أبطال لم يتأخروا لحظة واحدة للتضحية في سبيل حفظ هذا الوطن، فما كان أغلى من الروح حتى يقدموها قربانا لأمن الوطن، فروت دماؤهم الذكية أرضه، وحفظت روحهم الطاهرة شعبه، فخلدوا بهذه المواقف البطولية أسماؤهم في تاريخ العظماء والأبطال، وسجلوها بأقلام من ذهب على صفحت من نور، ليعلم القاصي والداني أن لهذا الوطن درع وسيف عصيان على الكسر، كما روى "سيد البرية" عنهم بأنهم خير أجناد الأرض.
الشهيد أثناء الخدمة بالقوات المسلحة
سجل البطولات لازال مفتوحا ليضم نماذجا تستحق تدريس بطولاتها وشجاعتها للأجيال القادمة للتعرف على تاريخ مصر الذي رفض الخضوع والاستسلام لأهل الشر بفضل بسالة رجال لا يهابون الموت بل يقبلون على الموت بنفوس مطمئنة وقلوب راضية، بأن هذه التضحية لن ينكرها أحد وستدون في سجلات الأبطال وسيذكرها التاريخ على مدي سنوات وعقود ويبين مدي شجاعة الجندى المصري.
الصورة التذكرية لدفعته أثناء التخرج
الشهيد محمد كريم أحمد ضيف، ابن أسنيت التابعة لمركز ومدينة كفر شكر بالقليوبية، كان من بين من دون أسمه بحروف من ذهب في سجل الأبطال، والذي ظل حافظا لسلاحه قط حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، شامخا شموخ الأبطال محافظا على عهده وقسمه، ليزف في مشهد كان هو الأول من نوعه في منطقة كفر شكر بالقليوبية، وتحضر الآلاف تشييع جثمان البطل إلى مثواة الأخير.
الشهيد محمد كريم بزي الكلية الحربية
حرص "اليوم السابع" على الانتقال إلى منزل والد الشهيد محمد كريم أحمد ضيف، بمنطقة أسنيت بكفر شكر في القليوبية، والذي أكد خلال حديثه أن الشهيد محمد كريم أحمد ضيف ولد في 10 سبتمبر 1992، وأطلق عليه اسما مركبا "محمد كريم" نسبة إلى قائد الإسكندرية الأسبق "محمد كريم" والذي قاد الحرب بالإسكندرية ضد الفرنسيين، مشيرا إلى أنه منذ نعومة أظافره كان عاشقا للجيش، موضحا "أن جدته في عام 1996 ذهبت إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج، وكان وقتها الشهيد محمد كريم ابن 4 سنوات، وسألته جدته ماذا تجلب له من السعودية طلب منها بدلة ضابط، وبالفعل شترتها له جدته مكانت غاية في الروعة عليه".
بوستر للشهيد
وأضاف أحمد ضيف، معلم الرياضيات، بمدرسة الشهيد محمد كريم أحمد ضيف، بأسنيت، لـ "اليوم السابع"، أنه مرت مرحلة طفولة الشهيد والتحق بالتعليم، إلى أن وصل للصف الثاني الثانوي، فحصل على مجموع بنهاية العام لم يرضيه ولا الأسرة، إلا أنه قال لوالده عبارة لاتزال محفورة في ذهنه "أسف يا والدي بس أوعدك هخلى رقبتك في القمة"، إلى أن حصل على مجموع كبير في الصف الثالث الثانوي، والتحق بكلية الهندسة، وكان حينها تقدم بأوراقه للكلية الحربية وتم قبول أوراقه.
قبر الشهيد محمد كريم أحمد ضيف 2
وتابع "ضيف" لـ "اليوم السابع"، أنه التحق بالفعل بالكلية الحربية، وعند التخصص وسماع سلاحه "رقص عندما سمع أنه التحق بسلاح المشاه الميكانيكا"، موضحا أن الشهيد لديه 3 أشقاء، قائلا "أول ما سمع السلاح رقص من الفرحة، وقالي يابابا حد طايل يبقى شهيد، فرديت عليه بقوله بتفكر في الشهادة من أول يوم تخرج، قالى يابابا أنا ليا شهادتين الأولى شهادة الكلية الحربية ودي حصلت عليها، والثانية الشهادة في سبيل الوطن".
أسرة الشهيد خلال زيارته له بالكلية الحربية
وأوضح والد الشهيد، أن نجله كان طيفا على الأرض كان محبا للجميع، وكان يرفض أن يحكي الخطر الذي يواجهونه في شمال سيناء، مشيرا إلى أنه من عشقه للجنود الذين كانوا يؤدون الخدمة العسكرية معه واحترامه لهم كان يقف بالخدمة الليلية مكانهم في حالة شعوره بتعب أحدهم، قائلا " في أخر زيارة مر على أعمامه وعماته كزيارة أخيرة له، ولبس وقعد يصور نفسه في البيت، وسلم علينا واحد واحد، وبعد مانزل سلم البيت طلع بسرعة تاني وسلم عليا، بقوله فيه أيه يا محمد قالي أنت بتوحشني أوى يابابا".
صور مجمعة للشهيد محمد كريم
واستكمل، أن مدة خدمة نجله بالقوات المسلحة عقب تخرجه من الكلية الحربية عام وأسبوع فقط، وكان استشهاده بعدما انتهى من المأمورية المكلف بها وكان عائدا من الكتيبة ليقضي الإجازة، وكان عيد ميلاده الـ21، وكان لرقم "17" صفة خاصة للشهيد محمد كريم، حيث أنه التحق بالكلية الحربية في 17 أكتوبر 2009، وتخرج منها 17 يوليو 2012، واستشهد في 17 سبتمبر 2013، مشيرا إلى أن القوات المسلحة دعته في الندوة التثقيفية الأولى والتي تمت في أكتوبر 2013، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي حينها.
تكريم الرئيس عبد الفتاح السيسي لوالده
واستطرد، أنه بالفعل حضر الندوة حاملا صورة الشهيد، كما دار حوار بينه وبين الرئيس عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع حينها، قائلا "أنا قلت للرئيس حينها بأن زملاء الشهيد محمد كانوا يطلقون عليه السيسي الصغير، فرد الرئيس: لا دا هو أحسن من السيسي، هو نال مكانة الشهداء وإحنا كلنا بنتمناها، وهو الآن بمكانة يتسابق الجميع إليها"، موضحا أن كلمة الرئيس له أراحت قلبه بأن حقه لن يضيع.
تكريم الفريق أول صدقى صبحي وزير الدفاع السابق لوالد الشهيد
وأشار، إلى أن الشهيد محمد كريم رفض ترك سلاحه حتى بعد إصابته التي أدت لاستشهاده، إلى أن حضر أحد زملائه ولم يترك السلاحة حتى عرفه بنفسه وأعطاه سلاحه، وفقا لرواية أحد زملاءه بالواقعة، موضحا أن الشهيد كان وجهه مرسوما عليه ابتسامة كبيرة بعد استشهاده، وكانت تفوح منه روائح طيبة جدا، مؤكدا أن استشهاد الملازم أول محمد كريم كان أول حادث استشهاد بمركز ومدينة كفر شكر بعد حرب أكتوبر 73.
وألمح، إلى أن مدينة كفر شكر والقري التابعة لها كانت في انتظار جثمان نجله لتزفه إلى الجنة فكان المشيعون بالآلاف على الرغم من أنه حينها كان هناك حظر تجوال تم إعلانه، وعلى الرغم أيضا من أنه تمت الجنازة في الثانية بعد منتصف الليل، مشيرا إلى أن أسرته ظلت تتلقى العزاء على مدار شهر بالكامل من تشييع الجثمان من معزيين من جميع أنحاء مصر.
قبر الشهيد محمد كريم أحمد ضيف
وناشد "ضيف"، بضرورة تكرار الملحمة التي جسدها مسلسل "الاختيار"، لأن مثل هذه المسلسلات يوثق السيرة والتضحية التي قدمها الأبطال للحفاظ على هذا الوطن، مشيرا إلى أن "مصر ليس بها منسي وحدا فقط بل لديها ألف الألف من منسي، وكل بطل من هؤلاء يمثل أسطورة، وإحنا عاوزين كل شهر مسلسل، لو كل شهر حلقة عن بطل من أبطال القوات المسلحة، ويوم عرض حلقة استشهاد نجلي عشنا يوم استشهاده بالفعل في 2013".
كأس الشهيد كريم ضيف
كأس الشهيد
لافتة القبر
لافتة من طالبات مدرسته بالقرية
والد الشهيد مع الرئيس عبد الفتاح السيسي
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة