يملك بعض الكتاب قدرة على قراءة المستقبل، يستطيعون أن يروا الإشارات المبثوثة فى الأحداث ومن ذلك كتاب "ساعتنا الأخيرة.. إنذار من عالم" لـ مارتن ريز، الذى صدر بالإنجليزية فى عام 2003 بينما ظهرت ترجمته العربية فى عام 2006 والذى يعرض لمجموعة من الكوارث التى نتعرض لها فى القرن الواحد والعشرين، مؤكدا أن القرن سيكون خطيرا، وأن الأسوأ لم يأت بعد، فقد تقوم القيامة بالفعل.
يقول الكتاب تحت عنوان "تهديدات ما بعد 2000 الإرهاب والخطأ" خلال عشرين عامًا سيصبح من الممكن بسبب إرهاب بيولوجى أو خطأ بيولوجى قتل مليون فرد.
ويستعرض الكتاب الأخطار ومنها "الإرهاب النووى المتضخم" ويرى أنه أحد المخاطر الرئيسية، فقد حولت رواية توم كلانسى "ذروة مخاوفنا" إلى فيلم عرض فى 2002، والفيلم يصور تدمير استاد ملعب كرة مزدحم باستخدام جهاز نووى مسروق، والطاقة النوويّة تكون أكثر كفاءة بملايين المرّات عن المتفجرات الكيماوية عندما تقاس منسوبة لكل كيلو جرام بالوزن.
التهديدات البيولوجية
وهناك مخاطر أكثر ازعاجًا من المخاطر النوويّة وهى المخاطر المحتملة التى تنشأ عن الميكروبيولوجيا والوراثيات، وقد استمرت دول عديدة لعقود من السنين وهى تنفذ برامجًا أساسية وسرية إلى حد كبير لإنشاء أسلحة كيماوية وبيولوجية.
وهناك خبرة تتزايد فى تصميم ونشر الجراثيم المميتة، وكان الاتحاد السوفيتى مشغولًا فيما مضى من سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين بحشد أكبر ما حُشد قط من الخبراء العلميين لإنشاء أسلحة بيولوجية وكيماوية.
فيروسات مهندسة
نتجت كل أوبئة ما قبل سنة 2000 عن جراثيم مرضية موجودة طبيعيًا، فيما عدا الاستثناء المحتمل للإطلاق الروسى للأنثراكس فى 1979، إلا أنّ التهديد البيولوجى صار أشد خطرًا بسبب تقدم البيوتكنولوجيا، أصدرت الأكاديمية القومية للعلوم فى الولايات المتحدة تقريرًا فى يونيو 2002، وحسب هذا التقرير فإن هناك قلة معدودة من الأفراد ذوى المهارات المتخصصة والقدرة على التوصل إلى المعامل يستطيعون أن ينتجوا بثمن رخيص وبسهولة مجموعة مكتملة من الأسلحة البيولوجية المميتة التى قد تهدد تهديدًا خطيرًا.الأخطاء المعملية
يثور القلق بما يكاد يماثل ذلك نتيجة تزايد المخاطر النابعة عن الخطأ والنتائج غير المتوقعة فى التجارب، بدلًا من أن يحدث ذلك نتيجة نية شريرة.
حدث فى أوائل عام 2001 أثناء إجراء هذه التجارب، أنهما عن غير عمد خلَّقا سلالة جديدة من جدرى الفئران لها قدرة عالية لإحداث العدوى: وماتت كل فئران معملهما. كانا قد أضافا جينا ينتج بروتينًا هو (انترليوكين-4) يعزز من انتاج الأجسام المضادة ويكبت الجهاز المناعى فى الفئران؛ وترتب على ذلك أنه حتى الفئران التى سبق تطعيمها ضدّ جدرى الفئران قد ماتت هى أيضًا .
هل لو كان هذان العالمان يعملان بدلًا من ذلك على فيروس الجدرى البشري، هل كان يمكنهما تحويره ليصبح له قدرة أشد للإصابة بالعدوى، بحيث لا يفيد التطعيم فى الوقاية منه؟ حسب ما يقوله ريتشارد بريستون، "الأمر الأساسى الذى يمنع النوع البشرى من تخليق نوع فائق من الفيروسات هو ما يوجد من الإحساس بالمسئولية بين البيولوجيين كأفراد".
هذا النوع من التجارب المعملية، التى تخلق جراثيم مرضية أشد خطرًا مما كان متوقعًا، وربما أشد إصابة بالعدوى مما أنتجته الطبيعة قط، نوع فيه المثل لصنوف المخاطر التى سيلزم على العلماء مواجهتها (والتماس الإقلال منها الأدنى حد) فى مجالات أخرى من البحث. تتضمن هذه المجالات النانو تكنولوجيا (بل وحتّى الفيزياء الأساسية) حيث النتائج قد تكون حتى أكثر كارثية. تعطينا النانوتكنولوجيا وعدًا بآمال عظيمة على المدى الطويل، إلا أنها فى النهاية قد يكون لها مساوئ أكثر حتى من أى خطأ بيولوجي.
نستطيع أن نتصور أنه يمكن تصميم ماكينات نانوية تستطيع تجميع نسخ من ذاتها هى نفسها، وإن كان هذا مازال بعيدًا عن الواقع. وإذا انطلق هذا النوع من التكاثر، سوف ترتفع أعداد هذه الماكينات بزيادة أُسّيّة، حتى ينفد "طعامها".
ولو كان استهلاك هذه الماكينات يجرى بانتقاء بالغ الجودة، فإنها يمكن أن تكون بدائل مفيدة للمصانع الكيميائية، بنفس الطريقة التى يمكن بها "للجراثيم المصممة" أن تكون كذلك. إلا أنّ الخطر ينشأ لو أصبح فى الإمكان تصميم الماكينات النانوية بحيث تكون لها قدرة على الالتهام أشد من أى خلية بكتريا، بل وربما أصبح لها القدرة على أن تلتهم حتى كل المواد العضوية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة