تشهد العاصمة الليبية طرابلس صراعا بين الميليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق والتي تتنازع فيما بينها على النفوذ والسيطرة والاعتمادات المالية التي يقدمها فائز السراج للمسلحين المسيطرين على مفاصل الدولة.
وتركز الصراع بين ميليشيات طرابلس فيما بينها أو صراع بينها وبين ميليشيات مصراتة التى تسعى لتوسيع نفوذ سيطرتها داخل طرابلس بشكل كبير وهو ما يخلق نوع من التنازع بين المسلحين لتحقيق تلك الأهداف.
وشهدت العاصمة طرابلس حوادث اغتيالات وتصفيات جسدية على مدار العام الماضى منها قيادات في ميليشيات ثوار طرابلس وفرسان جنزور التي تضم عدد من القيادات المتشددة، وكان أبرزها اغتيال رئيس جهاز المخابرات العامة التابع لحكومة الوفاق اللواء عبد القادر التهامى في ظروف غامضة.
وتحشد الميليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق في طرابلس ضد وزير الداخلية فتحى باشاغا الذى يسعى لتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها إلا أن رئيس حكومة الوفاق لا يقدم الدعم الكافى لباشاغا للقيام بهذه المهمة الدقيقة، وذلك لرغبة السراج في توظيف تلك الميليشيات لتحقيق مكاسب سياسية في البلاد.
باشاغا الرجل القوى داخل حكومة الوفاق
وفى استعراض واضح للقوة داخل العاصمة طرابلس قامت ميليشيا ثوار طرابلس باستعراض بسيارات عسكرية وعتاد وأسلحة رشاشة بعشرات السيارات في شوارع طرابلس، وهو ما يؤكد رغبة المسلحين في إرسال رسائل غير مباشرة لوزير الداخلية فتحى باشاغا بأنها لن تقبل بالاستراتيجية التي يريد تنفيذها داخل طرابلس بتحجيم دور الميليشيات لحين حلها وحصر أسلحتها في يد الدولة.
وتحاول ميليشيا "ثوار طرابلس" العودة إلى الواجهة في طرابلس عبر الاستعراض العسكرى الذى قامت به، بالإضافة إلى التحركات التي تقوم بها ميليشيا النواصى داخل العاصمة والتي تعادى وزير الداخلية فتحى باشاغا.
ولدى ميليشيات ثوار طرابلس والنواصى عداء كبير وواضح مع وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحى باشاغا، إذ ظهرت تلك ميليشيا ثوار في طرابلس في استعراضها هذا تحت اسم جديد هو (الكتيبة 116) وتبعية جديدة أيضا لوزارة دفاع وأركان الوفاق بعد وقف مستحقات أنصارها من قبل وزير الداخلية، ونقل مرجعيتهم، إثر خلافات عميقة استمرت أشهرا عدة.
وتفجر الخلاف بين ثوار طرابلس وميليشيا النواصى مع وزير الداخلية فتحى باشاغا في شهر مايو الماضى، بعد بأن وجه الأخير اتهامات مباشرة لهما بالفساد وباستغلال النفوذ والابتزاز والتآمر ضد وزارة الداخلية واختراق جهاز المخابرات التابع لحكومة الوفاق واستخدامه ضد مؤسسات الدولة، كما هدد بملاحقتهم قضائيا.
ويرى مراقبون أن وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحى باشاغا يستقوى بسلطة القانون والنيابة العامة في طرابلس خلال معركته ضد الميليشيات التي تتصارع وتتنازع على النفوذ، مؤكدين أن وزير الداخلية في حكومة الوفاق حياته باتت مهددة بسبب وقوفه أمام ميليشيات طرابلس.
باشاغا خلال اجتماع سابق مع السراج
وفى سياق متصل، شهدت منطقة جنزور غرب العاصمة طرابلس اشتباكات هي الأعنف بعد انسحاب الجيش الليبى من محاور العاصمة الليبية، واحتدمت الاشتباكات بين مليشيا فرسان جنزور وجماعة مسلحة تتبع حكومة الوفاق، وشهد حى الجعافرة اشتباكات عنيفة بعد مقتل حامد بو جعفر الملقب بـ"الكبش" وهو شقيق قائد مليشيا جنزور من قبل مسلحين من فى المنطقة.
ولفتت مصادر في تصريحات لـ"اليوم السابع" إلى أن مليشيا جنزور تتهم مليشيا محمد فكار بقتل شقيق أحد قيادات ميليشيا فرسان جنزور بحكم المواجهات المسلحة العنيفة بينهما يوم الثلاثاء الماضى، مشيرة إلى حالة من الغضب والاحتقان في أواسط المليشيات التي تطالب بالثأر.
ونقلت وسائل إعلام ليبية عن عناصر من مليشيا "فرسان جنزور" تأكيدها محاصرتها لـ "مليشيا الفكار" وتمكنوا من قتل الأخوين "محمد ومحمود الفكار" اللذين قتلا "الكبش" شقيق قائد "فرسان جنزور".
بدورها، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا عن قلقها العميق إزاء الاشتباكات الأخيرة التى وقعت بين عناصر إجرامية، بينهم أفراد فى جماعات مسلحة، وذلك فى جنزور، إحدى المناطق السكنية فى طرابلس.
وأكدت البعثة الأممية، فى بيان لها، السبت، أن هذه الاشتباكات قد تسببت فى ترويع السكان وأسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى.
وأدانت البعثة الأممية هذه الأعمال الطائشة التى تعرض المدنيين للخطر المباشر فى حين بدأت طرابلس تتعافى من حصار دام 15 شهرا، مؤكدة أن وقوع هذه الاشتباكات يؤكد ضرورة أن تتحرك حكومة الوفاق الوطني بسرعة نحو إصلاح فعال للقطاع الأمني بالتزامن مع نزع سلاح المجموعات المسلحة وتسريح وإعادة دمج عناصرها.