تتوالى تصريحات الساسة الألمان تعليقاً عن أنباء حول خطط مزعومة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قسم مهم من الجنود الأمريكيين المتواجدين على الأراضي الألمانية.
وفى تقرير نشرته صحيفة دويتشه فيله الألمانية، أكد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس على المصلحة المتبادلة في التعاون مع القوات الأمريكية، بعد تقارير إعلامية كشفت الغطاء عن خطط رامية لسحب قسم مهم من الجنود الأمريكيين من ألمانيا.
وشدد ماس في حوار صادر عن صحيفة "بيلد أم زونتاج" الألمانية الأسبوعية في عددها ليوم الأحد ، على ضرورة الإبقاء على التعاون المتنامي منذ عقود مع القوات الأمريكية قائلًا: إنه في مصلحة كلا البلدين.
وتابع الوزير الألماني أنه إذا وصل الأمر إلى سحب جزء من القوات الأمريكية، سنعلم بذلك ، مشيرا إلى إننا يقصد "الألمان والأمريكيون" شركاء وثيقون في التحالف عبر الأطلسي، و ذلك أمر معقد أيضا .
يذكر أن تقريرا صدر أول أمس الجمعة عن مجلة "وال ستريت جورنال"، أورد استناداً إلى مسؤول بالحكومة الأمريكية، أن ترامب أمر وزارة الدفاع (بنتاغون) بخفض وجود الجنود الأمريكيين في ألمانيا بواقع9500 جندي من إجمالي 34500 جندي حاليا، كما أضاف التقرير أن ترامب أمر أيضا بوضع حد أقصى لعدد الجنود الأمريكيين في ألمانيا حُدد بـ 25 ألف جندي.
من جهتها أكدت مجلة "شبيجل" الألمانية استنادا إلى مصادرها الخاصة هذه الأنباء والتي لم تعلق عليها في أي من التقريرن المذكورين السلطات الألمانية. كذلك التزم البيت الأبيض الصمت ولم يؤكد خطط بالانسحاب.
وجدد هايكو ماس انتقاداته لرد فعل ترامب على الاضطرابات التي شهدتها بلاده بعد وفاة جورج فلويد أثناء توقيفه من قبل شرطة مينيابوليس الأمريكية، نتيجة مكوث شرطي أبيض على رقبته لثماني دقائق و46 ثانية ما أدى إلى وفاته واندلاع موجة احتجاجات غير مسبوقة مناهضة للعنصرية.
وقال ماس "أعتبر أن التهديد بمزيد من العنف في وضع محتدم للغاية هو الطريق الخاطئ".
وردًّا على سؤال عن المنافس الديمقراطي لترامب، جو بايدن، قال وزير الخارجية الاتحادي: "هناك كثير من الأشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية شاركوا بذكاء كبير خلال الأيام الماضية، ويندرج من بينهم بالتأكيد جو بايدن، وكذلك أيضا الرئيس الجمهوري الأسبق جورج دابليو بوش".
وتابع وزير خارجية ألمانيا قائلا "يمنحني ذلك أملا بوجود أصوات واعية بالمسؤولية من كلا المعسكرين السياسيين،ويحدوني الأمل في أن ينجح العقلاء في مساعييهم".
على صعيد اخر تسود الأوساط السياسية الألمانية مخاوف من تزايد التوتر في العلاقات الألمانية الأمريكية في الفترات القادمة، وهو ما أعرب عنه بوضوح منسق الحكومة الألمانية لشؤون العلاقات عبر الأطلسي، بيتر باير، متحدثا عن "أضرار بالغة" قد تصيب العلاقات بين البلدين.
وأوضح باير في تصريحات إعلامية أن الأمر "لا يتعلق فقط بسحب 9500 جندي، بل أيضا بأسرهم؛ أي نحو 20 ألف أمريكي، سيؤدي ذلك إلى هدم جسورٍ عبر الأطلسي".
من جانبه، حذر رولف موتزينيش رئيس حزب الاشتراكيين الديمقراطيين في ألمانيا من أن تدفع الخطط الأمريكية المزعومة إلى إعادة تنظيم للسياسة الأمنية في أوروبا بشكل دائم.
ونقلت صحف مجموعة فونكه الإعلامية عن موتزينيش قوله اليوم الأحد إنه و"على أي حال، فإنّ التخطيط الاستراتيجي للولايات المتحدة يتحول باتجاه آسيا"، متابعاً "على ضوء هذه الخلفية، فإن ترسيخ السياسة الأمنية الألمانية ضمن بيئة أوروبية أصبح أكثر إلحاحًا وذي مغزى، على الرغم من أن التحديات أكبر مما كانت عليه قبل بضع سنوات مضت".
وأضاف مويتزينيش أنه بالنظر إلى الأعباء المالية التي تتحملها جميع البلدان بسبب جائحة فيروس كورونا، فإن "فرص الحد من التسلح يمكن أن تظهر في الوقت الحالي".
أما يوهان فادفول نائب رئيس الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي (حزب ميركل) فقد نبه بدوره إلى أن هذه الخطط بمثابة جرس إنذار جديد لأوروبا لتتجه نحو استقلالية أكبر.
وقال فادفول: إن الخطط تظهر مجددا أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهمل مهمة قيادية جوهرية، وهي إشراك الشركاء من حلف شمال الأطلسي في عملية اتخاذ القرار، الكل يستفيد من تضامن الحلف، لكن روسيا والصين تستفيدان من نزاعه، و يتعين الانتباه إلى ذلك على نحو أكبر في واشنطن.