نواصل مع المفكر العربى الكبير "جواد على" قر اءة تاريخ القبائل العربية، وأيامها وحروبها وعلاقاتها الخارجية، وذلك من خلال كتابه المهم "المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام" والذى صدر فى عام 1969، وقد وصلنا معه إلى منطقة مكة ونتوقف اليوم مع جماعة تسمى "الأحابيش".
يقول الكتاب:
ومن أهل مكة جماعة عرفت بـ"الأحابيش"، وذكر أهل الأخبار أنهم حلفاء قريش، وهم: بنو المصطلق، والحياء بن سعد بن عمرو، وبنو الهون بن خزيمة، اجتمعوا بذنب حبشى، وهو جبل بأسفل مكة، فتحالفوا بالله: إنا ليَدٌ على غيرنا، ما سجا ليل وأوضح نهار، وما أرسى حبشى مكانه، وقيل: إنما سموا بذلك لاجتماعهم، والتحابش: هو التجمع فى كلام العرب.
وذكر أنهم اجتمعوا عند "حبشى" فحالفوا قريشًا، وقيل: أحياء من القارة انضموا إلى "بنى ليث" فى الحرب التى نشبت بينهم وبين قريش قبل الإسلام، فقال إبليس لقريش: إنى جارٌ لكم من بنى ليث فواقعوا دمًا، سموا بذلك لاسودادهم، قال:
ليث ودِيل وكعب والذى ظأرت ... جمع الأحابيش، لما احمرت الحدقُ
فلما سميت تلك الأحياء "الأحابيش" من قبل تجمعها، صار التحبيش فى الكلام كالتجميع.
وورد أن "عبد مناف"، و"عمرو بن هلال بن معيط الكنانى"، عقدا حلف الأحابيش، والأحابيش: بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة، وبنو المصطلق من خزاعة، وبنو الهون بن خزيمة بن مدركة، وكانوا مع قريش، وقيل أيضا: إن الأحابيش، هم: بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة، وعضل، والديش من بنى الهون بن خزيمة، والمصطلق، والحيا من خزاعة.
وقد وصف "اليعقوبى" "حلف الأحابيش" بقوله: "ولما كبر عبد مناف بن قصى، جاءته خزاعة وبنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة، يسألونه الحلف ليعزوا به، فعقد بينهم الحلف الذى يقال له: حلف الأحابيش، وكان مُدبّر بنى كنانة الذى سأل عبد مناف عقد الحلف عمرو بن هلل "هلال" بن معيص بن عامر، وكان تحالف الأحابيش على الركن، يقوم رجل من قريش والآخر من الأحابيش فيضعان أيديهما على الركن، فيحلفان بالله القاتل وحرمة هذا البيت والمقام والركن والشهر الحرام على النصر على الخلق جميعًا حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وعلى التعاقد وعلى التعاون على كل من كادهم من الناس جميعا، ما بل بحر صوفة، وما قام حر أو ثبير، وما طلعت شمس من مشرقها إلى يوم القيامة، فسمى حلف الأحابيش".
وقد ذكر أن "المطلب بن عبد مناف بن قصى"، قاد بنى عبد مناف وأحلافها من الأحابيش، وهم من ذكرتُ يوم ذات نكيف، لحرب بنى ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، كما ورد أن "الأحابيش"، الذين ذكرت أسماءهم، كانوا يحضرون مع من يحضر من طوائف العرب مثل: قريش، وهوازن، وغطفان وأسلم، و"طوائف من العرب" سوق عكاظ، فيبيعون ويشترون، كما ذكر أنهم كانوا مثل قريش يقدسون إسافًا ونائلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة