(ويَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِى الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا)، هكذا تحدث الله تعالى فى كتابه العزيزعن ملك صالح، أعطى له الملك فكانت له الأرض هو ذو القرنين.
وعلى الرغم من ذكر ذو القرنين فى القرآن الكريم، كما فى الموضع السابق، إلا أن سيرته وهويته تبقيان مجهولتين، ولم يصل التاريخ ومؤرخوه وعلماء الدين إلى إجابة واضحة عن هوية ذلك الملك العظيم، فقد اختلفوا في تحديد هويته وتم نسبه لعدد من الشخصيات أشهرها أحد ملوك حمير، كورش الكبير ومنهم من نسبه إلى الإسكندر الأكبر، ومنهم من قال إن ذو القرنين ليس اسما أو وصفا إنما هو وصف ضربتين في رأسه واحدة على يمينه والأخرى عن يساره وليس لأن له قرنين أو ما شابه.
مختلف عليه عند مؤرخى المسلمين
قال ابن كثير فى البداية والنهاية "ذكر الله تعالى ذا القرنين هذا وأثنى عليه بالعدل، وأنه بلغ المشارق والمغارب، وملك الأقاليم وقهر أهلها، وسار فيهم بالمعدلة التامة والسلطان المؤيد المظفر المنصور القاهر المقسط، والصحيح أنه كان ملكا من الملوك العادلين"، بينما قال الحافظ ابن حجر:"وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذِى الْقَرْنَيْنِ فَقِيلَ كَانَ نَبِيًّا، وَقِيلَ: كَانَ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَة، وقيل لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا وَلَا مَلَكًا، وَقِيلَ : كَانَ مِنْ الْمُلُوك، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَر".
ونقل عن ابن هشام أنه الإسكندر، أما الآلوسى في تفسيره، فقد جمع الأقوال السابقة كلها تقريبا، و قال: لا يكاد يسلم فيها رأى، ثم اختار أنه الإسكندر المقدونى ودافع عن رأيه بأن تلمذته لأرسطو، لا تمنع من أنه كان عبدا صالحا.
الاسكندر الاكبر
سبب تسميته بذو القرنين
بحسب الباحث سالف الذكر اختلف المفسرون في سبب التسمية بذي القرنين فجاءت أقوالهم أنه سمى ذا القرنين لآن صفحتى رأسه كانتا من نحاس، وقيل لآنه ملك الروم والفرس، أو لأنه كان له فى رأسه قرنان.
عربى أم رومى
نسب عدد من المؤرخين المُسلمين ذا القرنين لعدة قبائل عربية، وقال أبو جعفر بن حبيب في كتاب "المحبر" هو المنذر بن أبى القيس أحد ملوك الحيرة وأمه ماء السماء ماوية بنت عوف بن جشم.
ويقول المؤرخ الإيرانى اليعقوبى الإصبهان، من حكام روم أولهم فيلفوس ومن بعده ابنه إسكندر وهو ذو القرنين وكانت والدته المفيدا ومعلمه أرسطاطيس، أما القرطبى فى تفسيره فقد أورد أقوالا كثيرة أيضا: كان من أهل مصر و اسمه "مرزبان".
الملك كورش
وبحسب دراسة للباحث سامي القسيمى، في كتب العهد العتيق هو کوروش ملك الفرس، وهو مؤمن بالله وباليوم الآخر، يدل على ذلك ما في جاء كتب العهد القديم من تجليله وتقديسه حتى سماه في كتاب الأشعياء "راعى الرب".
وأثنى عليه كتاب العهد القديم، واليهود يحترمونه أعظم الاحترام لما نجاهم من إسارة بابل وأرجعهم إلى بلادهم وبذل لهم الأموال لتجديد بناء الهيكل ورد إليهم نفائس الهيكل المنهوبة المخزونة فى خزائن ملوك بابل.
يرى أبو الكلام آزاد أن ذا القرنين هو نفسه كورش الكبير الملك الأخميني، ورفض ما سبق من أقوال بأنه الإسكندر المقدونى على أساس أنه لم يعرف عنه فتوحات فى الغرب ولا أنه بنى سدودا، كما استند إلى منطلقات عقدية من كون الإسكندر وثنيا وليس كما يبين القرآن أنه مؤمن.
النبى سليمان
تعبيرية عن النبى سليمان
ذهب عدد من المفسرين إلى أن ذا القرنين هو نفسه الملك سليمان المذكور فى القرآن والكتاب المقدس، مستشهدين بأن الله تعالى ذكر أن ذا القرنين له ملك واسع وصاحب آلات مكنته من تحصيل مقاصده العظيمة والجسمية، وبلغ حكمه مشارق الأرض ومغاربها، وهو ما ينطبق على النبى سليمان "عليه السلام".
الفرعون إخناتون
يرى حمدي بن حمزة أبو زيد عضو مجلس الشورى السعودى فى كتابه فك أسرار ذى القرنين ويأجوج ومأجوج أن ذا القرنين ما هو إلا إخناتون الملك الفرعونى الموحد لله.
ملك من حمير
هناك العديد من الشواهد التي ترجح أن ذا القرنين كان أحد ملوك حمير التبابعة مثل اسم ذو القرنين نفسه الذى ورد فى القرآن الكريم فلم يكن أحد فى العالم يستخدم إضافة كلمة "ذو" و"ذى" في تسمية الأشخاص والمناطق غير العرب وبالتحديد أهل اليمن مثل اسم القيـل ذو نواس الحميرى وهى أسماء وألقاب أختص بها ملوك اليمن، كما أن كثير من مناطق وممالك اليمن القديمة حملت أسماء مسبوقة بكلمة "ذو" وعلى رأسها مملكة سبأ وذو ريدان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة