المطالع لصفحات الحوادث مؤخراً يجدها تموج بالأخبار المتعلقة بالفتيات اللاتي قررن البحث عن "الشو" و"الشهرة" و"المال"، وضخ فيديوهات على السوشيال ميديا، تتنافى مع الآداب العامة، وتتعارض مع قيم مجتمعنا.
هؤلاء الشباب ـ ذكوراً وإناثاً ـ ضلوا الطريق، ولم يجدوا من يوجههم، بعدما تخلت عنهم أسرهم منذ نعومة أظافرهم، وباتت بمثابة "الأسر الافتراضية"، التي تدير شئون الأبناء من منصات مواقع التواصل الاجتماعي، وتطمأن عليهم بـ"الشات" أو من خلال "لايك"، فضل الأبناء الطريق وضللوا غيرهم، ولم يستطيعوا كبح جماح أنفسهم، فغرقوا في بحر الجرائم، وما أن تساقطوا في أيدي الأمن ـ بسيف القانون ـ ندموا في وقت فات فيه موعد الندم.
المجرمون الحقيقيون، هم أولياء الأمور، الذين تركوا فلذات الأكباد، فريسة لعالم افتراضي، لا يعترف بحدود جغرافية لبلدان، يموج بأهل الشر، الذين يسيئون استخدام كل شيء، ويتلاعبون بعقول صغار السن، ويعزفون على أوتار الشهوات "جنسياً ومالياً"، فيجدون فريستهم يستقطبونهم، ويحولهم لآلة تنخر في مجتمعاتهم.
الأمر جد خطير، ويدق ناقوس مخاطر محدقة بشباب هذه الأمة، لإنذار المجتمع كله، تلك المخاطر التي تسللت إليهم عبر منافذ إلكترونية وحدود سيبرانية لا تحظى بأيِّ نوع من الرقابة تحت شعارات مزيفة نادت -كذبًا وزورًا- بحرية التعبير والإبداع، فخلقت فتنة صورت الباطل حقًّا في أعينهم، وطمَّعتهم في شهرة زائفة ونجاح لا فلاح فيه، ودفعتهم -أطفالًا وشبابًا- إلى الانخراط في حياة غارقة في الإباحية الجنسية، وتعاطي المخدرات والإدمان عليها، والسعي غير المشروع لكسب المال، بل وسرقته واختلاسه، وفقاً لما سطرته النيابة العامة.
نهاية..أعيد على مسامعكم، عبارات قوية ورصينة ونصائح مخلصة، وجهتها النيابة العامة بإشراف مستشارها الجليل "حمادة الصاوي النائب العام" للمجتمع بأكمله، حيث ناشدت بأشد عبارات التحذير والإنذار- بكل ولي أمر ومسؤول إلى عدم السكوت وغضِّ الطرف عن أمور تسللت إلى شبابنا رغبةً في إشاعة الفاحشة فيهم تحت دعاوى تحرر يائس لا يحمل أيَّ معنى للحرية، بل هو عين العبودية وبيع الأعراض والتفريط في الدنيا والدين.
ان مفهوم تلك الرقابة الاجتماعية والتربية السوية غير قاصر على أولياء الأمور من الآباء أو من يقوم مقامهم في غيابهم، بل هي مسؤولية مشتركة بين الأهل والمجتمع والمؤسسات دون المساس بالحريات، وأن الأديان السماوية وسائر القوانين، بل الثقافة والحضارة المصرية في مختلف عصورها، ما كانت لتفرض رقابة اجتماعية على الناس ومستحدثات الأمور التي تطرأ عليهم تقييدًا لحرياتهم أو تضييقًا عليهم، بل وضعتها ضابطًا لها وسبيلًا لتعليم النشء وتذكير البالغين بكيفية ممارستها دون استغلالها لاستعبادهم بها تحت سلطان الشهوات. حافظوا على شباب هم أمل اليوم والغد، فلا تسلموهم لمستحدثات أمور تبطش بهم، ولا تقيدوهم بأغلال يفروا منها إلى هلاكهم، وتذكروا أن الحق دومًا بين باطلَيْن.