واحدة من أكثر الروايات المصرية إثارة للجدل منذ صدورها وحتى الآن، بسبب محتواها الذى يرى البعض أنه تجسيد لقصص الأنبياء، هى رواية "أولاد حارتنا" للأديب العالمى نجيب محفوظ، الحاصل على جائزة نوبل فى الآداب لعام 1988.
انتهج "محفوظ" فى "أولاد حارتنا" أسلوبا رمزيا يختلف عن أسلوبه الواقعى، وقد قال عن ذلك فى حوار صحفى: "الرواية لم تناقش مشكلة اجتماعية واضحة كما اعتدت فى أعمالى قبلها، بل هى أقرب إلى النظرة الكونية الإنسانية العامة".
أولاد حارتنا
أخذ الكثيرون من الشيوخ و من غيرهم على الرواية تجرؤها على تمثيل الخالق بالجبلاوي، و إعادتها تمثيل أسطورة الأديان السماوية من جديد في واقع آخر، ثم نحوها منحى متمرداً بالزعم أن العلم قادر على أن ينزع من الناس فكرة الله، لكن محفوظ يخالف الكثيرين هذه الفكرة، فبعد أعماله المغرقة في الواقعية، (ربما) أراد أن ينظر بتسامح إلى الديانات الأخرى، و إلى قصة الخلق، و أراد التأمل في حال البشر منذ الخليقة، و آمالهم و تطلعاتهم إلى عزبة الجبلاوي، وسعيهم نحو الوصول إليها بشتى الطرق.
وعلى الرغم من أن الرواية تستوحى أحداثها من قصص الأنبياء إلا أن هدفها ليس سرد حياة الأنبياء فى قالب روائى، بل الاستفادة من قصصهم لتصوير توق المجتمع الإنسانى للقيم التى سعى الأنبياء لتحقيقها مثل (العدل، والحق، والحرية، والسعادة) وغيرها من القيم، وقد عبر "محفوظ" عن ذلك بقوله: "قصص الأنبياء هى الإطار الفنى، لكن القصد هو نقد الثورة والنظام الاجتماعى الذى كان قائما".
ويرى البعض أنه سيرة زمنية أيضًا لثورة يوليو 1952، وما أصابها بين نظام ناصر فى نهاية الخمسينيات ورجال مبارك طوال ثلاثين عامًا، وهى أيضًا سيرة زمنية للخط الدينى الصاعد بقوة ناحية التطرف الذى ينمو فى قلب الحكاية ولا نقول على هامشها، حيث التربص بالكلمة فلا فارق بين محمد الغزالى وعمر عبدالرحمن، فالجميع صورة أخرى من سيد قطب ورؤيته المنحدرة بقوة ناحية الهاوية.
تدور أحداث الرواية في الحارة والتي يكون الجبلاوي هو أصلها وصاحب الشروط العشر فيها، ولسبب لا نعلمه يفضل "أدهم" على "إدريس" فيتمرد إدريس ويطرده الجبلاوي من كرامته، ولكنه يستطيع إغواء أدهم بإثارة شوقه للمعرفة بتحريض من زوجته فيطردهما الجبلاوي باكيين نادمين، وينجبا قدري الذي يقتل فيما بعد أخاه همام، فيحتجب الجبلاوي في قصره تاركا الحارة دون تدخل منه.