"يا كحك العيد يا احنا..يا بسكويت يا احنا.. يا شر باتات يا احنا.. يا كوبايات يا احنا.. ومحدش حلو إلا احنا"، مع دخول الأيام الأخيرة لشهر رمضان المبارك، تنطلق سيدات محافظة الأقصر فى تجهيز أنفسهن لعمل "كحك وبسكويت العيد" الطبق التراث المفضل والرئيسى للشعب المصرى خلال عيد الفطر المبارك، حيث تنتشر فى مختلف المنازل عمليات التجهيز والإعداد لصاجات كحك وبسكويت العيد وتجهيزها وعملها فى المنازل، وتسويتها فى الأفران الحديثة داخل كل منزل.
من جانبها، تقول صفاء أحمد، ابنة محافظة الأقصر، إنهم فى عادة سنوية بتلك الأيام يقومون بتجهيز أنفسهم وشراء كافة المستلزمات من محلات العطارة لإعداد كحك وبسكويت العيد، لعمل الأشكال والأصناف المختلفة من كحك العيد وتجهيز الصاجات الخاصة بها، والتى تتنوع ما بين "البسكويت" و"الغريبة" و"البى تى فور"، وغيرها من الأطباق المفضلة للأطفال والكبار ويفطرون بها فى صباح أيام عيد الفطر المبارك، موضحة أن عمل "كحك العيد" برفقة أسرتها عادة كل سنة تقوم بعملها فى عيد الفطر المبارك، حيث تبدأ فى تجهيز كافة الأدوات المستخدمة فى عمل كحك العيد قبل العيد بأسبوع، فتقوم بطحن الدقيق الخاص بمقادير عمل الكحك ثم تحضر السمن والزيت وباقى مستلزمات عمل كمية من كحك العيد لأسرته.
وتضيف صفاء أحمد لـ"اليوم السابع"، أنه يتم عمل كميات إضافية من المطلوبة لأسرتها، وذلك لتوزيعها على جيرانها لرسم البهجة عليهم خلال العيد، حيث أن تلك العادة أصيلة فى المجتمع الصعيدى، ويتم تبادل أطباق الحلوى والكحك والبسكويت بين الجيران خلال العيد، مؤكدة أن الجميع يعشق الكحك والبسكويت المصنوع فى المنزل للمشاركة فى بهجة العيد التى ينتظرها الجميع من السنة للسنة، حيث أنها تعودت على عمل مختلف أشكال وأنوع كحك العيد منذ الصغر.
فيما تقدمت عفاف أحمد، بالتهنئة لأبناء الشعب المصرى بالعيد المبارك، مؤكدة أنه كعادتهن يقومون بخبز كحك العيد والبسكويت والبيتى فور فى المنزل لإضفاء أجواء من البهجة والسعادة بين أفراد الأسرة للمشاركة فى تجهيز وتصنيع الكحك والبسكويت، حيث يتم تجهيز المقادير ويتم خلطها مع بعضها البعض وعمل الأشكال المختلفة بالأدوات المنتشرة فى مختلف الأسواق، وبعد نهاية تجهيزها يتم إنهاء التسوية لها بالفرن.
وتضيف عفاف أحمد، أن طريقة إعداد كحك العيد المختلف لا يتطلب الكثير فأهم المكونات تكون فى السكر والزيت والسمن والدقيق والمكونات المختلفة لضبط الطعم، ثم تقوم بعجن كافة المكونات بمقادير مختلفة حسب الكمية، وتقوم بتقطيعها باليدين أو بماكينة مجهزة لإعداد الكحك، وتقوم بوضعه فى الفرن لعدة دقائق ويخرج بالشكل النهائى وينتظر حتى يبرد، ثم تقوم بجمعه فى كراتين أو علب تعدها بمنزلها لتقديمه لأطفالها وأسرتها صباح أول أيام عيد الفطر المبارك.
محمود أبو عمار، حلوانى وصاحب مخبز بمدينة الأقصر، يقول إن كحك العيد هو الأهم والأبرز مع دخول آخر أيام بشهر رمضان المبارك، حيث يقوم غالبية الأهالى بالمدينة بشراء كحك العيد جاهز وتوقفوا عن عمله فى المنازل كما كان فى السنوات الماضية، وذلك نظراً لارتفاع التكاليف وطول فترة العمل للكحك حتى الوصول للشكل النهائى، فيتوجه جميع الأهالى من الرجال والسيدات لشراء كحك العيد من محلات المخبوزات والحلويات، موضحا أن كحك العيد كان قديماً شكل واحد ومعروف للجميع ولكن مع تطور الزمن ودخول أنواع جديدة من الحلويات وغيرها، تنوعت أشكال كحك العيد فيوجد الكحك البلدى والغريبة والنواعم والبيتى فور والبسكويت المتنوع، وكذلك السابلية والقراقيش وغيرها من الأشكال الجديدة لكحك العيد، وعن التصنيع فيتم قبل العيد بعشرة أيام إحضار المكونات المختلفة من الدقيق والزبدة والسمن والفرناسية والزبيب وجوز الهند والسكر المطحون ويتم إعدادها عبر ماكينة مجهزة لذلك الغرض وتخرج كميات هائلة فى أوقات قليلة ليتم عرضها فى المحلات المختلفة لهم بالأقصر، موضحا أن أسعار البيع ترتفع كثيراً فى بعض المحلات لزيادة أسعار الخامات لتصنيع الكحك، ولكنهم يقدمون عروض متنوعة وبأسعار بسيطة للغاية لا تزيد عن الأعوام الماضية كثيراً لإنهاء الكميات التى يقومون بتصنيعها وتصل لسعر التصنيع قبل العيد بيوم واثنين.
وأضاف محمود أبو عمار، أن أبناء الصعيد خصوصا يقدسون تلك العادات السنوية فى عيد الفطر المبارك، وصناعة الحلوى بالمحافظة عامرة بالنجوم والمحلات الكبرى والصغيرة التى تقدم أجود أنواع الحلوى والكحك والمخبوزات الخاصة بالعيد، مؤكدا أن التجهيز للكحك وحلوى العيد يتم قبلها بأسبوعين عبر احضاره كافة الخامات من دقيق وحلويات حسب الصنف والنوع والجودة، ويقوم أصحاب المحلات بتجهيز أشكال مبتكرة من العرض للمنتجات لجذب الجمهور لها والشراء قبل بدء احتفالات العيد التى لا تتم فى الصعيد إلا بكوب الشاب بالحليب وبجواره طبق الكحك والبسكويت صباحاً.
فيما يقول الطيب غريب مدير بمعابد الكرنك، أن طريقة صناعة الكحك والبسكويت عند الفراعنة منقوشة على جدران مقابر طيبة، وكانت تشمل بعض الأنواع تقلى فى السمن أو الزيت، وأحيانا كانوا يقومون بحشو الكعك بالتمر المجفف (العجوة)، أو التين ويزخرفونه بالفواكه المجففة كالنبق والزبيب، ووجدت أقراص الكعك محتفظة بهيئتها ومعها قطع من الجبن الأبيض وزجاجة عسل النحل.
ويضيف الطيب غريب لـ"اليوم السابع"، أنه يعود تاريخ كحك العيد فى التاريخ الإسلامى إلى عهد الطولونيين من سنة 868م لسنة 904م، الذين كانوا يصنعونه فى قوالب خاصة مكتوب عليها "كل وأشكر"، واحتل مكانة هامة فى عصرهم، وأصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر، وفى عهد الدولة الفاطمية، كان الخليفة الفاطمى يخصص مبلغ 20 ألف دينار لعمل كعك عيد الفطر، فكانت المصانع تتفرغ لصنعه بداية من منتصف شهر رجب، وملأ مخازن السلطان به، وكان الخليفة يتولى توزيعه بنفسه، ويذكر أن مائدة الخليفة العزيز الفاطمى يبلغ طولها 1350 مترًا وتحمل60 صنفًا من الكعك والغريبة، وكان حجم الكعكة الواحدة فى حجم رغيف الخبز، وأطلق على عيد الفطر "عيد الحُلل" لأنه كان يُخصص 16 ألف دينار لإعداد ملابس لأفراد الشعب بالمجان، وخصصوا من اجل صناعته إدارة حكومية تسمى دار الفطرة، كانت تقوم بتجهيزه وتوزيعه، وكان الشعب يقف أمام أبواب القصر الكبير عندما يحل العيد ليحصل كل فرد على نصيبه واستمر هذا التقليد حتى أصبح حقا من حقوق الفقراء.