هل عرفت الحضارة المصرية القديمة الانتحار؟ .. اعرف الإجابة

الثلاثاء، 16 يونيو 2020 07:00 م
 هل عرفت الحضارة المصرية القديمة الانتحار؟ .. اعرف الإجابة الحضارة المصرية القديمة
كتب أحمد منصور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الانتحار هو الفعل الذى يتضمن تسبب الشخص عمداً فى قتل نفسه، ويرتكب الانتحار غالباً بسبب اليأس، والذى كثيراً ما يعزى إلى اضطراب نفسى مثل "الاكتئاب أو الهوس الاكتئابى أو الفصام أو إدمان الكحول أو تعاطى المخدرات"، وغالبًا ما تلعب عوامل الإجهاد مثل الصعوبات المالية أو المشكلات فى العلاقات الشخصية دوراً فى ذلك، ومؤخرًا اشتعلت حالة من الجدل بعد انتحار الناشطة سارة حجازى فى كندا، بظروف غامضة، ولكن ما نستعرضه خلال السطور المقبلة هو هل الحضارة المصرية القديمة عرفت الانتحار؟.

 قال الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثاربمكتبة الإسكندرية، إنه لا توجد أى شواهد أثرية ودلائل على وجود حالات انتحار فى الحضارة المصرية القديمة، ولكن يوجد نص أدبى خلال عصر الحضارة المصرية اقديمة بعنوان "اليائس من الحياة"، وهو من النصوص الأدبية الجميلة والمهمة التى جاءت لنا من مصر القديمة، يتحدث عن اليأس ولإقناع الذات بالانتحار، مما قد يشير إلى وجود حالات انتحار بالفعل آنذاك، ولكن دون شواهد أو دليلي أثرى على ذلك.

وأوضح الدكتور حسين عبد البصير، أن العمل الأدبى عبارة عن حوار أدبى ذى مغزى فكرى ودينى وسياسى بين اليائس من الحياة وروحه، ولهذا الحوار صفة النزاع الكلامى والجدل الفكرى بين الذات المتمثلة فى الفرد الذى يأس من حياته نظرًا لانتشار الظلم والفساد فى العالم وبين الروح التى تسعى لإقناع الذات للإقدام على الانتحار، كى تتخلص من مساوئ هذا العالم المليء بالأزمات والفوضى.

وتابع "عبد البصير"، كان الواقع الاجتماعى الذى كان يعيش فيه ذلك الرجل ظالمًا حيث ساءت أحوال البلاد والعباد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وانتشر الشر والفساد فى كل مكان ولم تعد لقيم الخير مكان عند الناس فقد قل الأمن والأمان والوفاء لدرجة أنه لم يعد للإنسان من صديق أو أخ أو جار يتحدث إليه، فالإخوة والأصدقاء أصبحوا أعداء لبعضهم، وغدت الثروة والنفوذ بيد الفاسدين الأشرار، لذلك فقد أراد ذلك الرجل أن يتخلص من حياته بحرق نفسه، لكن روحه عارضته وهددته بأنها ستهجره فى العالم الآخر.

وأضاف الدكتور حسين عبد البصير، ولكنه أيضًا ومن خلال حواره مع روحه كان حريصًا على إرضائها وبقائها معه فأخذ يحاورها، وتحاوره وأخذت تخيره ما بين الرضا بالواقع والحياة معًا، أو الرضا بالموت والإقدام عليه، وكفت عن الحديث وامتنعت عن مناقشته، ولكن ما لبثت حتى عاود التفكير فيما دعته إليه واعتزم أن ينتقل وإياها إلى عالم الآخرة، وبدأ يستدرجها فى الحديث أملاً فى أن تشجعه وتساعده فى اتخاذ قرار محدد، وأشهد عليها جمعًا تخيله من الناس، وتصنعت الروح الغضب مرة أخرى، وأجابته وهى تؤنبه: "الست رجلاً يافعًا عشت الحياة من قبل، فماذا حققت؟"، ثم قصت له قصة رجل فقد زوجته وأولاد نتيجة إعصار ألقى بهم فى بحيرة تعج بالتماسيح فى سواد الليل، وهدفت الروح، من رواية هذه القصة وأخرى تلتها، أن تقنع صاحبها بأنه إذا تأمل الآخرين هانت عليه بلواه، لكنه دخل معها فى جدل آخر عن قيمة الحياة التى تدعوه إلى الرضا بها بعد أن فقد فيها الكرامة والثقة والأمل فى الناس ونظم إجابته من خلال أربع قصائد نثرية.

بردية اليأس من الحياة

وتحدث عن الموت الذى فيه خلاصه من مأساته، وأكد على إيمانه بالحياة بعد الموت وإيمانه بالثواب والعقاب وعدل الأرباب فيها، وقال لها: "وها هو الحق.. الحق من وصل للعالم الآخر سيكون معبودًا يحيا به فيرد الشر على من أتاه. وها هو الحق من وصل هناك سيكون عالمًا بالأسرار وكل بواطن الأمور".

ويشير الدكتور حسين عبد البصير، هكذا انتهت البردية البلاغية، فكانت أبلغ من هذا، وكان هذا اليائس يعيش فى صراعه مع روحه، ومن تلك البردية يتضح أن الأسلوب السردى أو السياق والنظام العام الذى استطاع من خلاله القاص المصرى القديم رسم ووضع العناصر الرئيسية للقصة، خاصة الزمان والمكان وحركة الأشخاص، مما ساعد على الحبكة الدرامية مما تحمله من تنوع فى الأحداث والمواقف داخل الإطار القصصى، وحافظ على حيوية وتدفق وتتابع الحكاية.

أما عن الانتحار بالفعل، فهناك نص بردية تورين القضائية الشهيرة التى تتحدث عن مؤامرة الحريم على حياة الملك رمسيس الثالث، وانكشفت المؤامرة، وحقق فيها بأمر من الفرعون، وحكمت المحكمة على المتهمين بأحكام تتراوح بين الإعدام والانتحار والجلد والسجن وقطع الأنف وصلم الأذن والبراءة، كل وفقًا لدوره وجريمته فى تلك المؤامرة المشينة، فتلك هى مصر الفرعونية المبهرة بثرائها الأدبى والفكرى والقانونى الذى علم الحضارات وألهم الإنسانية.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة