أثار اشتراط مدينة الكرم فى تونس، تقديم شهادة باعتناق الدين الإسلامي من قبل الرجل غير المسلم للزواج بامرأة تونسية، ضمن الوثائق المطلوبة لإبرام عقد زواج، جدلا واسعا خاصة بعدما تم سابقا إلغاء العمل بالمواد الصادرة في 1973 والتي كانت تمنع زواج التونسية المسلمة بغير مسلم، ونشرت مدينة الكرم أمس الأربعاء على صفحتها بموقع "فيسبوك" قائمة الوثائق المطلوبة لإبرام عقد الزواج، والتي تضمنت شهادة باعتناق الدين الإسلامي من مفتي الجمهورية التونسية إن كان الزوج غير مسلم ويرغب في الزواج بامرأة تونسية مسلمة.
وحول قانونية هذا الإجراء ، قال رئيس بلدية الكرم فتحي العيوني لوكالة تونس إفريقيا للأنباء ، إن اشتراط بلدية الكرم تقديم الرجل غير المسلم المرشح للزواج بامرأة تونسية مسلمة شهادة باعتناقه الدين الإسلامي للسماح له بإتمام عقد الزواج "ليس مخالفا للقانون".
وأوضح أن إلغاء العمل بالمواد الصادرة في 1973، إثر إعلان الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي في 2017 إلغاء الموانع القانونية لإبرام عقد زواج تونسية مسلمة بغير مسلم "لا يلغي الموانع الشرعية لإبرام هذا الزواج وفقا للفصل 5 من مجلة الأحوال الشخصية".
وأضاف إن الفصل 5 من صحيفة الأحوال الشخصية ما زال ساري المفعول ولا يمكن إلغاؤه بمنشور، باعتبار أن القانون أعلى درجة من المنشور، لافتا إلى أن الفصل الخامس نصص على وجوب خلو كل من الزوجين من الموانع الشرعية كالرضاعة من نفس المرضعة أو اختلاف الدين.
وقال إن كل ما سبق الحديث عنه بشأن إلغاء جميع الموانع لإبرام عقد زواج تونسية مسلة بغير مسلم هو "مغالطة قانونية للرأي العام ودعاية سياسية في تلك الفترة لاستقطاب النساء تحت ذريعة تعزيز حقوق المرأة بينما لم يتم في الواقع إلغاء الموانع الشرعية لإبرام عقد الزواج".
وذكر أن الموانع الشرعية التي نص عليها الفصل 5 من صحيفة الأحوال الشخصية كان قد دونها سابقا رجل الدين التونسي وأول مفتي للجمهورية التونسية محمد عبد العزيز جعيط وتتمثل في عدة موانع منها منع زواج تونسية مسلمة بغير مسلم، شريطة الاستظهار بشهادة في اعتناق دين الإسلام.
وتابع العيوني "أنا بصدد تطبيق القانون وليس لدي أي أجندا دينية أو إيديولوجية وإذا تم حذف الفصل 5 من صحيفة الأحوال الشخصية سنلتزم بتطبيق القانون"، مذكرا بأن الفصل الرابع من مجلة الجماعات المحلية ينصص على أنه لا يكتب عقود الزواج إلا طبقا للقوانين الجاري بها العمل.
وأفاد أن اشتراط تقديم شهادة في اعتناق الدين الإسلامي من قبل غير المسلم المرشح للزواج بامرأة تونسية مسلمة فيه حماية للزوجين وحماية لضابط الحماية المدنية، مشيرا إلى إمكانية تعرّض رئيس البلدية للتتبعات من قبل الزوجين في حال نشبت خلافات بينهما بعد الزواج تعقد عملية طلاقهما في ما بعد.
من جهتها اعتبرت رئيسة لجنة الحقوق الفردية والمساواة السابقة والناشطة الحقوقية بشرى بالحاج حميدة ، أن ما قام به رئيس مدينة الكرم "مخالف للقانون".
وقالت في هذا الصدد لوكالة تونس إفريقيا للأنباء إن "رئيس بلدية الكرم يتمرد على القانون ويقوم بتأسيس دولة داخل دولة".
وأكدت أنه تم في سنة 2017 بقرار رئيس الجمهورية الراحل الباجي قايد السبسي إلغاء جميع النصوص القانونية المانعة لإبرام عقد زواج بين رجل غير مسلم بتونسية مسلمة، مشيرة إلى أن عدم احترام رئيس مدينة الكرم لإلغاء موانع الزواج يجعله محل متابعة قضائية لفعل يستوجب العقاب.
وأشارت إلى أن صحيفة الأحوال الشخصية لم تنص بتاتا على منع زواج رجل غير مسلم بإمرأة تونسية مسلمة وأن المناشير الصادرة في 1973 والمانعة لتحرير عقود زواج بينهما مخالفة للقانون باعتبار أنه لا يمكن للمنشور أن يمنع ما يسمح به القانون.
وحول رأيها في الحديث عن وجود موانع شرعية لإبرام عقد زواج تونسية مسلمة برجل غير مسلم إذا لم يستظهر بشهادة في اعتناق الإسلام، قالت بشرى بالحاج حميدة إن الموانع المؤبدة أو المؤقتة المنصوص عليها في الفصل 14 من مجلة الأحوال الشخصية لم تتحدث عن منع زواج مسلمة بغير مسلم.
وقسّم الفصل 14 من صحيفة الأحوال الشخصية موانع الزواج إلى قسمين مؤبدة ومؤقتة.
وتتعلق الموانع المؤبدة أو الدائمة بمنع الزواج في حالة القرابة أو المصاهرة أو الرضاع (الرضاعة من نفس المرضعة في الحولين الاولين لانهما يصبحان اخوين في الرضاعة) أو التطليق ثلاثا.
أما الموانع المؤقتة فتتعلق بمنع إبرام الزاوج إذا كان الرجل أو المرأة المرشحان للزاوج تربطهما علاقة زوجية قائمة وبالتالي لا يمكن لهما الزواج ثانية إلا بانفصال الزواج الأول بطلاق أو بوفاة مع إثبات ذلك قانونا إما بحكم بات ونهائي في الطلاق أو بمضمون وفاة للقرين الاول، فضلا عن منع إبرام الزواج خلال فترة العدّة التي لا يمكن للمرأة خلالها أن تتزوج إلا بعد انقضائها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة