العديد من الإشكاليات التي تقع بين مالك العقار والمستأجر أو المشترى خاصة فيما يخص مسألة "استغلال بدروم العقار" واستخدام هذا البدروم، ما يؤدى معه إلى تحريك الدعاوى القضائية بين مالك العقار والمشترى بعد رفض المالك استخدام البدروم فى تخزين أياَ من احتياجاته أو تمرير ماسورة مياه عبره أو وضع ماتور كهرباء بداخله.
وفى الحقيقة المشترى حينما يقوم بشراء الشقة فإن عقد البيع يتضمن أن البيع يشمل حصة كاملة فى الأرض والمرافق الخاصة بالعقار وكلمة المرافق المدونة فى العقد هذه تشمل "البدروم+السطح+المنور+الجراج+الحديقة" وغيرها من المرافق إن وجدت، وبذلك يكون جميع الملاك في العقار من حقهم الانتفاع بكل المرافق الخاصة بالعقار، ولا يجوز لأى مالك من الملاك أن ينتفع بمرافق العقار بمفرده دون غيره أو يمنع دخول أو خروج آى شخص لأنها ملكية مشتركة.
هل يجوز للمؤجر طرد المستأجر لاستغلاله "بدروم العقار"؟
والسؤال المتكرر الذي يطرح نفسه هنا..هل يحق لمالك العقار من الناحية القانونية حرمان أحد الملاك في نفس العقار من استغلال بدروم العقار، وهل يجوز للمالك طرد المستأجر حال استغلاله مرافق العقار مثل البدروم دون الرجوع إليه أو دون استئذانه؟ وهل هناك شروط يجب توافرها بين الطرفين لعدم توتر العلاقة بينهما؟
وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانونى والمحامى بالنقض عماد الوزير – أن المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 نص على أنه: "فى غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، إلا لأحد الأسباب الأتية: إذا استعمل المستأجر المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة أو تضر بمصلحة المؤجر، وأحكام هذا القانون هى الأصل العام فى تحديد حقوق كل من طرق عقد الايجار وواجباته، فيما لم يرد به نص فى القانون رقم 52 لسنة 1959 توجب على المستأجر استعمال العين المؤجرة على النحو المتفق عليه – المادة 579 من القانون المدنى – وأن يبذل من العناية فى استعمالها ما يبذله الشخص المعتاد المادة 583 فإن فى ذلك ما يفيد أن من شروط عقد الإيجار ما يوجب على المستأجر أن يلتزم فى استعماله للعين المؤجرة الحدود التعاقدية – بغير خروج عليها – وإلا كان مخلاَ بالتزامه التعاقدى إخلالاَ يترتب عليه تطبيق الجزاء المقرر قانوناَ – وفقا لـ"الوزير".
العقد شريعة المتعاقدين
ولما كانت طريقة استعمال العين المؤجرة مردها لإرادة المتعاقدين مادامت لا تخالف قاعدة آمرة فى التشريعات الاستثنائية، فإن اتفاقهما يكون فى هذا النطاق مشروعاَ ومن ثم واجب الإعمال تفادياَ مما يترتب على مخالفة ذلك من ضرر سواء بالعين ذاتها أو بمصلحة مادية أو معنوية للمؤجر أو لمن يكون المؤجر ضامناَ لهم عدم التعرض أو الإضرار بمصالحهم، وكان لا جناح على الطرفين، فى أن يتفقا على تحديد النطاق الذى يعتبر من الفعل مؤدياَ إلى إحداث الضرر سواء أكان واقعاَ داخل العين المؤجرة أو مستطيلاَ إلى ما يتصل بها ما دامت هى السبيل المباشر لوقوع الفعل المؤدى إلى إحداث الضرر.
محكمة النقض تتصدى للأزمة
وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الإشكالية فى الطعن المقيد برقم 633 لسنة 46 القضائية - حيث قالت في حيثيات الحكم أن العقد هو شريعة المتعاقدين – طبقا للمادة 147 من القانون المدني – وأن من الواجب تنفيذها طبقاَ لما أشتمل عليها المادة 148، فإنه يكون هو مصدر المسئولية العقدية التي يملك طرفاه تعديل قواعدها – تحقيقاَ أو تشديداَ – فى نطاق المشروعية، ويكون اتفاقهما بشأنها فى عقد الإيجار الذي ينظم حدود استعمال المستأجر للعين المؤجرة بما لا يضر بالمؤجر، من شروط الإيجار التى يترتب على مخالفتها تحقق الأثر المبين فى الفقرة "ج" من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وهو إخلاء المكان المؤجر فى حالة توافر شروطها.
لما كان ما تقدم – وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن عقد إيجار العين مثار النزاع قد حظر على الطاعن استعمال البدروم والسطح والحديقة أو إحداث أى تعديل بها دون إذن كتابي من المالك، وكان قوام دعوى المطعون عليه أن الطاعن قد خالف هذا الحظر العقدى بطريقة استعمال العين المؤجرة بما يعتبر – مخالفة لحكم الفقرة "ج" آنفة البيان، فإن الدعوى الماثلة تكون ناشئة عن تطبيق أحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 مما يسلكها فى عداد ما تختص به المحكمة الابتدائية، ويكون الدفع بعدم اختصاصها على غير أساس.
ما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان المؤجر إذا أخل المستأجر في استعماله المكان بالتزاماته المتعلقة بهذا الاستعمال والمنصوص عليها فى المواد 579، 580، 583 من القانون المدني والتي تلحق بالمؤجر ضرراَ، ولما كان عقد الإيجار المبرم بين الطرفين والذى نظم حقوقهما والتزاماتهما المتبادلة قد حظر على الطاعن استعمال بدروم المنزل وحديقته، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى مدوناته، رداَ على ما ذهب إليه الطاعن من دفاع قوله: "إن شرط عدم استعمال المستأجر للحديقة والبدروم من ضمن الشروط التى تضمنها عقد الإيجار وهى شروط معقولة الغرض منها إمكان استعمال المالك لها حتى أنه قد ورد بعقد الإيجار أن للمالك أو من ينوب عنه الحق فى استعمال البدروم وبئر السلم فى أى وقت والسكن فيه دون اعتراض من المستأجر وقد تسبب المستأجر بفعله الذى ارتكبه فى عدم إتاحة الفرصة لمالك فى استعمال تلك الأمكنة وكدس فى الحديقة الأخشاب والمركبات وبنى فى البدروم حظائر للدواجن وغرف خشبية، وغيرها من الأفعال.