القرى وهى "أدندان" آخر القرى النوبية جنوباً فى النوبة القديمة نأخذكم فى جولة للحديث عن أهل النوبة.

ووسط أجواء القرى البسيطة والطبيعة الخلابة والبيوت الملونة الزاهية، يجلس العم فخرى سليمان سيد، تحت ظل شجرة بمدخل القرية، ويستعيد فى ذاكرته النوبة القديمة التى عاصرها حتى 6 سنوات من عمره، ثم جاء إلى مركز نصر النوبة ليحاول يحافظ على عدداً من العادات والتقاليد التى تربى عليها فى صغره وينقلها لأبنائه حتى يحافظ على تاريخ النوبة وموروثات هذه القبائل العريقة، سواء المتعلقة باللغة أو الأكل والشرب أو الاجتماعيات فى الأفراح والأحزان والمناسبات الأخرى.

وأكد فخرى سليمان، أن من أبناء النوبة أسماء سطروا أنفسهم وسط المشاهير فى مصر والعالم، ومنهم الكينج محمد منير، والمشير محمد حسين طنطاوى، والمطرب والملحن النوبى أحمد منيب، والأديب النوبى إدريس على، ولاعب الزمالك شيكابالا، وكذلك الصول أحمد إدريس صاحبة فكرة شفرة حرب أكتوبر التى استخدمت فيها اللغة النوبية، وغيرهم من مشاهير النوبة ومصر.

قرى النوبة وتاريخها

أحمد محمد سليمان، 68 سنة، أحد أبناء النوبة، يفتتح الحديث لـ"اليوم السابع" قائلاً: وقت تهجير أبناء النوبة من موقع بناء السد العالى والأراضى المحيطة، كان عمرى 14 سنة، وبلادنا القديمة كانت مطلة على النيل مباشرة ، وكانت حياة بسيطة تعتمد على النيل بشكل أساسى ، والنوبة القديمة تمتد من قرى الشلال شمالاً إلى أدندان جنوباً بإجمالى 40 قرية ، ومنها 17 قرية تنتمى إلى قبائل "الكنوز" ويتحدثون النوبية الكنزية ويقال أنهم ينتمون إلى شخص يسمى "كنز الدولة" بالعصر الفاطمى، ثم تمتد النوبة جنوباً بواقع 6 قرى يعيش فيها النوبة العرب، ثم يليهم 17 قرية أخرى ينتمون إلى قبائل "الفاديجيكا" وهم عناصر مختلطة أكثر بالجنوب الأفريقى، ثم بعد تهجير السد العالى ، أصبحت القرى النوبية 44 قرية بعد زيادة 4 قرى منها "بلانة أول وثان" و"قورتة أول وثان".

وأوضح "سليمان"، بأن أهل النوبة الأجداد الذين عاصروا هذه الفترة سعوا إلى الحفاظ على العادات والتقاليد التى كانوا عليها قديماً، ثم تغيرت بعض العادات بحكم وطبيعة جغرافيا المكان الجديد.

أحد أبناء النوبة

اللغة النوبية تنطق ولا تكتب

وعن التعليم والثقافة النوبية، أشار إلى أن أول مدرسة فى النوبة كانت عام 1912 بقرية الدر وتنقالة، وكان المعلمون فى النوبة قليلون جداً ، وبسبب ظروف بُعد المدارس كان الكثير لا يكمل تعليمه ، وكان على امتداد الـ350 كيلو متر لقرى النوبة القديمة لا يوجد سوى 4 مدارس فقط وكان التعليم فيهن داخلى، مضيفاً أن اللغة النوبية هى إحدى اللغات النيلية أو الأفريقية، لذلك أبناء النوبة يتحدثون النوبية ولا يكتبونها، وتوارثها الأبناء من الأجداد عن طريق التحدث بها، وعلى سبيل المثال: فإن كلمة "فرح" فى النوبية "بالى"، وكلمة "حناء" هى "كوفاريه"، وكلمة "عيش" هى "كبا"، وكلمة "مبروك" هى "بركا"، لافتاً إلى أن هناك عادات مرتبطة بالديانات المختلفة لأن كل هذه الحضارات مرت على النوبة.

وتابع، أن الزراعة كانت لدى النوبى القديم هى مهنته الأولى، ويعتمد على زرع المحاصيل الأساسية مثل القمح والشعير والذرة، ورغم صعوبة التأقلم على الوضع البيئى الجديد لأبناء النوبة إلا أن أبناء النوبة استصلحوا وزرعوا وعمروا فى مدينة نصر النوبة.

الأفراح فى النوبة شكل تانى

وعن الأفراح فى النوبة، قال أحمد سيد حسن، أحد شباب النوبة بقرية أدندان، إن الأفراح كانت قديماً تمتد لمدة 15 يوماً ثم تناقصت أيام الأفراح تدريجياً، وكانت تخلل أيام الأفراح ترفيه وأغانى ورقص وكان من أشهر مطربى النوبة "سوستة" وكان يغنى "أسمر اللون" وكانت معظم الأغانى تنبع من وحى البيئة ، وكان من بين المطربين "صالح وولوليه" الذى أتى من السودان، و"سيد جاير" وكانت الأفراح النوبية تنعقد داخل البيوت لأنها كانت متسعة جداً وكانت الأسر تتزوج داخل البيت.

وأضاف أحمد سيد، أن من عادات الأفراح فى النوبة، أن العروسين كانا يتوجهان إلى النهر بعد أسبوع من الزواج أو فى صباحية الزفاف لغسل الوجه من ماء النيل، ثم ظلت هذه العادة بعد التهجير، يتم غسل الوجه من ماء الترعة القريبة من قرى النوبة الحديثة حتى بطلت هذه العادة مع الوقت، والأفراح النوبية وإن كانت تختلف عن الأفراح القديمة إلا أنها لا زالت تحافظ على الشكل القديم لها، ومثلاً أثناء عقد القران كان ينعقد فى الشارع ويشارك جميع أهالى القرية فيه ويكن بعد العصر ويفترش أهل العروسان الأرض ويقدمون الشاى باللبن والفول السودانى والفيشار للضيوف، وهناك مزيد من العادات والتقاليد والطقوس المتبعة فى أفراح النوبة وأبرزها رسم الحناء للعروسة ، والأفراح كانت قديماً 15 يوماً منها يوم للشعرية وصناعة خبز الفرح وسط أجواء من التجمع والفرحة.

الأكل النوبى

الأكلات النوبية المميزة

لا شك أن النوبة تشتهر بأكلات مميزة يفضلها أبناء خاصة فى المناسبات ومنها رمضان، وفى هذا الصدد توضح أم عمار، سيدة نوبية أهالى أدندان، بأن ضمن مشروبات النوبة المميزة "الأبريه" وهو مشروب مغذى يصنعه أبناء النوبة خصيصاً فى شهر رمضان المبارك، ويصنع من الذرة الشامية بعد طحنه وعجنه، ثم يخفف بالماء ويوضع القليل منه على "الدوكة" النوبية وهى قطعة الصاج الحديد التى توضع فوق الموقد، ثم لحظات ويرفع من على الدوكة ويكسر ويضاف إليه الماء البارد مع بعض الإضافات الأخرى مثل الليمون أو التفاح أو غير ذلك من أنواع الفاكهة ويشرب مع الإفطار فى رمضان.

"الجرجار" زى نوبى مميز

وعن الزى النوبى، تحكى "أم أحمد" عن ارتداء المرأة النوبية لما يعرف باسم "الجرار" وهو زى نوبى مميز طويل ومريح للمرأة صيفاً وشتاء، ويتكون من طبقتين أحدهما تغطى المرأة والأخرى الخارجية شفافة للوقاية من الحر، ويختلف مظهره الخارجى بالنسبة للفتيات وبالنسبة للأرامل التى توفى زوجها، ولكنه زى نوبى مميز للنساء لا غنى عنه.

المشغولات اليدوية

الحرف والمصنوعات اليدوية

ومن أبزر ما تشتهر به النوبة، هو صناعة المشغولات اليدوية، وفى هذا الشأن يتحدث فضل المولى على عبد الله 71 سنة، من أقدم صانعى الحرف اليدوية فى النوبة، والذى أشار إلى أن النوبى القديم وجد موهبته فى صناعة المشغولات اليدوية من وحى الطبيعة التى كان يعيش وسطها، وكل منتجاته وأدواته خالصة من البيئة، مثل جريد النخيل ومشتقاته، ومن خلالها يصنع التحف الفنية وكل ما يشير إلى الفلكلور النوبى المميز، لافتاً إلى أن السيدات أيضاً يعملن فى هذه الحرفة ويجلسن أمام منازلهن يصنعن المصالى والشنط من جريد النخيل وغير ذلك من المشغولات اليدوية التى وصلوا بها إلى العالمية.