ـ استنفار أمني تحسباً لردود الأفعال على الحكم في قضية الاغتيال.. وقلق وتوتر بين اللبنانيين
ـ السفير المصري لـ"اليوم السابع": لن نتخلي عن لبنان حتى ننتهى الأزمة.. وشحنة جديدة من المساعدات تصل الأربعاء
ـ المدير الإقليمى لليونيسف يتجول بالمدينة المنكوبة.. ويؤكد لـ"اليوم السابع": نقف إلى جانب اللبنانيين ورصدنا 46.3 مليون دولار لتقديم العون
حالة من الترقب يعيشها اللبنانيين قبل ساعات من قرار محكمة لاهاي الدولية في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريري، في وقت لا تزال فيه السلطات اللبنانية تجري تحقيقاتها في تفجير مرفأ بيروت الذى خلف وراءه آلاف من القتلى والجرحي، بعد حادث فتح الباب واسعاً أمام تحقيقات تشارك فيها العديد من الدول.
وتوجه زعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، نجل رئيس الوزراء اللبناني المغتال، ورئيس الوزراء الأسبق إلى لاهاي لحضور الحكم في قضية والده.
وعلى صعيد التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت، انتهت جهات التحقيق مساء الاثنين من استجواب مدير الجمارك بدري ظاهر، وأصدرت مذكرة توقيف بحقه بعد 4 ساعات متواصلة من التحقيق، وهو القرار الذى جاء بعدما قال الرئيس اللبناني ميشال عون أن التحقيقات ربما تمتد لفترة لما تشهده من تعقيدات. وتابع: "بالطبع نريد إنهاء التحقيق بسرعة كبيرة.. لكننا اكتشفنا أن الوضع أكثر تعقيدا بكثير، مما يعنى أن التحقيق لن ينتهى بسرعة كبيرة كما كنا نتمنى ذلك".
وأضاف الرئيس اللبناني: "كل الفرضيات حول سبب انفجار مرفأ بيروت لا تزال قائمة"، مبينا أنهم بحاجة إلى الوقت لمعرفة الحقيقة كونها متشعبة وكل الفرضيات لا تزال قائمة، وشدد على أنه لا يمكن التهاون بأى فرضية.
مراسلة اليوم السابع فى قلب بيروت الزميلة إيمان حنا
وفى بيروت ، حيث سقطت لافتة "من قلبي سلام لبيروت" وسط حطام المرفأ، الذى خلف انفجاره 6500مصاب و178متوفيا ، تكشف كافة المؤشرات إلى أن لبنان على موعد مع تحقيقاً دولياً مفتوحاً ، في ظل غياب حكومة يمكن الوثوق بها من قبل اللبنانيين.
ومازالت التحقيقات جارية ويشارك محققون أجانب بينهم فرنسيون فى التحقيقات التي تجريها السلطات اللبنانية، بعد رفضها إجراء تحقيق دولي، ولكن ثمة مؤشرات على أرض الواقع تشير إلى أن مشاركة فرق دولية فى التحقيقات بشأن الانفجار بات فى حكم المؤكد ..
فى الوقت الذى تؤكد مصادر مطلعة ببيروت أن أصابع الاتهام من قبل جهات داخلية وخارجية تشير لضلوع حزب الله المدعوم من طهران بالمسئولية ، حيث إنه يتمتع بنفوذ كبير داخل المرافق الحدودية وبينها المرفأ والمطار، إلى جانب تحكمه بمعابر غير شرعية مع سوريا المجاورة، يدخل عبرها الأسلحة. إلا أن الحزب ينفي الاتهامات كافة. وكان نصرالله نفى الأسبوع الماضي أن يكون لحزبه أي أسلحة أو مخازن في المرفأ.
آثار الانفجار ما تزال حاضرة وسط قلق من طول أمد التحقيقات
ووفق حديث ديفيد هيل، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية الذي وصل إلى بيروت الخميس، فإن فريق من مكتب التحقيقات الفيدرالى سيصل نهاية الأسبوع الجارى للانضمام إلى محققين لبنانيين ودوليين في التحقيق فى حادث المرفأ، مشيراً إلى ضرورة إجراء تحقيقات شفافة و أن بلاده تؤكد على الحاجة لإصلاج جذرى في لبنان.
كما يشارك محققون من دول عدة أبرزها فرنسا في التحقيقات التي أعلنت السلطات اللبنانية فتحها، ولم تعلن السلطات توصلها إلى أي نتائج بعد حول مسببات الانفجار.
وطالب هيل بتحقيق شامل وشفاف وموثوق به، وقال:" لا يمكن العودة لعصر كان يحدث فيه أى شئ على المرفأ أو حدود لبنان وهو ما أسهم فى هذا لوضع".
وعقد هيل خلال زيارته اجتماعات مع قادة سياسيين وجماعات من الشباب والمجتمع المدني، وأكد استعداد الولايات المتحدة لدعم أى حكومة تعكس إرادة الشعب و"ملتزمة حقا" ببرنامج الإصلاح هذا.
وأضاف أن لبنان سيتلقى الدعم المالي عندما ينفذ قادته إصلاحات وحثهم على الاستجابة لمطالب شعبهم المتعلقة بحسن الإدارة وإنهاء الفساد. وأكد انه عندما نرى التزام المسؤولين اللبنانيين بالتغيير الحقيقي بالقول والفعل فستستجيب أمريكا وشركاؤها الدوليون لتلك الإصلاحات المنهجية بدعم مالي مستمر".
وفيما لم تصدر أي نتائج حتى الآن عن لجنة التحقيق التي وعد المسؤولون أنها ستكشف من المسئول عن هذه الجريمة، مازال المحققون يستمعون إلى أقوال المسئولين الإداريين والعسكريين، وتشمل التحقيقات وزراء تعاقبوا على وزارة الأشغال والمال وقد وجه القاضي غسان عويدات مدعي عام التمييز اتهامات لأكثر من 25 شخصا، من بينهم مسؤولون في مرفأ بيروت والجمارك والأمن، وأكدت مصادر قانونية انه ستتم إحالة المشتبه بهم إلى محكمة جنائية ، بينما أكدت مصادر قضائية إن عددا من هؤلاء قيد الاحتجاز في مستودع بمرفأ بيروت.
ويدفع الشارع اللبنانى باتجاه تحويل القضية لتحقيق دولى فرغم مشاركة فرق من بلدان مختلفة إلا أنه مازالت التحقيقات تحت إشراف الدولة اللبنانية، وتسود حالة من الشك وعدم الثقة فى المؤسسة القضائية بلبنان وتحقيقات النظام المحلى.
وقال عدد من المواطنين اللبنانيين لـ"اليوم السابع" إن التحقيقات المحلية لن تقود إلى نتيجة، حيث قالت المواطنة باتريسا زينون:" لا وصلوا لشئ ولا هيوصلوا وبلا التحقيق الدولى حقوق الشهداء والشعب كله هتضيع"، ولم تختلف رسالة مابيلا كثيرا عن ما قاله لنا إبراهيم مهدى: "المسئولين لن يهتموا بحالنا ولا بحال اللى ماتوا أو المصابين ولا يعنيهم أمرنا ..لا نثق فى القضاء اللبنانى نريد تحقيق دولى لكشف الفاسدين ".
رئيس نقابة عمال الافران فى بيروت وجبل لبنان
وعلى هامش التحقيقات في تفجير المرفأ، وحالة الترقب في انتظار الحكم بقضية الحريري، تتزايد معاناة اللبنانيين وسط انهيار تام للاقتصاد، وتفاقم لأزمة كورونا حيث حذر مسئولين من امتلاء شبه تام للمستشفيات.
وأصدرت وزارة الصحة اللبنانية توصية بالإغلاق العام في كافة أرجاء لبنان في سبيل احتواء تفشي فيروس كورونا، وذلك بعدما ارتفعت أعداد المصابين بالوباء في غضون الآونة الأخيرة بصورة كبيرة.
وقال وزير الصحة اللبناني حمد حسن – في تصريحات له في أعقاب اجتماع اللجنة العلمية الطبية بالوزارة – إن المرحلة الراهنة من انتشار فيروس كورونا تتسم بالخطورة الشديدة، في ضوء التفشي الوبائي في كل المناطق اللبنانية من دون استثناء.
وأضاف: "الموضوع مسألة حياة أو موت، لذا يجب الالتزام بارتداء الكمامة في أي مكان يتم التنقل فيه بدءا من أماكن العمل إلى المحال التجارية وأماكن أنشطة الجمعيات والهيئات الإنسانية والدولية التي تقدم الإعانات إثر انفجار ميناء بيروت البحري، فالمطلوب في أي مكان التباعد الاجتماعي والسلوك الوقائي والنظافة الشخصية. إننا وصلنا إلى شفير الهاوية ولم يعد لدينا ترف الوقت وعدم الالتزام بالإجراءات، لذا المطلوب التعاون والمسئولية، وإلا فإننا سنكون في الكارثة".
واستعرض وزير الصحة التوصيات التي جرى التوصل إليها للتعامل مع فيروس كورونا والتي سيتم رفعها إلى مجلس الوزراء، وفي مقدمها الإغلاق العام لمدة أسبوعين باستثناء العاصمة بيروت كونها تخضع لحالة الطوارئ.
ومع استمرار الأزمة ، واصلت الدولة المصرية مساعداتها المقدمة للشعب اللبناني، حيث استقبل مطار رفيق الحريرى صباح الاثنين الطائرتين الثامنة والتاسعة ضمن الجسر الجوى الذى تم تدشينه بداية الشهر الجاري.
وفد من السفارة المصرية والمحلقية العسكرية فى انتظار المساعدات
وحملت الطائرتان 28 طنا من المواد الغذائية والإغاثية ، وكان فى استقبال الشحنات لدى وصولها مطار رفيق الحريرى السفير المصرى بلبنان الدكتور ياسر علوى، ووفد من الملحقية المصرية العسكرية.
وفى تصريحات لـ"اليوم السابع"، قال السفير المصري إن الدولة وجهت بتقديم كافة أشكال الدعم لشعب لبنان ومصر لن تتخلى عن أشقائها حتى يجتازون محنتهم، مشيراً إلى أن طائرة مساعدات آخري من المقرر وصولها الأربعاء.
بدوره، قال المدير الاقليمى لمنظمة اليونيسف تيد شيبان لـ"اليوم السابع" على هامش زيارته إلى بيروت: إننا نقف إلى جانب اللبنانيين وسنسهم فى إعادة الإعمار ونقدر ما يحتاجه اللبنانيون لذلك واستطعنا انقاذ الاطفال والامصال بمستشفى الكارتينا.
وتابع "شيبان": جئنا لنحمل رسالة إلى اللبنانيين مفادها نحن معكم، هناك آلاف الأطفال تأثروا بشكل كبير من الانفجار، وهناك 120 مدرسة تعرضت لدمار ضخم، ولن نتخلي عنكم، ورصدنا ميزانية تقدر بـ46.3 مليون دولار من المساعدات".
المدير الاقليمى لمنظمة اليونيسف تيد شيبان
وأمام حالة التضامن العربي والدولي مع لبنان ، واصل اللبنانيون مبادراتهم الشخصية للمساهمة في رفع آثار الانفجار وحل الأزمة دون تدخل من الجهات الحكومية، حيث توجه الشباب والفتيات وحتى كبار السن إلى المناطق المتضررة فى بيروت وتوزعوا في مجموعات صغيرة لرفع آثار الانفجار.
وتحدث عدد من اللبنانيين لـ"اليوم السابع"، حيث قالت لارا جبران:" ليس لدينا دولة، لو كان لدينا دولة فعلاً لكانت أرسلت من ينظف ويعمل معنا لتنظيف الشارع".
وفي حي مار مخايل، النقطة الأقرب إلى مرفأ بيروت والتي لطالما كانت ملتقى للشباب، لم يبق شيء على حاله غداة الانفجار الضخم. أبنية تراثية عمرها مئات السنين تصدّعت، حانات ودور عرض تطايرت واجهاتها وتبعثرت مقتنياتها وسط الشارع.
وتوافد الشباب إلى المكان لمعاينة ما حل به من دمار، ومساعدة سكانه على تنظيفه.
ويقول محمد عمر: ندعم أشخاصاً ببيوت العجزة والمعوقين لنساعدهم على إيجاد منازل ينامون فيها، نساعدهم أيضاً على تنظيف الشوارع والمنازل
وتحول ميدان الشهداء ليس فقط إلى نقطة ارتكاز تجمع المتظاهرين ولكن أيضا نقطة التقاء الجمعيات والمجموعات الشعبية التى تجمع المساعدات لتوجيهها للأسر المحتاجة ، من بين تلك الجمعيات النجدة الشعبية اللبنانية ، فمن داخل ساحة الشهدان تحدثنا إلى نوال شحادة إحدى المتطوعين فى تلك الجمعية ، والتى اكدت لليوم الساب انه تم إنشاؤه عقب الانفجار مباشرة، نوال ربة منزل تسكن فى منطقة بعيدة عن بيروت ولكنها قررت النزول إلى الميدان لمساعدة أشقائها،
وأوضحت أن فرق الجمعية توجهت مباشرة للمنازل وساهمت فى رفع الزجاج والمخلفات أيضا تقدم المساعدات الغذائية وقدمت العلاج للمصابين فى مستشفى ميدانى بساحة الثورة فور وقوع الانفجار، قال نوال:" بكيت وقت اللى عرفت بالحادث وجريت على بيروت ومن وقتها أنا هون لنجدة الاسر المنكوبة، احنا مالنا إلا بعضنا ".
من جانبه أضاف شحادة المصرى رئيس نقابة عمال الأفران فى بيروت وجبل لبنان، أنهم حرصوا على تقديم العون والمساعدات للمتضررين من الحادث ، ويعتمدون على تبرعات اللبنانين ويتم تجميعها وشراء مستلزمات هذه الأسر المنكوبة ، وفرق من النقابة ذهبت لتنظيف المنازال أيضا فى الجميزة ومارمخايل ، وأكد أن اللبنانيين شعب قوى وهينهض وبيروت لن تموت .
وقالت لارا سليمان من أسرة أحد الضحايا الذين سقطوا جراء الحادث:"جو زنون كان أحد أعضاء الفرق الإطفائية الذين شاركوا فى إطفاء حريق المرفأ وأضافت: "ضلينا نبحث عن جثته أو أشلاءه وفى النهاية لم نجد منه إلا قدم واحد لندفنه".