بافتتاح الرئيس لمشروع أسمرات 3 لكل سكان العشوائيات تكون الدولة فى طريق الوفاء بالوعد للتخلص من واحدة من أكثر الظواهر والمشكلات، التى ظلت تبدو عقودا بلا حل.
كانت مئات المناطق العشوائية تحيط بالقاهرة وتنتشر بالمحافظات بشكل واسع، ويتم تصويرها فى البرامج وتصدر بشأنها وعود وتصريحات من حكومات متتالية منذ الثمانينيات، وعندما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن النية فى إنهاء ظاهرة العشوائيات كانت أكثر التصورات تفاؤلا تعتقد أن الأمر لن يعدو أن يكون مجرد وعود مثل السابق،
لكن ما جرى فى أسمرات 1 وما بعدها، وغيط العنب وباقى المشروعات كشف عن جدية واضحة وحسم، واللافت فى هذا الأمر أن المشروعات والمساكن، التى يتم نقل المواطنين من سكان العشوائيات إليها هى ليست فقط مجرد مساكن، لكنها مجتمعات متكاملة بها خدمات ومدارس وملاعب ووحدات صحية،
ونعرف مع كل من تابع ملف العشوائيات فى الماضى أن ما تم فى ملف العشوائيات يعتبر نقلة حضارية بدأت نتائجها فى الظهور، لأنها لا تتعلق بنقل سكان العشوائيات إلى مساكن منعزلة، لكنها تقدم مجتمعات تتيح تغييرا كبيرا فى حياة البشر، وقد تمت بخطوات متسارعة وتكلفت عشرات المليارات، فى إشارة إلى كيفية إنفاق المال العام لصالح المواطنين خاصة الفئات الأضعف.
ومن ملف العشوائيات إلى ملف الإسكان، وكيف يمكن تلافى نشأة العشوائيات مرة أخرى، لأن المناطق العشوائية نشأت بسبب غياب البديل أمام المواطنين، ونفس الأمر فيما يتعلق بالبناء على الأراضى الزراعية، حيث توجد محافظات بلا ظهير صحراوى، ويتضاعف عدد السكان وتزحف المبانى على الأراضى الزراعية، وخلال السنوات من 2011 إلى 2015 تم تدمير مساحات ضخمة من الأراضى الزراعية، فضلا عن اتساع دوائر مخالفات البناء، حتى فى المدن والمناطق ذات الامتدادات الصحراوية، بسبب تحول الاستثمار العقارى إلى تجارة فى الفاخر والمتميز وتجاهل الإسكان المتوسط والمنخفض التكاليف.
وقد تبنت الدولة والرئيس السيسى سياسة جديدة، حيث أتاحت الإسكان الاجتماعى للشباب، وأعلن الرئيس عن الاتجاه إلى التوسع فى الإسكان المتوسط بشكل يتيح للأغلبية من المصريين التحصل على مسكن إنسانى، وهنا يبدو أن الحل الحقيقى، الذى يمنع تكرار ظاهرة العشوائيات، أن تواجه الدولة المخالفات بحسم، ويؤكد الرئيس دائما على وزارة المالية والبنوك تخفيض فوائد القروض بالشكل الذى يسهل على المواطنين من الطبقة الوسطى،
وخلال السنوات الأخيرة، اتجهت وزارة الإسكان إلى مشروعات من الإسكان المتوسط، لكن ظلت أسعار هذه المساكن مرتفعة بالنسبة للأغلبية من ذوى الدخول المتوسطة، فضلا عن تزايد شركات الاستثمار العقارى، التى تسوق لمشروعات لا تتناسب مع دخول أغلبية المواطنين، ولا مانع من أن تكون هناك توسعات فى الاستثمار العقارى الفاخر، لكن فى المقابل فإن بعض الشركات تحصل على تسهيلات من الدولة حتى تقدم مشروعات إسكان متوسطة تناسب الفئات الوسطى.
وربما لهذا تأتى أهمية ما أكد عليه الرئيس فى افتتاح أسمرات 3 وغيرها من المشروعات القومية، قال الرئيس السيسى:
«كل مواطن فى مصر هيطلب شقة هنديهاله»، وأضاف:
«الدولة ستيسر ما أمكن، وتقوم بتمويل منخفض التكلفة».
وهذه التأكيدات من الرئيس يفترض أن تترجمها الحكومة والجهاز المصرفى إلى سياسات دائنة تتيح للمواطنين الحصول على مساكن بأسعار معقولة وشروط ميسرة، تناسب ظروفهم ودخولهم، وهى البداية الحقيقية للقضاء التام على العشوائيات، وإعادة توزيع السكان بشكل طبيعى، لأن ما جرى خلال عقود العشوائية، هو التوسع فى الكومباوندات والمدن الفاخرة، وترك الأحياء والمدن نهبا للعشوائية والزحام، والنتيجة انهيار الخدمات وانسداد الأفاق.
اليوم، يقوم الرئيس بمواجهة حاسمة للمخالفات، مع التأكيد بإتاحة المسكن للطبقات الوسطى، وهو ما يمثل حلا جذريا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة