أصدرت الدائرة الجنائية الاثنين "ب" - بمحكمة النقض – حكما قضائيا هاما رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن تنفيذ الأحكام، قالت فيه: "القبض على المتهم وتفتيشه بمناسبة تنفيذ حكم قابل للمعارضة أو الاستئناف لا تقوم به حالة من حالات التلبس، وذلك لأنه لا يجوز تنفيذ الأحكام الغيابية والأحكام التى يجوز استئنافها".
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم رقم 24561 لسنة 87 برئاسة المستشار ربيع لبنه، وعضوية المستشارين حازم بدوى، وعبد المنعم سعد، ووليد حمزة، ووائل شوقى، وبحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض معتز عبد الستار، وأمانة سر محمد زيادة.
الوقائع.. تلبس المتهم بجناية أخرى حال القبض عليه لتنفيذ حكم غيابى
واقعة الدعوى تتحصل بما مفاده أن ضابط الواقعة انتقل إلى مكان وجود المطعون عليه نفاذاً للحكم الصادر فى إحدى القضايا المقضى فيها غيابياً بالسجن المؤبد، فأبصره محرزاً للسلاح الناري وذخائره المضبوطين وفر هارباً ولم يُقبض عليه ثم خلص إلى براءة المطعون ضده فى قوله: "وحيث إن المحكمة بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة، ووازنت بينها وبين أدلة النفي داخلتها الريبة فى صحة عناصر الإثبات الأمر الذي تتشكك معه المحكمة فى صحة الاتهام المسند إلى المتهم وآية ذلك أنه من المقرر بنص المادة 460 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا تنفذ الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية إلَّا متى صارت نهائية ما لم يكن فى القانون نص على خلاف ذلك .
الأحكام الغيابية ليست أحكام نهائية وغير واجبة النفاذ
ولما كان ذلك، وكان الثابت من الشهادة الصادرة من جدول محكمة الجنايات أن الحكم الصادر ضد المتهم فى القضية هو حكم غيابي بالسجن المؤبد، ولما كانت الأحكام الغيابية ليست أحكام نهائية وغير واجبة النفاذ وعليه يكون توجه ضابط الواقعة نحو المتهم للقبض عليه باطلاً لانعدام المسوغ القانوني، وبطلان القبض لعدم مشروعيته ينبني عليه عدم التعويل في الإدانة على دليل يكون مرتبا عليه أو مستمدا منه، كما لا يجوز التعويل فى الإدانة على شهادة من قام بهذا الإجراء الباطل الأمر الذي يتعين معه وعملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية القضاء ببراءة المتهم من الاتهام المسند إليه ومصادرة السلاح الناري الذخيرة المضبوطة عملاً بالمادة 30 من قانون العقوبات.
نص المادة 460 من قانون الإجراءات الجنائية
وكان هذا الذي أورده الحكم لا يتفق وصحيح القانون ذلك أن قانون الإجراءات الجنائية قد نص فى المادة 460 منه على أنه لا تنفذ الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية إلَّا متى صارت نهائية، وأن النص قد استعمل عبارة نهائية قاصداً ألَّا يكون الحكم قابلاً للمعارضة أو الاستئناف، ومن ثم فهو لا يسرى إلَّا على الأحكام الصادرة فى الجنح والمخالفات، ولا ينطبق على الأحكام الصادرة فى مواد الجنايات، والتي تكون الأحكام الصادرة فيها واجبة التنفيذ فور صدورها – حضورية كانت أم غيابية – والذي يظل قائماً واجب النفاذ حتى يتم القبض على المحكوم عليه أو تقديم نفسه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة لإعادة إجراءات محاكمته من جديد، عملاً بمفهوم المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة.
القبض على المتهم وتفتيشه لتنفيذ حكم قابل للمعارضة لا تقوم به حالة من حالات التلبس
لما كان ذلك، وكان توجه ضابط الواقعة للقبض على المطعون ضده – والذي فر هاربا دون التمكن من ضبطه – كان لتنفيذ الحكم الغيابي الصادر ضده فى الجناية رقم "…." جنايات "…." بالسجن المؤبد، وأن ما أسفر عنه من ضبط السلاح والذخائر كان نتيجة محاولة القبض، فإن ما تم ضبطه تبعا لذلك يكون قد وقع صحيحاً، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى ببراءة المطعون ضده يكون قد جانب صحيح القانون، ويتعين تبعاً لذلك نقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع إعمالاً للفقرة الثانية من المادة ۳۹ من القرار بقانون 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، المستبدلة بالمادة الثانية من القانون رقم 11 لسنة 2017 .
هذا وإن كان لمأمور الضبط القضائي المنفذ لحكم غيابي فى جناية اعطى الحق فى القبض على المتهم، وصحة حالة التلبس المتولدة عن هذا الضبط لعدم شمول نص المادة 460 إجراءات جنائية للأحكام الغيابية فى جنائية إلا أن أن القبض على المتهم وتفتيشه بمناسبة تنفيذ حكم قابل للمعارضة أو الاستئناف لا تقوم به حالة من حالات التلبس، لأنه لا يجوز تنفيذ الأحكام الغيابية و الأحكام التى يجوز استئنافها.