المصانع تنتظر "قبلة الحياة" بتخفيض سعر الغاز.. لجنة تسعير الطاقة تجتمع أكتوبر المقبل.. وصناعة الحديد والأسمنت تستغيث ولا تقوى على المنافسة.. وتخسر أسواقها المحلية والعالمية.. و2.5دولار للمليون وحدة غاز سعر عادل

الخميس، 09 يوليو 2020 11:00 ص
المصانع تنتظر "قبلة الحياة" بتخفيض سعر الغاز.. لجنة تسعير الطاقة تجتمع أكتوبر المقبل.. وصناعة الحديد والأسمنت تستغيث ولا تقوى على المنافسة.. وتخسر أسواقها المحلية والعالمية.. و2.5دولار للمليون وحدة غاز سعر عادل مصنع حديد - أرشيفية
كتب محمود عسكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الطاقة، سواء كانت كهرباء أو غاز طبيعي أو مواد بترولية، هي مدخل أساسي من  مخلات الإنتاج في أي صناعة، وخصوصا الصناعات الثقيلة مثل الحديد والصلب والأسمنت والصناعات البتروكيماوية والأسمدة والبلاستيك والسيراميك وغيرها من الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، ولذلك فإن تكلفة هذه الطاقة للمصانع هي ما تتحكم في قدرة الصناعة على الاستمرار في العمل من جانب وعلى المنافسة عالميا وحتى محليا من جانب آخر.

مصنع حديد

صناعة الحديد.. مدخل أساسي  لعشرات الصناعات الأخرى ويعمل بها ملايين العمال

وبالنظر إلى هذه الصناعات المهمة التى يعمل بها ملايين العمال والمهندسين والفنيين بشكل مباشر، كما يستفيد منها ملايين آخرى بشكل غير مباشر، فصناعة الحديد والصلب مثلا تدخل بشكل أساسي في صناعات السيارات والأدوات الكهربائية والأجهزة المنزلية بأنواعها والعقارات، كما أن كل هذه الصناعات ترتبط بصناعات أخرى تستفيد منها وتعتمد عليها، تحتاج لرصدها من الوقت والجهد الكثير، إذن نحن أمام صناعات هامة جدا وضرورية جدا للنمو الاقتصادي العام، ولا يمكن لأي بلد يبحث عن الإصلاح الاقتصادي أن يتجاهل دورها ولا يقدم لها  كل ما تريد حتى تستطيع أن تنافس مثيلاتها في العالم وتحافظ على وجودها أصلا كصناعة محلية وطنية تلبي احتياجات السوق المحلي المتعطش لها في ظل وجود 25 مدينة جديدة يتم بنائها، بالإضافة إلى مئات المشروعات الأخرى التى تحتاج هذه الصناعة مثل الكباري والطرق مثلا، إلى جانب عاصمة إدارية ضخمة تتعطش أيضا لمنتجات هذه الصناعة.

 

تحديات تواجه صناعة الحديد والصلب والصناعات كثيفة الإستهلاك للطاقة

تواجه صناعة الحديد والصلب وباقي الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة العديد من التحديات، يعد أهمها ارتفاع سعر الطاقة سواء من الكهرباء أو الغاز، وهو ما يجعلها غير قادرة على منافسة مثيلاتها في الأسواق العالمية، ويؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتج النهائي بالسوق المحلي وأسواق التصدير، وهو ما يؤدي بدورة إلى أن تخسر الصناعات الوطنية أسواق تصديرها في أغلب الأحيان لصالح دول أخرى تدعم صناعتها المحلية إما بتخفيض سعر الطاقة من الكهرباء والغاز أو حتى بيعها بالسعر العالمي الذي يشهد انخفاضا حادا في الوقت الحالي بسبب جائحة كورونا وتوقف أغلب المصانع في العالم.

وزير الكهرباء المهندس محمد شاكر

وعلى سبيل المثال يصل سعر الكيلو وات ساعة من الكهرباء - على شبكة الجهد الفائق- المورد للمشروعات الكبيرة والصناعات الثقيلة كصناعة الحديد والصلب فى مصر إلى 103 قرش «أى ما يعادل 5.7 سنت/ يورو»، مقابل أن سعر الكهرباء للصناعات الكبيرة فى دول الاتحاد الأوروبى لا يزيد عن 2.5 سنت/ يورو «أى ما يعادل 43 قرشا» للكيلو وات ساعة، هذا يعنى أن سعر توريد الكهرباء فى مصر للصناعة الثقيلة يعتبر أعلى من ضعف سعر الكهرباء فى الاتحاد الأوروبى، وهو ما يؤكد أن الصناعة فى مصر تُحمل بأعباء إضافية كبيرة يصعب فى ظلها الاستمرار فى الإنتاج والمنافسة بالتصدير.

وبالنسبة للغاز، الذى يُعد مُدخَل إنتاج لا بديل عنه فى صناعة الحديد والصلب والأسمدة، فأسعار توريد الغاز الطبيعى لصناعة الصلب فى مصر تعتبر مرتفعة جداً بالمقارنة بالأسعار الاقليمية والعالمية، ففي حين أن سعر توريد الغاز الطبيعى «للمليون وحدة حرارية بريطانية» للصناعات الكبرى فى أوروبا لا يتجاوز 1.4 دولار أمريكى، وفى الولايات المتحدة الأمريكية 1.84 دولار أمريكى «مايو 2020»، نجد أن سعر الغاز لصناعة الصلب الوطنية في مصر هو 4.5 دولار أمريكى.

ارتفاع سعر الطاقة يهدد استمرار الصناعة الوطنية ويحرمها من المنافسة

ويعلم الجميع أنه لا يمكن لأى صناعة أن تكون لديها قدرة تنافسية ما لم تكن تحصل علي الطاقة اللازمة لها بأسعار على الأقل متساوية مع الأسعار العالمية، وإلا سيؤدي ذلك إلى تراجع إنتاجها وقد تضطر للتوقف التام، فهذا السعر كفيل بتدمير صناعة الحديد والصلب العريقة مهما كانت متقدمة تكنولوجياً.

كما أن أغلب الدول الكبرى تنتهج سياسة تقديم الطاقة بأسعار تنافسية لصناعاتها الثقيلة مثل الحديد والصلب والأسمنت والأسمدة والألومنيوم وغيرها، لأنها تُدرك أن الصناعة القوية والناجحة هى القادرة على النهوض بالاقتصادات باعتبارها قاطرة نمو هامة وسبب أساسى فى فتح أسواق جديدة وتوفير عملات أجنبية والحد من عجز الميزان التجارى من خلال زيادة حجم الصادرات، وخفض الواردات.

رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولى

 ماذا تريد المصانع من الحكومة؟

ومؤخرا تقدم كبار الصناع في مجالات الحديد والصلب والأسمنت وباقي الصناعات كثيفة الاستهلال عبر العديد من القنوات الرسمية، بمطالب محددة للحفاظ على هذه الصناعات المهمة ومنحها "قبلة الحياة" لتحافظ على بقائها، وسط كل هذه المعوقات، سواء المنافسة غير الشريفة وغير المتكافئة من الصناعات المثيلة في الدول الأخرى مثل أوكرانيا وتركيا والصين وغيرها، التى تدعم الطاقة بشكل كبير لمصانعها وتحميها من الصناعات المنافسة تجاريا بإجراءات حاسمة بشكل دوري وحاسم .

 

نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة

وكان آخر هذه المطالب ما تقدم به الصناع ويعدوه حاليا من مذكرة بكل مطالبهم ردا على مذكرة أخرى تقدمت بها وزيرة التجارة والصناعة إلى الصناع لمعرفة مطالبهم لدعم الصناعة، ويلخص الصناع مطالبهم في الآتى:

مراجعة أسعار الغاز كل 3 أشهر

خاصة المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، خصوصا وأن وزيرة التجارة والصناعة الدكتورة نفين جامع وعدت خلال اجتماعها برجال الأعمال منذ أيام بمخاطبة المجلس الأعلى للطاقة باعتبارها عضو فى لجنة تسعير الطاقة والممثلة من الوزارات المعنية برئاسة مجلس الوزراء للنظر فى شكاوى الصناع من ارتفاع أسعار الغاز والتوصل إلى حلول بعد بحث الأمر داخل اللجنة والتى تجتمع كل 6 أشهر لمراجعة أسعار الطاقة والاجتماع المقبل أكتوبر من العام الجارى.

كما يطالب الصناع أن يتم

تخفيض سعر الكهرباء

للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة إلى ما لا يزيد عن 3 سنت/ يورو للكيلو وات ساعة وأن يتم تخفيض سعر الغاز إلى ما لا يزيد 2.5 دولار أمريكى للمليون وحدة حرارية بريطانية، كما يجب المراقبة الدورية للرسوم الحمائية على الواردات من الحديد والصلب التى تغرق السوق المحلي، حيث إن غياب الحماية الجمركية على واردات مصر من البيليت وحديد التسليح وضعف التعريفة الجمركية المفروضة على مسطحات الصلب «5%» يعرض الصناعة الوطنية لمخاطر خسارة أسواقها المحلية لصالح المنتجات الأجنبية، لذلك لابد من فرض رسوم جمركية ثابتة  بنحو 20% على كل من البيليت ومسطحات الصلب و25% على حديد التسليح لحماية الصناعة الوطنية، وذلك فى إطار ما يسمح به سقف التعريفة الجمركية لمصر فى اتفاقها مع منظمة التجارة العالمية.

طارق عامر محافظ البنك المركزي

ويشكو عدد كبير من الصناع أيضا من عدم توافر فرص التمويل الضرورية حاليا للمصانع بعد نقص السيولة الشديد لديها نتيجة تداعيات أزمة كورونا وتراجع إيراداتها المالية في ظل استمرار قيمة المصروفات للحفاظ على العمالة تزامنا مع توقف التصدير وأغلب أعمال الشركات المحلية بسبب الإجراءات الاحترازية لمواجهة أزمة فيروس كورونا، ولذلك

يطالب الصناع بضرورة تخفيض سعر الفائدة بالبنوك

وتسهيل إجراءات منح االقروض لتمويل المصانع ومشروعاتها والحفاظ على توادها في السوق العالمي، حيث قام معظ الدول بتخفيض أسعار الفائدة على القروض حتى وصلت إلى الفائدة السالبة في بعض الدول لتشجيع البنوك على منح القروص وتشغيل المصانع ودعم الاقتصاد الوطنى.

ورغم أن الحكومة ممثلة في البنك المركزي قامت بتخفيض كبير في أسعار الفائدة إلى 11.8% في إبريل 2020 مقابل  16.8% فى أبريل 2019، إلا أن مستويات أسعار الفائدة في العالم أقل من ذلك بكثير حتى وصلت فى بعض الدول لمستوى صفر وأحياناً لمستويات سالبة، وكان الهدف من هذا الانخفاض تحفيز الأنشطة الصناعية والاقتصادية على الاستمرار فى ظل أزمة عاتية تعصف بالاقتصاد العالمى، والحديث حالياً الذى يسيطر على الأوساط الاقتصادية العالمية هو الحديث عن أسعار الفائدة الصفرية، والسالبة، لذلك يطالب الصناع باستمرار تخفيض سعر الفائدة تدريجيا لتصبح بالتدريج 8% ثم 5% حتى نقترب من الأسعار العالمية.

وأخيرا هل ستستجيب الحكومة لهذه المطالب سريعا لحماية الصناعة الوطنية والحفاظ على ما حققته طوال سنوات سواء في الداخل أو في الخارج؟ هذا ما سوف نراه قريبا.

 







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة