فى ظل انتشار جائحة كورونا وتداعياتها على بلدان العالم، يبدو أن بلدان الخليج العربى تودع الرفاهية المعهودة فى وقت هبطت فيه أسعار البترول وانخفضت الإيرادات النفطية والإيرادات غير النفطية لأغلب البلدان الخليجية التى يرتبط اقتصادها بشكل وثيق بالاقتصاد النفطى، مما جعلها اليوم أمام تحدٍ كبير، الأمر الذى أجبرها على اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة وقد تكون مؤلمة لمواطنيها لمواجهة الأزمة ووضع خطط مستقبلية تضمن النهوض مجددا بعد انتهاء الأزمة.
وفى المملكة العربية السعودية، أدت تحديات كورونا إلى انخفاض الإيرادات الحكومية، والضغط على المالية العامة وتسببت فى ثلاث صدمات لاقتصاد المملكة - بحسب وزير المالية السعودى محمد الجدعان-، فى وقت توقّع صندوق النقد الدولى أبريل الماضى أن ينكمش اقتصاد المملكة صاحبة أكبر اقتصاد فى المنطقة بنسبة 2,%، لذا اتخذت المملكة إجراءات تستهدف حماية اقتصادها لتجاوز الأزمة وتداعياتها المالية والاقتصادية بأقل الأضرار الممكنة، هذه القرارات شملت، إلغاء أو تمديد أو تأجيل لبعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية لعدد من الجهات الحكومية.
كما تضمنت القرارات، خفض اعتمادات عدد من مبادرات برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى للعام المالى الحالي، بالإضافة إلى إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءاً من شهر يونيو، وكذلك رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من (5%) إلى (15%) بدءاً من الأول من شهر يوليو القادم.
وخصصت الإمارات مارس الماضى، 16 مليار درهم، لتكمل الحزم الاقتصادية، ليصل الإجمالي 126.5 مليار درهم في الإمارات، ودعم الشركات والأعمال، وإلى جانب ذلك كانت هناك قرارات مؤلمة، فقد فامت شركة طيران الإمارات تسريح عدد من موظفيها بسبب تداعيات الجائحة وتأثيرها على قطاع الطيران حول العالم وتعهدت بمعاملتهم بطريقة عادلة والتأكد من أنهم يتلقون المتابعة اللازمة.
وفى أبريل الماضى اعتمدت الحكومة الكويتية حزمة من الإصلاحات الاقتصادية، بمساعدة أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة عن طريق تأجيل الأقساط الممولة من صندوق المشروعات ومحفظة التمويل الزراعي.كما تضمنت التوصيات تقديم قروض بشروط ميسرة وطويلة الأجل للمشاريع، فضلا عن الالتزام بحماية مداخيل المواطنين، ودعم رواتب المسجلين على الباب الخامس في مؤسسة التأمينات.
وأعلنت مملكة البحرين فى مارس حزمة من القرارات المالية والاقتصادية لمواجهة انعكاسات الانتشار العالمي لفيروس كورونا على المستوى المحلي بقيمة 4.3 مليار دينار بحريني، أي ما يعادل حوالي 10.7 مليار دولار أمريكي، كما قدمت حزمة تحفيز بقيمة 11 مليار دولار أعلنت عنها الحكومة للقطاع الخاص.
وبخلاف القرارات الاقتصادية، فإن رحيل العمالة الأجنبية عن الخليج سواء بالتسريح أو الترحيل أو طلب العودة لأوطانهم، أدى إلى تقليص نسب العمالة التى تقدر بنحو 25 مليون شحص من كافة البلدان العربية ويثير مخاوف لدى هؤلاء من عدم امكانية عودتهم مجددا إلى وظائفهم التى فقدوها، لاسيما فى دولة الكويت التى بها بعض المطالبات البرلمانية "بتكويت" البلاد أى توطين الكويتيين فى الأعمال بدلا من العمالة الأجنبية.
وفى هذا الإطار كتبت صحيفة السياسة الكويتية فى تقريرها 16 مايو المنصرم، تحت عنوان " كورونا تُعجِّل خطة التكويت ارتفاع إصابات الوافدين يدفع بقوة لمُعالجة اختلالات التركيبة السكانية"، أن عاصفة تغييرات بعد عيد الفطر على رأسها الاستغناء عن الوافدين الإداريين ووقف تعيينهم.. وأضافت "تساهم تداعيات انتشار فيروس كورنا في التعجيل بخطة إحلال العمالة الوطنية محل الوافدة في القطاع الحكومي".
وبحسب الصيحفة فان (رؤية الكويت٢٠٣٥) التي اصبحت مفروضة بعد النتائج التي افرزتها ازمة كورونا العالمية التي تلزم الحكومة الاعتماد على العنصر الكويتي في ادارة دفة العمل فى المرافق الحكومية وخفض نسبة العمالة الوافدة، الأمر الذى يهدد العمالة الأجنبية التى رحلت عن الكويت بعدم السفر والعمل بها مجددا بعد انتهاء أزمة كورونا.
فى الوقت نفسه رجح تقرير صادر من أكسفورد إيكونوميكس أن عدد السكان في بعض دول مجلس التعاون الخليجي قد ينخفض بنسبة تصل إلى 10% مع الخروج المحتمل لعمال أجانب فقدوا وظائفهم بسبب تداعيات كورونا، كما يمكن أن تشهد انخفاضا في التوظيف قد يصل إلى 13%.
وأضاف التقرير أن مغادرة العمالة التي فقدت أو ستفقد وظائفها سيكون له بعض العواقب السلبية على القطاعات الرئيسية، مثل النقص المحتمل في العمالة والعبء الكبير على أسواق العقارات وضغوط أسعار محتملة في الفترة المقبلة.
السياسة الكويتية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة