تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم الأربعاء، العديد من القضايا الهامة أبرزها، إن من القواعد البديهية أن انهيار دولة ما هو انتصار لدولة أخرى، جرياً على المقولة العربية، مصائب قوم عند قوم فوائد، وهذا ما لخصته نهاية الحرب العالمية الثانية؛ إذ أسهمت هزيمة ألمانيا النازية آنذاك في ولادة انتصار عالمي للحلفاء، وعملاً بهذه القاعدة تسعى دول للإطاحة بدول أخرى حتى تكون هي المتحكمة بمفاصل الرؤية العالمية.
مصطفى فحص
مصطفى فحص: واشنطن وصُلح المرشد
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط، إن في بداية الحرب على ثورة الشعب السوري، دعمت طهران موقف النظام البعثي الرافض والمُعطل لكل المبادرات العربية والدولية، من أجل التوصل إلى حل سلمي، يحفظ الدولة ومؤسساتها، ويجنب سوريا حرباً طائفية مدمرة. فإلى جانب دعاية النظام التي شككت بسلمية المظاهرات، واعتبرت أن أيادي خارجية تحركها، وبأنها أداة للإرهابيين لضرب الاستقرار، كانت نخب الجهاز الدعائي الإيراني تقدم لأتباعها مصوغات عقائدية، تبرر رفضها التسوية مع الثورة، تحت ذريعة أنها لن تقبل صلحاً جديداً على غرار صلح الحسن بن علي مع معاوية.
لحظة شعورها بخطر يهدد وجودها في سوريا، لجأت النخب الإيرانية العقائدية إلى مقارنة خيار مصالحة النظام مع ثورة الشعب السوري في أشهرها الأولى بنتائج صلح الحسن مع معاوية، الذي يشرحه أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية وجيه قانصو في كتابه "الشيعة الإمامية بين النص والتاريخ" بقوله: "كان وقع الصلح بمثابة صاعقة على كبار الخلص للبيت الشيعي، فالصلح عملياً لم يقتصر على بيعة معاوية والتنازل له عن كل ما يتعلق بالسلطة، بل كان بمثابة تفكيك كامل لمعسكر علي، وإنهاء الظاهرة الشيعية في مكونها العسكري والسياسي والبنيوي".
وفقاً لمصلحتها السياسية، لم تتردد هذه النخب في تبني قراءة رافضة لصلح الإمام الحسن من جديد، واختزاله بفكرة أنه تنازل عن السلطة لصالح الأمويين، بينما تؤكد أغلب الروايات الشيعية عن أهل البيت أن الحسن بن علي وصف الصُلح بقوله: "كانت جماجم العرب بيدي، ويسالمون لمن سالمت، ويحاربون من حاربت، فتركتها ابتغاء وجه الله وحقن دماء المسلمين".
فرض الصُلح موقعاً ثانوياً للإمام الحسن في الموروث الشيعي، بالرغم من تعدد وجهات النظر لدى المؤرخين في توصيفه وتقييمه، فمنهم من اعتبره صلحاً ومنهم من اعتبره هدنة، بصرف النظر إذا كان صلحاً أو هدنة، إلا أنه في كلتا الحالتين كان موقفاً شجاعاً من الإمام الحسن في رفض استمرار القتال والانسحاب من المواجهة، موقف الحسن ينسجم كلياً مع تراث أهل البيت، ولا ينفصل عن حركة الإمام علي بن أبي طالب الذي حسم موقفه من الخلافة بقوله: "لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين"، وطَّبقه كل الأئمة بعد الإمام الحسين، من نجله زين العابدين إلى الإمام الحادي عشر الحسن العسكري، حيث كانوا ميالين إلى الصلح، وابتعدوا عن السلطة وتجنبوها باستثناء الإمام الرضا الذي سماه الخليفة العباسي المأمون ولياً لعهده، والجدير ذكره أن أغلب الثورات الهاشمية بعد حادثة كربلاء التي جرت ضد الأمويين والعباسيين، لم تأتِ مباشرة من أسرة الإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء.
ولكن بناءً لمصلحة استراتيجية مستجدة أو مستعجلة، تخدم مصالح النظام الإيراني، أعاد مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي الاعتبار لصلح الإمام الحسن وغرّد قائلاً: "أعتقد أن الإمام حسن المجتبى هو أشجع شخص في تاريخ الإسلام، حيث استعد للتضحية بنفسه وباسمه بين أصحابه والمقربين منه، في سبيل المصلحة الحقيقية، فخضع للصلح، حتى يتمكن من صون الإسلام وحماية القرآن وتوجيه الأجيال القادمة في التاريخ في وقتها". موقف المرشد شكل مفاجأة واعتبر تمهيداً لخطوة إيرانية تراجعية أو تهيئة لتحولات في طبيعة أو نمط تفكير النظام، فعبارات المرشد في دلالتها لا تختلف عن قول مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيراني آية الله الخميني استعداده لتجرع كأس السم، لكن الفرق بين الأول والثاني أن الخميني أوقف حرباً استمرت 8 سنوات، بينما خامنئي يعرض الصلح بهدف البقاء.
لأسباب عديدة يتجنب أصحاب التفسيرات الانتقائية للموروث الشيعي، التطرق إلى صلح الإمام الحسن مع معاوية، خصوصاً في مرحلة الصعود الشيعي الإقليمي الذي ارتبط بالثورة الإيرانية، ومشروع تصديرها وتحولاتها الجيوعقائدية التي فرضت عسكرة الهوية تحت ذريعة حماية العقيدة، انطلاقاً من مظلومية تاريخية تم استخدامها في صراعات حالية، تختلف في جوهرها عما نقلته أمهات الكتب الشيعية عن تراث أهل البيت وأخلاقياتهم، إلا أن الاختزال المتعمد لمشروع البيت الطالبي ومشروعيته بفاجعة كربلاء وتداعياتها على العلاقة بين الفرق والمذاهب الإسلامية من القرن الرابع الهجري، إلى تبلور مشاريع الإسلام السياسي (بداية القرن الماضي) بشقيها السني والشيعي التي أقامت مشروعيتها على شعار رفعه آية الله الخميني "إن كل ما لدينا من كربلاء".
أما العودة الآن إلى الصُلح من بوابة البراغماتية وحفظ الأمة وموازين القوة، فليست سوى مقدمة للانتقال إلى مرحلة جديدة فيها تنازلات مؤلمة أمام واشنطن، يصفها المرشد الإيراني بالشجاعة.
علي قباجه: ندان تجمعهما المصالح
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الخليج الإماراتية، إن من القواعد البديهية أن انهيار دولة ما هو انتصار لدولة أخرى، جرياً على المقولة العربية، مصائب قوم عند قوم فوائد، وهذا ما لخصته نهاية الحرب العالمية الثانية؛ إذ أسهمت هزيمة ألمانيا النازية آنذاك في ولادة انتصار عالمي للحلفاء، وعملاً بهذه القاعدة تسعى دول لإطاحة دول أخرى حتى تكون هي المتحكمة بمفاصل الرؤية العالمية، لكن هذا الأمر البدهي ترفضه بريطانيا التي تعمل على إحياء نفوذ دولة أخرى لكي تظل هي في موضع القوة ضمن محيطها الأوروبي، وعلى امتداد الساحة العالمية، فكثيراً ما سعت لندن عبر تاريخها إلى تقوية نفوذ موسكو رغم الخلافات الظاهرة؛ لأنها ترى أن قوة روسيا تسهم في قوة بريطانيا حيث تستخدم لندن القوة الروسية فزاعة في وجه الأوروبيين، وتشعرهم بضرورة الالتفاف حولها لتجنبهم نفوذ موسكو.
وعلى الرغم من أن ذكرى الحرب العالمية الثانية مرت قبل أيام دون أي ضجيج إعلامي، فإن بريطانيا استغلت "عيد النصر" ذاك، لتغازل روسيا، عبر عبارات التهنئة التي بعثت بها الأميرة آن ابنة الملكة إليزابيث إلى شعوب الاتحاد السوفييتي، وهذه التهنئة وإن كانت تعد في العرف العالمي أمراً بروتوكولياً إلا أنها بصدورها عن البيت الملكي بالذات فإنها تحمل في طياتها الكثير؛ إذ إن المملكة المتحدة بطّنت تلك التهنئة بأمرين مهمين: أولهما تذكير سائر أوروبا وألمانيا خصوصاً بأن الاتحاد السوفييتي الذي انتصر سابقاً، وعلى الرغم من تفككه الآن، فإن قلبه روسيا لا تزال لاعباً دولياً مهماً، والدول تسعى إلى خطب ودها بما في ذلك بريطانيا، وثانيهما وهو الأهم أن من يستطع أن يقف في وجه موسكو ليس المنهزم أمامها سابقاً في إشارة إلى ألمانيا التي لم يساعدها نفوذها في ظل النازية، وهزمت في الحرب العالمية الثانية، وهي بذلك تؤكد للأوروبيين أن لندن لن تستطيع أن تشغل مقعدها في الاتحاد الأوروبي، وأنها وإن خرجت جسداً من الاتحاد إلا أن روحها لا تزال ترفرف بين جنباته، وستظل أحد اللاعبين الأساسيين في تشكيل سياساته الخارجية.
روضة كريز
روضة كريز: ثقافة التطوع فى محاربة فيروس كورونا
قال الكاتبة في مقاله بصحيفة الجريدة الكويتية، يشهد العالم أكبر تحديات في وزارات الصحة والتجارة والداخلية، للحفاظ على سلامة وأمن البلاد من جائحة كورونا المتفشية. بينما ظهرت صناعة وتدريب الأفراد التطوعية، ودخلت جو المنافسة العظيمة والتسابق على احتواء هذه الجائحة عالمياً من كل النواحي. ولعبت وزارات الصحة في العالم أكبر تحدٍ لمواجهته عندما جنَّدت الأطباء والممرضين والصيادلة كخط دفاع أمامي عن الإنسانية في وجه هذا الفيروس. كما لم تتأخر المختبرات الدوائية في التجارب والأبحاث، لإيجاد علاج أو لقاح علاجي لوقف همجية فيروس كورونا، أو ما يُعرف بـ"COVID-19"، الذي اجتاح العالم بسرعة كبيرة، ليحصد من الأرواح ما لم يُحصَ عدده بعد.
وقد وصفت منظمة الصحة العالمية دور الكويت المتميِّز في السرعة والحسم والشمول في السيطرة على جائحة "كوفيد-19"، واعتبرتها من أول البلاد العالمية التي سبقت في مواجهته، باتخاذ جميع الإجراءات والسُّبل لحماية مَن على أرضها، ومنع فرص انتشاره؛ براً وجواً وبحراً. كما تم ضخ الأموال وتذليل العقبات، في سبيل أخذ كل تدابير الوقاية والرعاية، على حد سواء، بما فيها القوى البشرية العاملة والمتطوعة والمُحبَّة للسلام والأمن والأمان لهذه الأرض من المواطنين والمقيمين من مختلف الجنسيات والأديان.
لقد لعب التطوع دوراً مهماً في مساعدة تلك الجهات الرسمية في خدمة الضعفاء والمتعففين والمرضى، والناس على حد سواء. غير أن للتطوع ثقافة خاصة قد لا يعلمها الكثيرون، تحددها القيم الإنسانية والمبادئ والأخلاقيات التي نمارسها ، والتي تحض على عمل الخير الذي يتعدى نفعه إلى الغير، تطوعاً وحباً من غير إلزام أو إكراه. وقد يصل التطوع بمفهوم ديننا الإسلام الحنيف إلى "فروض الكفاية" حين تكون الأعمال التي يتعيَّن القيام بها لمصلحة المجتمع أو الأمة كلها، وهذا ما نراه في الكوادر الطبية كلها وهي تضحي على قلب واحد حباً وواجباً وتطوعاً، تضحية في سبيل حفظ سلامة الجميع، وحماية البلاد من هذا الوباء والتصدي له، في ظل الحكومة الرشيدة، وعلى رأسها قائد الخير والسلام أمير البلاد "أبونا" الشيخ صباح الأحمد.