تنتشر فى أوروبا العديد من الكنائس التى اتخذت من عظام الموتى والجماجم البشرية، مواد للبناء، بهدف عظة الأحياء من الموت، جاءت من عظام وجماجم رهبان وجنود، من ضحايا الأوبئة الفتاكة مثل الطاعون أو الكوليرا، أو الحروب الكبرى التى شهدتها القارة العجوز.
وظهر خلال الآونة الأخيرة عددا من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعى تزعم بأن قصوراً وأماكن أثرية وكنائس فى أوروبا بنيت من عظام المسلمين الذين رفضوا اعتناق المسيحية فى الأندلس، لكن هذه المعلومات ليست صحيحة، ولا يوجد أى دليل على هذه المزاعم، إذ إن الكنائس التى بنيت فى منطقة الأندلس سابقا من عظام بشر، كانت بعد سقوط إمبراطورية المسلمين بأربعة قرون.
ومن أبرز الكنائس الأوروبية التى اشتهرت ببنائها من عظام وجماجم البشر:
كنيسة العظام
كنيسة العظام هى واحدة من أبرز المعالم الأثرية المعروفة فى مدينة إيفورا، البرتغال، بنيت فى الفترة من 1845 إلى 1848، وهى كنيسة صغيرة داخلية تقع بجوار مدخل كنيسة القديس فرنسيس، تحصل الكنيسة على اسمها لأن الجدران الداخلية مغطاة ومزينة بجماجم وعظام بشرية.
بنيت كنيسة العظام من قبل فرنسيسكان الراهب، أراد حث زملائه الإخوة إلى التأمل ونقل رسالة من الحياة كونها عابرة، وهو موضوع روحانى شائع جدا لخص فى شعار تذكار الموت، حسبت عدد الهياكل العظمية من الرهبان حوالى 5,000، قادمة من المقابر التى كانت موجودة داخل عشرات الكنائس.
كنيسة سيدليك
كنيسة أثرية غير طبيعية تقع على بعد 70 كيلومتر شرق عاصمة جمهورية التشيك مقاطعة بارجوى فى مدينة سيدليك، بعث هنرى - راهب دير البندكتية فى سيدليك - إلى الأراضى المقدسة من قبل الملك أوكتار الثانى ملك بوهيميا عام 1278 م، وعند عودته جلب معه كمية من تراب أرض جلجثة بالقدس (وتعنى أرض جمجمة آدم والتى بنى عليها الإمبراطور الرومانى قسطنطين الأعظم كنيسة القيامة 326_335 م).
قام الراهب بنثر التراب على مقابر الرهبان، فانتشرت تلك العادة وأصبحت مقابر سيدليك موقع جذب لكل أوروبا، وخلال جائحة الطاعون الأسود الذى تسبب فى موت ما لا يقل عن ثلث سكان أوروبا بين عامى 1347 ـ 1352 م وبعد الحروب البوهيمية (وهى أول حرب أوروبية يستخدم فيها البارود وقعت بين عامى 1420_1434 م) قتل الآلاف وحرقوا وكان على مقابر سيدليك أن تتوسع.
كنيسة كابيلا دوس أوسوس
كنيسة كابيلا دوس أوسوس
تقع فى مدينة إيفورا فى البرتغال أيضا، بنيت خلال القرن السادس عشر الميلادى، حييث يتكون الجزء الداخلى منها بالكامل من العظام البشرية، بينما قد تبدو كنيسة (كابيلا دوس أوسوس) كنيسة طبيعية من الخارج، فإن الجزء الداخلى مغطى بالكامل بعظام وجماجم بشرية.
بنيت هذه الكنيسة فى القرن السادس عشر من قبل راهب "فرنسيسكانى" كان يرغب فى نقل رسالة Memento Mori -وهى عبارة لاتينية تعنى "تذكر أنك ستموت"- وتحتوى (كابيلا دوس أوسوس) على ما يقارب 5000 هيكل عظمى بشرى مصدره مقابر قريبة، وتضم هذه الكنيسة أيضاً جثتين مجففتين معلقتين على الجدران بسلاسل، وإحدى هاتين الجثتين تعود إلى طفل.
كنيسة سيدة الحبل للكبوشيين
بنيت القرن السابع عشر، بمدينة روما، بأمر البابا أوربانوس السابع، شقيق الأخ الكبوشى المحلى أنطونيو مارسيلو باربيريني، ببناء كنيسة "سيدة الحبل" لتلبية الاحتياجات المتنامية لرهبنة الإخوة الكبوشيين، فى عام 1631، تم نقل رفات الإخوة الكبوشيين الذين كانوا قد دفنوا فى المدافن القريبة، إلى الكنيسة الجديدة لكى يكون جميع الكبوشيين فى نفس المكان.
وبدلًا من وضع العظام داخل مذخر أو فى مقبرة، قرر الإخوة استخدامها لابتكار زينة بالعظام، وكانت النتيجة فى ست قاعات صغيرة سمى بعضها تيمنًا بأنواع العظام مثل "سرداب الجماجم" أو "سرداب الأحواض"، وزُينت بعظام 4000 أخ توفوا بين العامين 1528 و1870.
كما وضع فى القاعات مومياوات إخوة كبوشيين بالثوب الرهبانى تستخدم من قبل الإخوة كأماكن للتأمل والصلاة، حيث تم وضع لوحة فى أحد السراديب كتب عليها "فى الماضي، كنا مثلك، غدًا تصبح مثلنا".
كنيسة الجماجم
تم بناء هذه الكنيسة التى تقع فى مدينة تشيرمنا البولندية من الآلاف من العظام والجماجم البشرية تخليدا لذكرى الآلاف من البشر الذين قتلتهم الأوبئة والحروب وتم إنشاء هذه الكنيسة فى القرن الثامن عشر تخليدا لذكرى الجنود الذين وقعوا ضحايا حرب الثلاثين عاما (1618-1648).
وجاء بناء هذه الكنيسة تخليداً لذكراهم أيضا وجاءت فكرة إنشاء الكنيسة على يد القسيس فاكلاف توماسيك والذى رأى فى وجود العظام البشرية تذكيراً وعظة لزوار الكنيسة للتذكير بالموت وذلك أثناء زيارته لقبور ضحايا الحروب إضافة إلى ضحايا الأمراض الفتاكة كالطاعون والكوليرا وتشير الصحيفة إلى أن توماسيك قام بجمع وتنظيف عظام الضحايا وزرعها فى جدران وأسقف الكنيسة ما بين عامى 1776 وحتى 1804 حيث قام بتنصيب جماجم الشخصيات المهمة ومن بينهم عمدة البلدة أمام المذبح فيما كانت جمجمة وعظام توماسيك آخر بقايا بشرية أدخلت للكنيسة بعد وفاته فى 1804.
قصر العظام فى النمسا
يقع قصر العظام داخل كنيسة فى قرية هالستات وسط النمسا، وتحوى على أكثر من ألف و200 جمجمة بشرية تزين الكنيسة، حيث تم رسم التيجان والورود والرموز فوق تلك الجماجم وعرضها فى أنحاء الكنيسة.
وبدأت تلك العادة الغريبة بجمع الجماجم فى القرن الثانى عشر من مقبرة صغيرة على ضفاف البحيرة الواقعة فى القرية، حيث كان يتم دفن الجثث مدة 10 إلى 15 عاماً، وبعدها تخرج الجماجم لتترك تحت الشمس لتصبح بيضاء كالعاج.
كنيسة سوشتر بألمانيا
تقع كنيسة سوشتر فى شمال شرق مدينة ميونخ الألمانية، وتحوى على نحو 60 جمجمة بشرية مزينة ومزخرفة وموضوعة على أحد الرفوف الخشبية فى الكنيسة التى يعود تاريخ بنائها إلى القرن الخامس عشر.
ولا يعرف تاريخ وضع هذه الجماجم فى الكنيسة، أما الهدف منها فهو تذكير المصلين بأن الحياة ستزول، وسيصبحون مثل تلك الجماجم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة