ما حكم استعمال الذهب في تحلية المصاحف وتمويهها وكتابتها؟، سؤال ورد لدار الإفتاء المصرية وأجاب عنه الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، وجاء رد المفتى كالآتى:
لا يزال المسلمون عبر العصور حريصين على التحري والدقة في التعامل مع القرآن الكريم وآياته قدر وسعهم في كافة أوجه التعامل معه قراءةً وكتابةً وعملًا؛ فمن الأمور التي أجمع عليها المسلمون وجوبُ تعظيمِ القرآن الكريم واحترامِه وصونِه عمّا لا يليق بواجب تقديسه.
ولا مانع شرعًا من استعمال الذهب في تزيين المصاحف وتحليتها به، وكذا يجوز كتابة حروف القرآن بماء الذهب، ولا بأس بتمويه المصاحف بالذهب على رأي من قال بجوازه من الفقهاء، مع مراعاة عدم الإسراف في ذلك، لا سيما في المجتمعات الفقيرة؛ فإنفاق هذه الأموال على الفقراء أَوْلَى.
والمصحف هو: اسمٌ للمكتوب فيه كلام الله تعالى بين الدفتين، ويصدق المصحف على ما كان حاويًا للقرآن كله، أو كان مما يسمى مصحفًا عرفًا، ولو قليلًا؛ كحزب.
ويقصد من تحلية المصاحف بالذهب: إلصاق قطعٍ رقيقةٍ من الذهب يتم التزيين بها بتسميرٍ ونحوه، وهو خلاف التمويه الذي هو إذابة الذهب واستعماله في الطلاء به؛ واستعمال الذهب في تزيين المصاحف وتحليتها أجازه فقهاء الحنفية؛ حيث يعُدُّونه من التعظيم والتكريم لكتاب الله تعالى.
وقصر المالكيةُ جوازَ تحلية المصاحف بالذهب والفضة بأن تكون على الغلاف الخارجي، وقالوا إن كتابة أجزائه أو أحزابه بأحد النقدين مكروهة؛ لأنها تشغل القارئ عن التدبر، أما كتب العلم والحديث فلا يجوز تحليتها بالذهب والفضة.
وفصَّل فقهاءُ الشافعية القولَ في تحلية المصاحف بالذهب، والأصح عند الأكثرين منهم هو جواز تحلية المصحف بالذهب للنساء؛ قياسًا على جواز تحليها بالذهب، وتحريم ذلك في مصاحف الرجال.
هذا عن تحلية المصاحف بالذهب، أما التمويه بالذهب: فمذهب الحنفية على جوازه؛ باعتبار أن التمويه مستهلكٌ؛ فلا عبرة بِلَوْنِهِ،واختلف الشافعية في حكمه: فمنعه بعضهم؛ لِمَا يترتب عليه من إضاعة المال؛ حيث إن الذهب إذا ذوِّب فمُّوه به المصحف لا يمكن إعادته ذهبًا مرةً أخرى؛ وقال البعض الآخر بالجواز، ورَدُّوا على من قال بالمنع، بأن إضاعة المال -بمعنى إنفاقه بنوع من الترف- لغرضٍ صحيحٍ أمرٌ جائزٌ شرعًا، وتكريم المصحف بتمويهه بالذهب غرضٌ صحيح يباح من أجله الترف.
وأما كتابة حروف القرآن بماء الذهب: فمذهب الحنفية على جواز تمويه المصحف بالذهب باعتبار أن التمويه مستهلكٌ فلا عبرة بِلَوْنِهِ، فيجوز أيضًا الكتابةُ بماء الذهب؛ لكون العلة في الحالتين واحدة.
وأجازها بعض المالكية، وبعضُهم قال بالكراهة بحجة أنه يشغل القارئ،أما الشافعية فأجازوها بلا خلافٍ بينهم في المذهب؛ معلّلين ذلك بأنها وإن ترتب عليها إضاعةُ المال إلا أنه يُغتَفَرُ في إكرام حروف القرآن الكريم ما لا يُغتَفَرُ في غيرها؛ فإن استعمال الذهب في تكريم حروف القرآن محتاجٌ إليه، ولا يصلح استعمال الذهب في هذه الحالة إلا بالكتابة به، بخلاف جلدة المصحف -مثلًا-؛ إذ يمكن استعمال الذهب فيها بالتحلية به.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة