لطالما تحسر الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب على تأثر الاقتصاد بسبب أزمة كورونا ، فكرر فى مؤتمراته اليومية مقولة إن الاقتصاد الأمريكى كان الأفضل فى العالم وعلى مر التاريخ الأمريكى، ونسبة البطالة كانت عند أقل معدل لها، و"لكن جاءوا يوما وقالوا لي علينا أن نغلق البلاد، فقلت لهم: ماذا. رددوا ما قولتموه!"، ولعل هذا السبب هو المحرك لدفاعه المستميت عن علاج الملاريا هيدروكسى كلوركوين قبل أن يثبت فشله، لأنه فى أمس الحاجة للتوصل إلى علاج لاسيما وإن الانتخابات الأمريكية على الأبواب.
وكان الاقتصاد دائما ورقة ترامب الناجحة التى يستخدمها لإثبات إنجازات الفترة الرئاسية الأولى، وبالفعل تمكن الرئيس الأمريكى الـ45 للولايات المتحدة من دفع مستوى البطالة لأقل مستوى له منذ 50 عاما، عند 3.5% وذلك فى شهر فبراير الماضى، قبل أن يطيح وباء كورونا بجهوده ويرفع النسبة إلى 4.4% فى مارس، و14.7% فى إبريل.
كما تفاخر ترامب بقدرته على خلق الوظائف وتوفيرها للأمريكيين وحدهم، متبنيا شعار "أمريكا أولا"، إلا أن الفيروس دمر هذه البطاقة أيضا لاسيما مع وصول عدد الوظائف المفقودة فى شهر إبريل إلى 33 مليون وظيفة خسرها الأمريكيون خلال 7 أسابيع فقط.
وهذا ما أكدته صحيفة "الجارديان" البريطانية التى قالت إن كورونا أطاح بمكاسب وظيفية تم تحقيقها على مدار عقد من الزمان في أقل من شهرين، وتعد خسائر الوظائف الأخيرة أسوأ رقم شهري مسجل، وجاءت أقرب مقارنة في عام 1933 عندما بلغت البطالة ما يقدر بنحو 25٪ ولكن كان ذلك قبل أن تبدأ الحكومة في نشر الإحصاءات الرسمية.
وقالت إن الذروة السابقة للبطالة كانت 10.8٪ في عام 1982 وأكبر خسارة شهرية للوظائف ، قريبة من 2 مليون ، جاءت في سبتمبر 1945 في نهاية الحرب العالمية الثانية ، عندما كانت البلاد تسرح العمال، كما تجاوزت خسائر الوظائف في أبريل بسهولة 800 ألف وظيفة فقدتها في مارس 2009 ، وهو ذروة الركود الأخير.
واجتاحت خسائر الوظائف جميع أنحاء الاقتصاد ، وأصابت جميع الصناعات فخسر الترفيه والضيافة 7.7 مليون وظيفة حيث تضرر القطاع بشدة من تدابير الحجر الصحي، لكن 2.5 مليون وظيفة فقدت أيضا في خدمات التعليم والصحة ، حيث استغنت مكاتب طبيب الأسنان 503000 شخص كما خسر قطاع التجزئة 2.1 مليون وظيفة وانخفض التوظيف الصناعي بمقدار 1.3 مليون وظيفة.
ورغم محاولات ترامب العديدة لطمأنة الأمريكيين بشأن وضع بلادهم والوضع الاقتصادى، وسعيه لفتح البلاد، إلا أن وفاة ما يقرب من 80 ألف أمريكى تحدى كبير سيظل يطارده فى سباقه لإعادة انتخابه فى نوفمبر 2020، وظهر ذلك فى استطلاعات الرأى التى أكد بعضها تفوق جو بايدن، المرشح الديمقراطى الأوفر حظا للمنافسة أمامه فى الانتخابات المقبلة.
وأفاد آخر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس يومى الاثنين والثلاثاء أن 41 % من الأمريكيين البالغين أيدوا أداء ترامب في المنصب، في تراجع أربع نقاط عن استطلاع مماثل أجري في منتصف أبريل.
ولم يؤيد 56 %ترامب، بزيادة قدرها خمسة %في الفترة الزمنية ذاتها.
كما وجد الاستطلاع أن 46 % من الناخبين المسجلين قالوا إنهم سيؤيدون بايدن في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الثالث من نوفمبر، بينما سيصوت 38 % فحسب لترامب.
وكان بايدن متفوقا بنقطتين مئويتين فقط في استطلاع رويترز/إبسوس في الأسبوع الماضي.
ويتزايد انتقاد الأمريكيين على ما يبدو لطريقة معالجة ترامب للأزمة الصحية، ووفقا لاستطلاع الرأي، فإن الذين لا يوافقون على أداء الرئيس الأمريكي في إدارة الاستجابة لتفشي فيروس كورونا في البلاد يفوق عدد الموافقين على أدائه بنسبة 13 % ، وهو أعلى مستوى لعدم التأييد منذ أن بدأ استطلاع الرأي يطرح هذا السؤال في مطلع مارس.
ويتقدم بايدن عادة على ترامب في استطلاعات الرأي هذا العام. لكن تقدمه كان يتقلص بشكل مطرد حتى هذا الأسبوع.
وحسب رويترز، يرى الرأي العام أن ترامب أقوى في توفير الوظائف بينما بايدن ملائم أكثر في التعامل مع قضايا الصحة.
وأظهر استطلاع الرأي أن الجمهور منقسم بشأن المرشح الذي سيكون أفضل في التعامل مع الاستجابة لجائحة فيروس كورونا.
وأجري الاستطلاع عبر الإنترنت وباللغة الإنجليزية في أرجاء الولايات المتحدة، وحصل على إجابات من 1112 أمريكيا بالغا، من بينهم 973 عرفوا أنفسهم بأنهم ناخبون مسجلون. ويبلغ هامش الخطأ في الاستطلاع نحو أربع نقاط مئوية بالزيادة أو النقصان.
ويبدو أن تحدى فيروس كورونا لن ينتهى عن الوضع الاقتصادى، ففي الوقت الذي تتدافع فيه الولايات لتأجيل الانتخابات التمهيدية في الربيع ، يتطلع المحترفون في الانتخابات وخبراء التصويت بفارغ الصبر إلى نوفمبر ويحذرون من أن جائحة الفيروس التاجي يهدد بالفعل سلامة ونزاهة الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفقا لشبكة "سى إن إن" الأمريكية.
ويدق هؤلاء الخبراء ناقوس الخطر من أن الفيروس يشكل تحديات غير مسبوقة لانتخابات 2020 حيث سيواجه الرئيس دونالد ترامب مواجهة المرشح الديمقراطي المحتمل جو بايدن فيما يتشكل ليكون سباقًا ضيقًا ، حيث يمكن أن تؤدي التعديلات الصغيرة على قواعد التصويت إلى قلب الموازين أو إثارة أزمة دستورية.
وتخطط إدارة ترامب للتعامل مع موجات متعددة من المرض من المتوقع أن تمتد إلى العام المقبل ، وفقًا لتقرير حكومي داخلي حصلت عليه CNN.
وهذا يعني أنه سيكون من الضروري إجراء تغييرات شاملة في جميع الولايات الخمسين لبدء أول انتخابات رئاسية فى ظل انتشار لوباء في التاريخ الأمريكي ، وفقًا لمقابلات مع أكثر من اثني عشر مسؤولًا حكوميًا ، ومسؤولين فيدراليين سابقين ، ونشطاء حقوق التصويت ، وعلماء قانون.
واتخذ الكونجرس خطوة إلى الأمام هذا الأسبوع من خلال الموافقة على 400 مليون دولار من المنح الفيدرالية التي يمكن أن تستخدمها الولايات لإجراء تعديلات تتعلق بالفيروس التاجي للانتخابات العامة. لكن الطرفين لم يتوصلا إلى اتفاق بشأن السؤال المشحون سياسيًا حول كيفية إصلاح قوانين التصويت.
في أفضل سيناريو ، سيتباطأ الوباء خلال الصيف وتجري البلاد انتخابات عادية نسبياً في نوفمبر، لكن بعض الخبراء يفكرون في سيناريوهات أخرى تشمل محاولات تأجيل الانتخابات ، ونشوب أزمة دستورية.
وصوت أكثر من 136 مليون أمريكي في عام 2016 ، وأدلى عدد قياسي منهم بأصواتهم في وقت مبكر. لكن ما يقرب من 60 ٪ من الناخبين صوتوا في يوم الانتخابات ، وانتظروا في طوابير طويلة ، واستخدموا الأقلام الجماعية ولمسوا نفس آلات التصويت.
وقال ماثيو بيترسن ، الذي كان في لجنة الانتخابات الفيدرالية لمدة 11 عاما ، والذي عينه رئيس جمهوري: "لا نعرف ما يخبئه المستقبل". "إذا كان الفيروس لا يزال ينتشر على نطاق واسع في خريف هذا العام ، فإن الإدلاء بالأصوات في أماكن الاقتراع المزدحمة ، التي يديرها في المقام الأول عمال الاقتراع المسنون والضعفاء ، يخلق بالفعل عاصفة مثالية للفيروس لمواصلة انتشاره".
وأصدرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها توصيات حول كيفية حماية أماكن الاقتراع. نشرت لجنة المساعدة الانتخابية الدروس المستفادة من جائحة إنفلونزا الخنازير لعام 2009 ، بما في ذلك تحذير من أحد موظفي الاستطلاعات في فرجينيا لاحظ أن الأشخاص الذين استخدموا مطهر اليد قبل التصويت خلقوا بطاقات اقتراع رطبة تشوش بعض الأجهزة.
لكن النظافة ليست سوى جزء واحد من المعادلة ، ولن يكون إصلاح مشكلة الصورة الكبيرة سهلاً، فهناك قضايا دستورية معقدة تنذر بأن الانتخابات لن تكون سهلة. بالإضافة إلى ذلك ، سيضطر المشرعون إلى النظر في التشريع الذي قد يسهل على الأمريكيين التصويت ، ولكنه قد يضعف فرص حزبهم في الفوز.
لذا، قد يكون السبيل الوحيد لتغيير حظ ترامب وسط هذه المعضلة هو التوصل إلى علاج لكورونا قبل موعد الانتخابات، حينها ربما تأتى الرياح بما تشتهى سفن ترامب والحزب الجمهورى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة