النسر أكثر الطيور حظوة باهتمام الإنسان فى الزمن القديم، وأشدها ارتباطاً بهواجسه، أضفى عليه من الصفات، وربطه بأفكاره حد القداسة وهو أكبر طائر من الجوارح، يعيش في آسيا وأوروبا وأفريقيا، ويتميز بأجنحته الطويلة التي تحركها عضلات قوية مما يجعله قادراً على الطيران عالياً لمسافات طويلة، وحتى اليوم تجد أن النسر يحظى بتقدير الكثير، فهو رمز العلم المصرى، ودائما ما يرمز إلى القوة ، والحضارات القديمة ومن بينها المصرية كانت تحمل اهتماما للنسر وصل حد التقديس، وخلال التقرير التالى نوضح صورة النسر فى الحضارات القديمة:
الفراعنة
النسر فى الحضارة الفرعونية كان يرمز إلى الإلهة ناخبيت كانت إلهة النسر وتمثل مصر العليا التى تمتد إلى أسوان، وكانت تعتبر حامية الفرعون، وكانت تظهر دوما بجناحيها الممتدان دلالة على الحماية، كما أشاروا وقتها إليها على أنها من الأمهات، وظهر هذا النسر دوما خلف تاج الفرعون.
وبحسب الباحثين، فإن من بين الطيور التى تبقت من العالم القديم،النسر النوبى، حيث جاءت النقوش الفرعونية على جدران المعابد في محافظة الأقصر، لتظهر لنا مدى تقديس ذلك الطير خاصة في عصور الدولة القديمة، فقد ارتبطت بالآلهة "نخبت" ربة الكاب، آلهة مصر العليا، كحامية للملك، صورها المصري القديم على هيئة أنثى النسر على رأسها التاج الأبيض، كما أرتبط بالآلهة "موت" التي يرمز لها بأنثى النسر، أو امرأة على رأسها التاج المزدوج.
الإغريق
وفي حضارة بلاد اليونان القديمة، ارتبط النسر النوبي بالإله "زيوس" أبو الآلهة والبشر عند الإغريق، الذي كان يحكم آلهة جبل الأوليمب باعتباره الأب الوريث، وكان يطلق عليه "إله السماء" الذي يخشاه الإغريق كثيرا، لأنه يتحكم في قوى الطبيعة الرهيبة كالبرق والرعد، وعادة ما كانوا يصورونه على هيئة رجل ملتح وقور يحمل في يده الصاعقة، وعلى اليد الأخرى يقف نسر ضخم فارد جناحيه، أو جالس يمسك صولجانه وبجوار قدمه يقف ذلك الطير.
وداى الرافدين
ووفقا لدراسة " أسطورة النسر والبحث عن الخلود في الشعر الجاهلي" للباحث إحسان الديك، نشر فى مجلة "العلوم الإنسانية والاجتماعية" المجلد 37 سنة 2010، وفي حضارة وادي الرافدين القديمة يظهر إله الصاعقة (زو) بمخالب النسر، واتخذه العرافون والكهنة وسيلة للفأل والتنبؤ وريشه بالغيب، واعتقدوا بأنه "إذا مر نسر من جانب الملك الأيمن إلى الأيسر، فإن الملك سوف ينتصر أينما ذهب، وإذا أمسك نسر بسمكة أو طير، وحلق بها بعيداً، ثم افترسها أمام رجل، فإن الأخير سوف يتعرض لخسارة، وإذا أكل نسر حمامة فوق بيت رجل ثم ترك منها شيئاً فإن صاحب الدار سوف يزداد ثراء".
العرب قبل الإسلام
وتذكر الدراسة سالفة الذكر أيضا أن الجاهليين العرب ومروياتهم تؤكد أن النسر أو نسرا كان من آلهتهم القديمة، فقد عبدوه، واتخذوا له صنماً على صورة النسر، فهو أحد أصنام نوح عليه السلام التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في قوله عز وجل: "ولاتذرن وداً ولا سواعا، ولا يغوث ويعوق ونسرا"، وهو صنم بأرض حمير، وباسم هذا الإله تسمت بطون من حمير مثل: "(النسور) و(ذو النسور) و(وأهل النسور) ومنه أطلقه على "اليمن متضمنة الشام ولبنان وفلسطين بلاد ذي نسور.
وكانت تلبية من نسك له – كما يقول ابن حبيب- "لبيك اللهم لبيك، إننا عبيد، وكلنا ميسرة عتيد، وأنت ربنا الحميد، أردد إلينا ملكنا والصيد" وكانوا يقدمون له القرابين، وكانوا يقسمون به وبالدماء التى تراق عليه، وقرنوه بالعزى كبير ألهتهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة